من أعجب القصص الواقعية التي سمعتها قصة هذه المرأة التي ألهمها الله الصبر والثبات على فراق زوجها وابنتها الصغيرة في حادث بجدة ، فبينما كان أحدهم يقود سيارته على الطريق ، وجد سيارة تعرضت لحادث كبير ، ولما هم بالنظر فيها لمحاولة مساعدة راكبيها لعل أحد منهم على قيد الحياة ، وجد السائق ملقى برأسه على المقود ونظره شاخص للأعلى ، وإصبعه مرفوع يوحد الله ، منظر يجعل الجسد يقشعر من خشية الله ، أي ميتة هذه وأي شخص كان !برغم جروحه البالغة كان وجهه مبتسم ، وكانت تستلقي على ظهره فتاة صغيرة تعلقت بعنقه ولفظت أنفاسها الأخيرة وهي محتضنة لظهر أبيها ، لم يتمالك الرآي نفسه عند رؤية هذا المنظر وأخذ يجهش بالبكاء كأنهم من أسرته ، ولو يوقفه عن النحيب سوى صوت لامرأة تقول : لا تبكي عليه إنه رجل صالح ، هيا يا أخي أخرجنا من هنا ، انتبه الرجل من حزنه لهذا الصوت ، ونظر بالمقعد الخلفي فإذا هي امرأة تحمل بيديها طفلين أنقذهما الله من تلك الميتة ولم يحدث لهما شيء .تعجب الرجل من ثبات هذه المرأة ، لماذا لا تبكي ، لماذا لا تبدأ بالنحيب ، لماذا لا تمزق ملابسها حزنا على ابنتها وزوجها ؟ ، لقد كانت في غاية الهدوء والحشمة ، ولما نزلت من السيارة أخذت تعدل من هندامها حتى تعود لوقارها وحشمتها ، ولما طلب منها الرجل أن ترافقه للخروج من ذلك المكان ، اعتذرت وقالت أنها لن تركب إلا مع سيارة بها نساء ، وطلبت منه نقل الزوج والابنة إلى المستشفي والتعجيل بمراسم الدفن .ظلت المرأة على الطريق ساعتين كاملتين حتى مرت سيارة بها رجل وأسرته ، ولما عرض عليهم الرجل الذي تقدم لمساعدتها توصيلها معهم لم يمانعوا ، أي امرأة تلك ؟! في أحلك المواقف ظلت قابضة على مبادئها فلم تتنازل رغم مصابها ، لقد ألهمها الله الصبر والسلوان على فراق الأحبة ورغم هذا ظلت صامدة كالجبال ، كأنها ممن قال فيهم الله سبحانه وتعالى وبشر الصابرين ، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون .