قد تثير تلك القصة دهشتنا ولكنها خير دليل على ذكاء البعض من البشر ، والذين قد يأخذون كل شقائهم في رحلة سريعة نحو الثراء بمجرد التفكير ، وكيفية الاستفادة من بعض الأمور .في نهاية القرن التاسع عشر ظهرت الأخوات السبع ساذرلاند ، اللائي ملكن أطول شعور رأتها أعين البشر في الولايات المتحدة الأمريكية ، وكانت أسماءهن سارة ، وفيكتوريا وإيزابيلا وغريس وناعومي ودورا وماري ، تلك الفتيات اللاتي انطلقن تعزفن وتغنين ولكن لا أحد يهتم بما يتفوهن به ، بل أهم وأشد ما يجذب الأنظار لهن هي شعورهن .عاشت الفتيات السبع حياة كادحة وفقيرة للغاية ، حيث كان والدهن يعمل قسًا ويعتمد على التبشير والتسييس ، فقد كان ساذرلاند يعمل سياسيًا وواعظًا ، وظهر بالعديد من المحافل وقد كاد أن يقتل عندما عمل لصالح الرئيس بوكانان ، وعارض الحرب الأهلية .لم يكن لدى العائلة سوى مزرعة الجد التي تم إهداءها له عام 1812م ، كمكافأة على جهوده إبان فترة الحرب ، وعملت الفتيات السبع في تلك المزرعة تربين الديوك الرومية ، بثياب بالية وحافيات لا تجدن ما تكسين به أقدامهن .وما زاد من انعزال الفتيات بخلاف فقرهن أن والدتهن كانت تضع مادة كريهة الرائحة على شعورهن ، اعتقادًا منها أنها تلك المادة سوف تساعدهن على نمو شعورهن وتجعله أكثر سمكًا ، فكانت الفتيات تختبئن من شدة الإحراج ، حيث يبتعدن عن كوخهن الخشبي المتواضع عندما يأتي أحد الأشخاص للزيارة .كان الأب يحلم بحياة أكثر ترفيهًا لفتياته من تربية الديكة ، وخاصة مع وفاة والدتهن التي أعتقتهن من الرائحة الكريهة على شعورهن ، فبدأت الفتيات في التفاعل مع المجتمع ، وكون الأب منهن فرقة غنائية وأخذ يتجول بهن من مكان لآخر ، مع شقيقهن الوحيد .حظيت الفتيات على إعجابًا شديدًا بهن ، خاصة ناعومي التي كانت تمتلك صوتًا عذبًا للغاية ، ولكن الأمر الأكثر إثارة بالنسبة للفتيات كانت شعورهن الطويلة للغاية والكثيفة أيضًا ، حتى لقبهن البعض بالعجائب السبعة .وفي تلك الفترة كانت نساء العصر الفيكتوري يرغبن في الحصول على شعر طويل ، وجذاب حيث انتشرت في تلك الفترة بعض الأوبئة والأمراض التي تسببت في تساقط شعور الرجال والنساء ، مما جعل الشعر الطويل للفتيات السبع أمرًا غاية في التميز والأنوثة .بحلول عام 1882م وقعت الشقيقات عقدًا لتقديم عروضًا مسرحية ، وأخذن يتجولن بين المدن الأوروبية ، في حين حاول بعض المتصوفين الحصول على خصلات من شعورهن المميزة ، نظرًا لكون رقم سبعة ذو قدسية خاصة في الديانات .كانت الشقيقة الصغرى ماري غير مستقرة ، ومضطربة عقليًا ونفسيًا فكانت تأتيها نوبات غضب شديدة ومفاجئة قد تفسد العرض المسرحي الذي يقمن به .ومع توالي العروض ، بدأ الجمهور يفتر قليلاً فأراد الوالد القس ساذرلاند أن يحصل على المزيد من الأموال التي تمكنهم جميعًا من الاستقرار ، هنا لمعت في رأس الوالد فكرة أن يقوم باختراع منتج منشط للشعر ، واعتمد على إحدى وصفات زوجته كريهة الرائحة ، فقام بعمل منتجًا مميزًا وادعى أنه يعالج الصلع ، واستغل في خدعته شعر بناته المذهل واللافت للأنظار .تزايدت شهرة الفتيات بمضي السنوات ، خاصة عقب وفاة الأب بعد حصوله على براءة اختراع لمنتج الشعر ، بقيمة تسعون ألف دولارًا ، وزواج ناعومي من مدير السيرك الذي تشارك مع الأب في إنتاج منتج الشعر النقي ، وعاشت الفتيات فترات طويلة من الترف حتى بدأت الأخوات في الوفاة واحدة تلو الأخرى .وتزايدت أحزان الأسرة ، ولم يتبق سوى شقيقتين فقط ، لم تكونا تملكان شيئًا من المال ، وبحلول عام 1920م حاولت الشقيقتان الحفاظ على خط إنتاج العائلة من منتج الشعر ، ولكن مبيعاته كانت قد تراجعت مع ظهور قصات الشعر القصيرة ، وانتهى المطاف بالأخت الصغيرى في مصحة للأمراض العقلية ، بينما توفيت غريس عن عمر ناهز الاثنان وتسعون عامًا ، وهي فقيرة وفي حالة عوز ، ودفنت في مقبرة غير معلومة .