شبح العنوسة خطر جثم على صدر مجتمعاتنا العربية في الآونة الأخيرة ، حيث تزايدت معه أعداد النسوة اللاتي تخطين سن الزواج ، وبدأت بعضهن في اللجوء للزواج غير الرسمي ، أو البقاء هكذا إلى أن يأذن الله بالنصيب .ولكن وسط هؤلاء النساء اللواتي ينتظرن انفراجة قريبة بزيجة صالحة وذرية أصلح ، نساءً قررن العنوسة بمحض إرادتهن رغم امتلاكهن مقومات الجمال ومعايير اختيار الزوجة الصالحة ، ولكن لسبب ما قررن البقاء هكذا .ففي مدرسة بمدارس الخليج كانت توجد معلمة جميلة وخلوقة ، تخطت الثلاثين من عمرها ولم تتزوج رغم أنها تتمتع بكل مقومات الزوجة الصالحة ، مما أثار دهشة زميلاتها في العمل وجعلهم يسألونها عن سر عدم زواجها ؟فقالت لهم : كان هناك امرأة لها من البنات خمس ، وكان زوجها يحب الذكور ويرجو من الله ولدًا ، فهددها إن أنجبت بنتًا بأنه سيتخلص منها ، وبالفعل قدر لها الله أن تلد بنت ، فأخذها الرجل ووضعها وهي رضيعة لا حول لها ولا قوة عند باب المسجد بعد صلاة العشاء ، وعند صلاة الفجر وجدها كما هي لم تؤخذ .فأحضرها ثانية إلى المنزل ، وكان كل يوم يضعها عند المسجد وبعد الفجر يجدها ، فيعيدها ، ظل الوضع على هذا الحال لمدة سبعة أيام متتالية ، كانت والدتها تقرأ فيهما عليها القرآن كل ليلة ، فأرسل الله الملل إلى قلب الرجل وقرر تركها في المنزل ، ففرحت بها أمها وضمتها إلى صدرها .وبعدة فترة حملت الأم مرة أخرى وبدأ الخوف يدب إلى قلبها دبيبًا ، ولكن تلك المرة رزقها الله بذكر ، وللأسف لم تدم فرحتها فقد توفيت ابنتها الكبرى ، ثم حملت بعد ذلك بذكر أخر فماتت الابنة التي كانت تصغر الكبرى .ويشاء السميع العليم أن تلد الأم خمسة من الذكور ، ولكن في مقابلهم ماتت كل الإناث ، ولم يبقى سوى البنت السادسة التي حاول أبوها كثيرًا أن يرميها أمام المسجد ولكنه لم يفلح ، وبعد فترة توفيت الأم وكبرت البنت وكبر معها الأبناء ، وقبلهم كبر الأب وصار رجلًا مسنًا لا يقوى على الحراك والعمل .أتدرون من هذه البنت التي أراد والدها التخلص منها وهي رضيعة ؟ إنها أنا ! ولذلك لم أتزوج فأبي كهلٌ كبير ، ليس له من يرعاه أو يعوله سوايا فأنا أقوم بنفسي على رعايته والاهتمام به ، أما إخوتي الخمسة ذكور فيحضرون ما بين الفينة والأخرى لزيارته مرة كل شهر أو شهرين .أما أبي فهو دائم البكاء والندم على ما فعله بي في الصغر ، ودائمًا ما أسمعه يناجي الله باكيًا على رحيل إخوتي البنات ، ويتمنى من الله لو عاد به العمر ثانية لكفر عن كل أخطائه ، ودائمًا يطلب منه أن يسامحه على ما فعل ويدعيلي السعادة والرضا .