إن التعليم هو الأساس الذي تبني عليه الأمم تقدمها ونجاحها ، وحينما تنهار نظم التعليمية فإن ذلك يعني انهيار الإنسان ذاته وبالتالي تدهور الأمم وتخلفها ، لذلك لابد أن يقوم التعليم على أسس ومبادئ تعمل على تطور المجتمعات ورقيها والبعد عن الجهل والتطرف .تُعتبر الأخلاق الحميدة هي العمود الرئيسي للوصول إلى أعلى المستويات في التعليم ، وحينما تنهار العلاقات بين التلاميذ وبين المدرس فإن ذلك من شأنه أن يجعل التعليم في أسوأ حالاته الممكنة ، وقد حدثت في الآونة الأخيرة الكثير من المشكلات بين المدرس وبين طلابه ؛ حتى تفاقمت العديد من المشكلات لأبعد الحدود ، ولكن حينما يصل الأمر ليصبح دعوى قضائية تُرفع من المعلم ضد تلاميذه فإن الأمر بذلك يبدو في غاية الخطورة .قام أحد المعلمين باللجوء إلى الهيئة القضائية ؛ كي يحصل على حقه في حفظ كرامته أمام تلاميذه الذين أهانوه ، وذلك ما قد اضطره إلى رفع دعوى قضائية ضد التلاميذ يتهمهم فيها بالإهانة وسوء المعاملة معه في الفصل الدراسي ؛ حيث أكد أنهم قد تطاولوا عليه بكلمات سيئة وبذيئة لا يصح أن تخرج من أفواه تلاميذ لتتوجه إلى معلمهم حتى تصل إلى حد القذف والسب .قال المعلم أن أمر اهانته والتطاول عليه بدأ منذ أسبوعين ، ولكنه كان يحاول أن يعالج ذلك الأمر ويتغاضى عن بعض الأمور ؛ حتى لا تنهار العلاقة تمامًا معهم ، ولكن لم تهدأ التصرفات السيئة لهؤلاء التلاميذ ؛ وذلك ما قد أثرّ في المعلم وأثار حزنه وغضبه ، لذلك اضطر إلى اللجوء إلى القضاء كي يحصل على حقه المعنوي الذي تدهور أمام أمثال هؤلاء التلاميذ المستهترين .قامت المحكمة بمنح المعلم مذكرة مراجعة تختص بهؤلاء الطلاب الذين أهانوه ؛ وذلك ليودعها في قسم الشرطة من أجل إتمام الإجراءات القانونية اللازمة ، وأوضح المعلم أن هناك مجموعة من الطلاب الذين شهدوا حدوث واقعة الإهانة من هؤلاء الطلاب الغير مهذبين ، وقامت إدارة المدرسة بتوثيق شهادة الطلاب الشهود في محاضر من أجل إثبات حدوث واقعة السب والقذف .شعر المعلم بمدى الألم النفسي الذي أصابه نتيجة تعرضه لكلمات دنيئة وبذيئة من الطلاب الذين يتلقون منه العلم ، لذلك أصرّ على استمرار رفعه للدعوى ، وذلك من أجل أن يتعلم هؤلاء الطلاب درسًا أخلاقيًا لم يتعلموه من قبل في حياتهم ؛ مما جعلهم يتطاولون بكل سهولة على معلميهم دون أن ينظروا إلى قيمتهم ودون أن يتذكروا أن ذلك المعلم وجب عليهم احترامه وتقديره .بعد أن رفع المعلم دعواه ضد الطلاب ؛ شعر أولياء الأمور أن أبنائهم قد وُضعوا في مأزق كبير ؛ مما جعلهم يقومون بمحاولات مع المعلم لحل الأزمة بشكل ودي ودون الدخول في أمور قضائية قد تطيح بسمعة أبنائهم الطلاب ، كما حاول عدد من المعلمين أيضًا التدخل من أجل حل المشكلة بين المعلم وتلاميذه بعيدًا عن القضاء ، ولكن فيما يبدو أن المعلم لديه العزيمة والإصرار على الاستمرار في قضيته .وبعد عدة محاولات مع المعلم ليقوم بالتنازل عن الدعوى القضائية التي رفعها ضد الطلاب ، قال المعلم أنه على استعداد لذلك ولكن إذا تحقق شرطان مهمان وهما : الأول أن يقوم هؤلاء الطلاب بتقديم اعتذار رسمي من أجل الحفاظ على كرامته أمام الجميع ، والشرط الثاني هو أن يتم نقل هؤلاء الطلاب إلى مدرسة أخرى ؛ وذلك لأنه لا يريد أن يحتك بهم مرة أخرى .أصبحت قضية المعلم مع تلاميذه هي قضية رأي عام مجتمعي ؛ حيث أنها مشكلة متداولة في كل البلدان بالوقت الحالي ، ولازالت القضية مستمرة للنظر في هيئة المحكمة ، ولازالت القضية العامة مستمرة في المجتمعات نتيجة لغياب عدة معايير أخلاقية أدت إلي هذه الحالة المتدهورة بين المعلم وتلاميذه .