عاش نبي الله إلياس في زمن من الأزمنة ، وقد بعثه الله تعالى إلى أهل بعلبك غربي دمشق ، وكان له ابن عمًا اسمه اليسع وكان اليسع من أشد المؤمنين برسالة ابن عمه إلياس ، ولم يكن اليسع نبيٌ بعد ، ودعا إلياس قومه إلى عبادة الله عز وجل وأن يتركوا عبادة الصنم الذي يعبدونه من دون الله ، و كانوا يطلقون على هذا الصنم اسم بعل .وحينما كان سيدنا إلياس يجتمع بقومه قال لهم : يا قوم ألا تتقون الله كفاكم كفرًا ، رد قومه قائلين : بل نحن يا إلياس مؤمنين ، قال إلياس : أتتخذون هذا الصنم إله وتتركون عبادة الله أحسن الخالقين ، قالوا: وهل هناك إله غير بعل يا إلياس ؟ فرد إلياس الله ربكم ورب آبائكم الأولين ، قالوا : ليس هناك من إله سوى بعل .وقال اليسع عليه السلام : يا قوم أنتم تعرفون إلياس ومدى صدقه ونبل خلقه ، فمن كان فيه هذه الصفات لن يضلكم ، قالوا هذا دين أبائنا ولن نغير في دينهم شيء ، قال اليسع عليه السلام : إن دين أبائكم هو دين الله ، ولم يأتي نبيٌ إلا ودعا إلى الحق والهدى وترك عبادة الأصنام .يا قوم إن إلياس لكم لناصح أمين فاتبعوه ، قالوا : اصمت إن ما يدعونا له إلياس لهو الضلال ، ظل إلياس واليسع يدعوان قومهما لعبادة الله ، فدعا إلياس الملك لعبادة الله عز وجل وترك عبادة بعل ، فأمر الملك بقتله فقال اليسع لإلياس ماذا ستفعل يا بن العم ؟ فأجابه إلياس : سأخرج من هنا وأختبئ في مغارة في جبل قاسم ، لعل الله يهديهم و يرشدهم إلى سواء السبيل .فقال له اليسع : انتظرني يا بن العم أتى معك ، قال إلياس : والله يا بن العم انك لنعم المؤمن ، ولما ذهب الجنود لإحضار النبيين لم يجدوهما ، وأخذوا يبحثون عنهما ولكن دون فائدة وكان بحثهم أملًا في أن يقبضوا عليهما أو يقتلوهما.ولما هرب إلياس واليسع عليهما السلام ، قال إلياس لليسع : سنبقى هنا إلى أن يفرج الله علينا وسنبقى على أمل أن يهتدي قومنا ، ومكث اليسع مع بن عمه عشر سنين ، وأجاب الله رجاء سيدنا إلياس وبن عمه اليسع ، فأهلك الملك وولى ملك غيره وعندما علم إلياس واليسع بذلك ، أتيا إلى الملك وقاما بدعوته بترك عبادة بعل وعباده الله الواحد .وقال إلياس : أيها الملك لقد مات سلفك وهو على ضلالة فهل ينفعه بعلُ الآن ؟ ولقد مات كافرًا وفي عنقه ذنب الآلاف الذين تبعوه على ما هو عليه من كفر وضلالة ، سمع الملك حديث سيدنا إلياس فرق قلبه وانشرح قلبه للإيمان ، فأمن هو وقومه إلا عشرة آلاف منهم ، وعندما يأس الملك منهم أمر بقتلهم جميعًا ، وقد أبقى الله ذكر إلياس حسنًا في العالمين .ولقد دعا سيدنا إلياس لعبادة الله وحده لا شريك له ، وتحمل الكثير من أجل إعلاء كلمة الله ، وقد خلف اليسع إلياس عليه السلام في قومه ودعاهم لعبادة الله وحده ، والتمسك بما جاء به إلياس عليه السلام من الحق ، وإتباع الهدى وترك المعاصي والمنكرات ، وترك عبادة الأوثان وأخذ يدعوهم إلى عبادة دين الله الواحد الأحد .وما جاء به الأنبياء قبله فقد أعطى الله النبوة لليسع ليكمل مسيرة بن عمه في الدعوة إلى دين الله ، وتتلخص هذه القصة في قوله تعالى : ﴿وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ (124)أَتَدْعُونَ بَعْلا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَـلِقِينَ (125) اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ ءَابَآئِكُمُ الاْوَّلِينَ (126) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمحْضَرُونَ (127) إِلاَّ عِبَادَ اللهِ الْمُـخْلَصِينَ (128) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِى الاْخِرِينَ (129) سَلَـمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ(130) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى الْمُـحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (132)﴾ (سورة ، الآيات 123 -132)