قد كان سيدنا جعفر الصادق له بصر وبصيرة بآيات القرآن ومتعلقاتها ، فقال : عجبت لمن خاف ولم يفزع ، من قوله سبحانه وتعالى : (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
صدق الله العظيم .. فإني سمعت الله يقول بعقبها : (فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ
صدق الله العظيم .وعجبت لمن اغتم ، ولم يفزع إلى قوله سبحانه : (أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ
صدق الله العظيم .. فإني سمعت الله يقول بعقبها :
وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ
صدق الله العظيم .. لأني سمعت الله يقول بعقبها : (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ۖ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ
صدق الله العظيم .وعجبت لمن الطلب وزينتها ، كيف لا يفزع إلى قوله سبحانه وتعالى : (مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ
صدق الله العظيم .. لأني سمعت الله يقول بعقبها : (فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا
صدق الله العظيم .الحالات الأربع التي تصيب الإنسان وأدلتها القرآنية :
وهكذا وجد جعفر الصادق رضي الله عنه ، في كتاب الله أربع آيات لأربع حالات نفسية تصيب البشر ، وجاء مع كل حالة دليلها من القرآن الكريم ، ونحن نعرف أن أول ما يهدد حياة الإنسان هو الخوف ، وقد يكون غير معروف سببه ، ومرة يحدث للإنسان انقباض لا يعرف سببه ، فيقول : أنا صدري منقبض ، ولا أعرف له سببًا ، فهذا غم لا يعرف سببه .وهناك من يخاف من مكر الناس به ، وهناك من يطلب الدنيا ، ويريد أن يكون عنده كذا وكذا من متاعها وزينتها ، فهذه الأحوال التي تعتري الإنسان : إما الخوف ، وإما الغم وكرب يلحق به دون أن يعرف له سببًا ، وإما أن يخاف من مكر الناس به وتآمرهم عليه ، ومرة يشغل نفسه بطلب الدنيا ويسعى إلى تحقيق أهداف محدده ، ويريد أن يترف حياته ، ويرقي معيشته ، ويجهد نفسه في سبيل الحصول على هذه الأشياء .سيدنا جعفر الصادق وعلاج العجائب من القرآن :
فسيدنا جعفر الصادق صنع للمؤمن علاج أخذه من القرآن ، حيث أتي بهذا العلاج للإنسان من خالق الإنسان ، من القرآن الكريم ، والقرآن هو الذكر ، ورب العزة يقول في حديثه القدسي : من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطى السائلين .معان الذكر في القرآن :
وقد وردت معان كثيرة للذكر في القرآن ، وأول هذه المعاني وقمتها ، أن الذكر حين يطلق يراد به القرآن : (ذَٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ
صدق الله العظيم .. وكذلك قوله الحق سبحانه وتعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
صدق الله العظيم .. ويقول الحق سبحانه وتعالى : (وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۚ
صدق الله العظيم .والدعاء طلب من عاجز يتجه به لقادر في فعل يحبه الداعي ، وحين تدعو ربك ادعه مخلصًا له الدين ، بحيث لا يكون في بالك الأسباب ، لأن الأسباب إن كانت في بالك فأنت لم تخلص الدين ، فمعنى الإخلاص : هو تصفية أي شيء من الشوائب التي فيه ، والشوائب في العقائد وفي الأعمال تفسد الإتقان والإخلاص ، وإياكم أن تفهموا أن أحدًا لا تأتي له هذه المسألة .