قصة زوجة أب صغيرة

منذ #قصص اجتماعية

هي ليست ابنتي ، ولم ينتابني الشعور بالأمومة تجاهها ، في الخامسة من عمرها ، نادتني مرة ماما ، رافعة يدها نحوي ، حملتها لاعبت خصلات شعرها الأشقر الملتوي بعضه على بعض ، وضعت رأسها على كتفي وإصبعها في فمها .لست أمك :
افترشنا حافة المسبح الشتوي ، حاولت استحضار كلمات سهلة يفهمها الأطفال ، أخبرتها أن للإنسان أماً واحدةً فقط لا غير ، لا يجوز استبدالها بأي شكل من الأشكال ، طلبت منها أن تناديني ، رات ، وأوحيت لها بأننا سنمضي معاً أوقاتاً طويلة ، وأن بإمكانها اعتباري صديقتها ، أصبحنا أصدقاء بسرعة خيالية ، الأطفال لا يكذبون في عواطفهم ، لا يعرفون معنى أعطني لأعطيك ، هم يحبون أو يكرهون ، وعرفت بسرعة أيضاً أنها أحبتني .ذكريات :
هي الأن تقترب من سن الرشد ! ، أبحث في عينيها عن تلك الطفلة المذعورة في الفندق الايطالي ، عندما كنت أقرأ لها قصة حملتها في حقيبتها قبل النوم كالعادة ، لا تسعفني ذاكرتي على استرجاع تفاصيل الحكاية ، باستثناء المقطع الذي بدأ فيه طفل القصة ، يرتجف من الخوف عند سماعه خطوات مجهولة تنزل السلم وتتجه نحو غرفته !خوف وضحك :
تشبثت بخاصرتي ، أسألها إذا ما كانت خائفة لأتوقف عن القراءة ، ترفض ثواني قليلة ونسمع بدورنا خطوات غريبة على السلم الخارجي للغرفة ، ينظر بعضنا إلى البعض ببلاهة واندهاش ، تصرخ : لقد أتى إلى هنا ، وصل هنا ، سيفر منا ، أُغلق الكتاب بسرعة استعراضية ، يحضن بعضنا البعض ونختبئ تحت غطاء السرير ومخداته ، ثم نستسلم لنوبة ضحك لا يزال صداها يرن في أذني حتى الساعة .اندماج :
لا يمكنني عدد المرات التي حضنت فيها ضحكاتنا ، تحولت معها إلى طفلة لا أنكر أنها علمتني الكثير ، في السابعة من عمرها حولتها إلى لعبتي المفضلة ، نخترع ألعاباً وطرقاً جديدة في الكلام لا يفهمها سوانا ونضحك ونضحك دائماً .مرور الوقت :
هي الآن مشروع إمرأة شبه مكتمل ! ، في المدرسة كانوا يطلبون منها مرة في السنة أن ترسم أفراد عائلتها ، وكنت أسترق النظر إلى رسمها وأحزن لأنها ترسمني .بكاء ودموع :
بكينا مرتين فقط : الأولي ، عندما عادت من المدرسة مع رسم جديد لأفراد عائلتها ، كنت هنا رسمتني مع الآخرين أمها وأختها ونون ، اتسعت ابتسامتي ثم سقطت دموعي فجأة ، بكيت أكثر عندما التمعت دمعة على خدها .الثانية : كانت عندما قررت شراء ألواح الشيكولاته من مصروفها الخاص ، وأهدتني نوعي المفضل ، كانت الدنيا حر في عز شهر أغسطس ، طلبت منها وضع ألواح في الثلاجة لما بعد وجبة العشاء ، غبت عنها لحظات وعدت لأجدها غارقة في وحل الشيكولاته الذائب بين يديها وعلى وجهها وثيابها ، فانفعلت ورميت بكل الألواح سلة المهملات ، بكت وأحست أنها دفعت تحويشة عمرها لتهديني لوحي المفضل الفاخر ، وها أنا أرميه في سهلة المهملات ، ثم بكيت أنها لأني عنفتها وتخلصت من ألواحها .خطوات في الحياة :
لن تكفيني عشر صفحات لأدون تاريخ هذه العلاقة التي رافقت فيها أسرارها الخجولة الصغيرة ، فرحها ببلوغها ، بارتباكها بحبها الأول ، بنجاحها المدرسي ، وكنت شاهدة على خوفها من الطائرات ، من الليل وأشباحه ، من أهم سمات علاقتي بها : دفاعي المستميت عنها حتى عندما تكون على خطأ ، دفاعها الشرس عني ، حتى عندما يكون الذنب ذنبي .البُعد :
انتهت العطلة الصيفية ستعود إلى أمها غداً ، جافيتها هذه المرة على الرغم من أنه لا ذنب لها في شيء ، غفت بالأمس وإصبعها في فمها ، ابتسمت عرفت أنها لا تزال بين الطفولة والطفولة ، لم أنخدع يوماً بطولها الفارع ، لذا لن أقول لها بعد اليوم : صرت بطول الباب ، متى تتخلين عن هذه العادة ؟ أتمت تجهيز حقيبتها ، نظرت نحوي ، لم تقل جملتها المعتادة قبل السفر : إلى اللقاء قريباً جداً ، بل اقتربت مني واحتضنتني قائلة : رات .. سأشتاق إليك أكثر مما تتصورين .الحديث الأخير :
حدثها قلبها ببعد هذا اللقاء ، اقترحت عليها قراءة حكاية قبل النوم للمرة الأخيرة ، حكاية الفندق الايطالي نفسها ، مازلت أحتفظ بالكتاب ، مع فارق بسيط : هذه المرة أنا الصغيرة الخائفة ، وأنا التي سأشتاق إلى حضورك البهي يا قلبي .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك