بدأت خيوط تلك الغزوة ، بواقعة إغارة عيينة بن حصن الفزاري ، وسرقته لبعض الإبل المملوكة للنبي محمد صلّ الله عليه وسلم ، وذلك بعدما هاجم حارسها وقتله ، واختطف معها امرأة أيضًا ، وتلك قصة الغزوة وما فعله المسلمون ، حيث استردوا الإبل ونجحوا في تخليص المرأة ، من الأعداء بعد أن أدركوهم .الأحداث :
كانت الكثير من القبائل العربية ، في فترة الجاهلية قبل دخول الإسلام ، يأملون في نيل هذا الشرف العظيم ، بأن يكون حامل الرسالة من بينهم ، ولهذا بغضت الكثير منها ، محمدًا ومن معه وحاربوهم جميعًا ، دون فهم منهم بأن هذا الأمر ، هو تكليف من الله ، واختيار منه لأنبيائه .وروي عن هذه الغزوة ، بأن عيينة بن حصن الفزاري ، والشهير بالأحمق المطاع ، قد أغار على عدد من الإبل ، على حدود المدينة ، بمنطقة الغابة والتي ترعى فيها ، الإبل التابعة للنبي محمد صلّ الله عليه وسلم ، وعندما أغار عليها الأحمق المطاع ، وجد بها أبي ذر الغفاري ، وزوجته وراعي الإبل أيضًا ، فقتل الأحمق الغفاري وأخذ زوجته ، وهنا رآه غلام يعمل لدى الصحابي ، عبد الرحمن بن عوف ، فانطلق صوب المدينة ليخبر النبي بما حدث .وقع الحادث قبيل الفجر ، وكان أول من رآه الغلام ، هو الصحابي سلمة بن الأكوع ، فأخبره الفتى بما حدث كاملاً ، فانتفض سلمة بن الأكوع ، إلى أعلى جبل إلى جوار المدينة ، وصاح فيها بأعلى صوته ثلاثًا ، (يا صباحاه) فانتبه أهل المدينة ، وكان سلمة قد انطلق من مكانه ، مستلاً سيفه حتى يدرك هذا العدو .تلك الغزوة المفاجئة ، تدور حول الصحابي سلمة بن الأكوع ، الذي انطلق وحده حاملاً سيفه ونبله ، خلف هذا العدو دون أن يخش أحدًا ، وكان سلمة الأكوع شهيرًا بقدرته على الركض السريع ، حتى أنه كان يسبق الخيل ، وهو يركض على قدميه .وما أن بلغ مكان العدو ، حتى صاح فيه بأعلى صوته :أنا ابن الأكوع *** واليوم يوم الرضعوأخذ سلمة بن الأكوع ، يضرب بسهامه نحو العدو وقبيلته ، دون أن يستطيعوا اللحاق به ، فإذا أرادوا النيل منه ، لم يلحقوه وإذا أرادوا التراجع لاحقتهم سهامه ، ثم صعد على جبل قريب ، وأمطرهم بسهامه فخشوه كثيرًا ، واضطروا أن يتركوا خلفهم ، جزء كبيرًا مما سرقوه .بعد أن تخفف السارقون مما سرقوا ، كان قد بدأ الصبح يطلع عليهم ، فجلسوا يستريحوا قليلاً ، فإذا بوابل من أسهم بن الأكوع ، قد أغرقتهم حيث صعد إلى رأس الجبل ، هذه المرة وهو يصيح :خذها وأنا ابن الأكوع *** واليوم يوم الرضعارتعب الجميع من ابن الكوع ، واقترح عليه أن يذهب إليه بعض الرجال ليحدثوه ، وعندما أتوه قال لهم (أتعرفونني أنا ابن الأكوع ، والذي كرم وجه محمد لا يطلبني رجل منكم فيدركني ، ولا أطلبه فيفوتني) ، فخشيه الرجال وعادوا إلى قبيلتهم ، وبينما بن الأكوع يلاحق الأعداء ، كان قد سمع الجميع صياحه من فوق الجبل ، فاجتمع ثمانية من فرسان المسلمين ، وانطلقوا صوب العدو ، ريثما يلحق بهم النبي الكريم .خرج الفرسان الثمانية ليلحقوا بابن الأكوع ، وكان أولهم وصولاً محرز بن نضلة ، والشهير بالأخرم فلما رآه بن الأكوع ، قال له أن يتراجع وألا يهاجم العدو ، حتى تأتي بقية الفرسان ، فأجابه الأخرم ، أنه يؤمن بأن الجنة حق ، والنار حق فلا يحرمه الشهادة .ولما دخل الأخرم على العدو ، لاقوه بسيوفهم فمات الأخرم ، وكان قبل المعركة بيوم واحد ، قد رأى رؤيا بأن السماء انفتحت على مصراعيها ، وبلغ هو السماء السابعة ، وقص رؤياه على أبي بكر ، فقال له هذه مكانتك وتموت شهيدًا .هنا لحق بقية الفرسان بمن قتل الأخرم ، وقتلوه ثم لاحقهم الناس من أهل المدينة ، وتكاتف الناس مع النبي جميعًا ، وهبطوا على ذي قرد ، ليمكثوا بها يومًا قبل أن يعودوا .هنا أتى سلمة إلى النبي ، وقال له لو أنك تركتني يا رسول الله عليهم ، لكنت قطعت أعناق مائة رجل منهم ، واستنفذت بقيتهم ، فقال له النبي الكريم ، أنهم الآن يتعشون في غطفان ، ثم أردف سلمة خلفه على بعيره ، وهم داخلون إلى المدينة ، وقال أن تلك المعركة هي تكريم لبطلي المعركة ، أبو قتادة وخير الرجال سلمة بن الأكوع .