قصة بما تحلم الفتيات المسكينات

منذ #قصص اجتماعية

تبدأ القصة بالحديث عن الفتاة المسكينة التي تقضي حياتها ، في الشقاء والجوع والبرد وتكافح من أجل العيش ، ثم تلوح إلى ناظريها فجأة ، مقصوصة من جريدة تصور الحفل الراقص الذي أقيم في المدينة ، والمليء بفساتين شفّة وعقود من الألماس الباهظ الثمن وما يلي ذلك من تأثير وضغط على الفتاة البسيطة كما سيلي ..بداية القصة :
عملَت على مدى اثنتي عشرة ساعة ، كسَبت خمسة عشر فلساً ، في المساء تعود إلى مسكنها البائس ، تسير على طول الأرصفة المكسوة بالجليد الأبيض ، وهي ترتعد من البرد تحت شالها الرقيق الأسود ، تنسل نحيلة ، حاثة الخطى بتلك العجلة الوجلة التي هي مشية الحيوانات المسكينة المتروكة .الجوع :
كانت تتضور جوعاً ، فاشترت فضلات لحوم مقددة بخسة الثمن حملتها معها في يدها ، ملفوفة داخل قصاصة من ورقة صحيفة ، وصلت لاهية وتسلقت أدراج الطوابق الستة .المنزل:
في الأعلى ، كانت عليّتها كئيبة ، كانت شمعة أو بقيّة منها تضيء هذا البؤس ، لا نار مشتعلة والريح تتسرب لاذعة من تحت الباب ، تجفل لها شعلة الشمعة ، سرير ، طاولة ، كرسي ، البرد قارس جعل المياه في الإناء تتجلّد .تسرع علّها تجد قليلاً من الدفء في السرير ، تحت تلّة الملابس التي تكدسها كلّ ليلة فوق قدميها ، تجلس باندفاع أمام الطاولة الصغيرة ، تُخرج كسرة خبز من خزانة وتأكل لحومها المقددة بنهم ولا مبالاة ، مثلما يأكل الجياع ، وحين تعطش ، تصطبر إلى كسر الجليد في إناء الماء .هي والبؤس :
إنها طفلة لا يزيد عمرها عن ثمانية عشر عاماً ، لم تخلع شالها ولا قلنسوتها ، حتى تخفف من حدة البرد ، تأكل في منزلها وهي بكامل ملابسها ، وتخبئ بين الحين والآخر يديها المزوقتين في الريح ، لو كان بوسعها أن تبتسم ، لكانت بدت ظريفة .لكنها عذوبة فاتنة انبعثت من شفتيها الرقيقتين وعينيها بلونها الرمادي الطري ، لكن المعاناة جعلت فمها ينقبض وزرعت في نظرتها قسوة حزينة ، وجهها يرتدي قناعاً متصلباً متجهماً ، قناع البؤساء .تنظر أمامها بعينين تائهتين وذهن فارغ ، تلتهم طعامها مثل حيوان متعجل ، ثم وقع نظرها على قصاصة الصحيفة الملطّخة بالدهون التي تستخدمها طبقاً ، قرأت ما هو مكتوب عليها ، ونسيت خبزتها .الحفل الراقص :
أقيم حفل راقص في قصر تويلري ، وقرأت أن المدعوين تناولوا كمية هائلة من النبيذ والمأكولات ، تسعة آلاف زجاجة من الشمبانيا ، وثلاثة آلاف قطعة حلوى ، وستمائة كيلو غرام من اللحم ، وإلى ما هنالك ، ابتسمت ابتسامة غريبة ، وقالت في سرها : إنهم حتماً يدينون جداً..امرأة :
لكنها امرأة ، فاستوقفها أكثر وصف ملابس النساء ، وقرأت : السيّدة ماتيرنيك : فستان أبيض ذو حزام بنفسجي داكن ، حول عنقها قلادة مرصوفة بالألماس ، منسّقة مع تشابك ساحر من اللؤلؤ والألماس .تعجب واندهاش وبعض الشر :
اشتدت القسوة على وجهها ، لماذا تملك النساء الأخريات عقوداً من الألماس ، وهي تشتهي فستاناً يدفئها ؟! ، أكملت القراءة : الامبراطورة في فستان بلون أخضر غضٌ ، ومن فوقه نصف تنورة من الشِفّ الأبيض الفضفاض المنسدل كالزّبد ، تتخلله خيوط فضيّة ، ومزيّن عند طرفه الأسفل والصدر بفرو السمّور ، شعرها مشكوك بأزهار كرة الثلج ومجرّد عصابة من الألماس ، وحول عنقها مخمل أسود مزيّن بياقة ذات نقوش يونانية من الألماس الرائع .الألماس المزيد من الألماس ، ما يكفي لغمر مئة عائلة بالثروات ، توقفت الفتاة عن القراءة ، استقلت في كرسيها وأطرقت في خواطرها ، عبرت أفكار خبيثة عينيها الرماديتين ، لم تعد تشعر بالبرد ، اغراء الشر استولى على ذهنها تماماً .وحين استيقظت من حلمها ، هزّتها ارتعاشه قوية وتمتمت وهي تلقي نظرة من حولها على مسكنها البائس ، ما الفائدة ؟…ما جدوى العمل ؟…أريد ألماساً..في الغد ستحصل على مبتغاها .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك