يتوافر الشعور بالأمان أينما تواجدت الأمانة بين أفراد المجتمع ، لأن الأمانة هي من أسمى الصفات الحميدة التي من المفترض أن تتوافر في كل إنسان ، ولكن مع اندثار القيم الأسرية والمجتمعية فإن عدم الأمانة أصبح شعور مخيف يسيطر على المجتمعات بأسرها ، والبذرة الأولى الأمانة تغرسها الأسرة ؛ مما يؤدي إلى الاستقرار والشعور بالأمن والأمان ، وهناك العديد من القصص المجتمعية التي ترسخ قيمة الأمانة وأهميتها .قام طفل صغير بإعادة مبلغ قدره 15 ألف ريال إلى صاحبه بعد وقت قصير من العثور عليه ؛ حيث أن الطفل عمر وهو تلميذ بالمرحلة الابتدائية كان يمشي في أحد شوارع قريته ؛ وبينما كان في طريقه وجد أمامه مظروفًا ملقى على الأرض ، انحنى الطفل ورفع الظروف وحينما فتحه وجده مليء بالأموال وفكر فيما قد يفعله .توصلّ الطفل إلى أن يقوم بالذهاب إلى أسرته ليتخذوا الإجراء المناسب حيال ذلك المظروف ، وحينما وصل إلى والدته بالمنزل وأخبرها بما قد وجده ؛ طلبت منه أن يذهب إلى أقرب بائع من المكان الذي وجد فيه ذلك المظروف ؛ وذلك ليخبره أنه قد عثر على مبلغ مالي في الشارع بالقرب من محله ؛ حتى يخبر مَن يسأل عن شيء مفقود ؛ وذلك لأنه من المحتمل بنسبة كبيرة أن يعود صاحب المظروف إلى ذلك المكان ليسأل عما قد فقده في المنطقة .وكما توقعت الأم بالفعل أن صاحب المظروف سيعود للسؤال عنه في المنطقة ، وبالفعل حينما سأل ذلك الرجل عما فقده ؛ فأخبره البائع الذي علم بالأمر أن المظروف المفقود موجود في بيت الطفل عمر ؛ حيث التقطه من على الأرض وأخبره بذلك حتى يخبر صاحبه .شعر صاحب المظروف بالسعادة والأمل لأنه سيحصل على ما قد فقده من أموال ، وبالفعل ذهب إلى بيت الطفل عمر الذي أرشده إليه البائع ، وحينما وصل إلى هناك استقبلته أسرة الطفل بالترحاب ، وقدمّت على الفور المظروف الذي يحتوي على مبلغ 15.000 ريال .كانت أسرة عمر سعيدة بعودة المظروف لصاحبه الذي عبرّ عن شكره وامتنانه لأمانتهم التي أعادت إليه أمواله ، وكان من دواعي شكره أن يتقدم إلى الطفل عمر بنوع آخر من الشكر وهو منحه مبلغ قدره ألف ريال ؛ وذاك تقديرًا لأخلاقيات عمر السامية وتعبيرًا عن الشكر والسعادة بما حدث .أعرب صاحب المظروف عن سعادته بالأخلاق النبيلة التي يمتلكها عمر وأسرته ؛ وهو ما جعله يمنحه مبلغ الألف ريال كنوع من المكافأة على ما قد فعله ؛ وذلك لأن الأسرة تعمل على تربية أبنائها على القيم والمبادئ ، وقد ظهر ذلك واضحًا في موقف الصغير وأهله الذين لم يطمعوا في المبلغ المالي ، ولكنهم أسرعوا للإبلاغ عنه حتى يصل إلى صاحبه في أسرع وقت ممكن .انتشرت قصة المظروف الذي يحتوي على 15.000 ريال والذي وجده عمر واستطاع بمساعدة الأسرة والبائع أن يصلوا إلى صاحب المبلغ المالي ، وقد وصل ذلك الأمر إلى الإدارة التعليمية التي يدرس تحت لوائها التلميذ عمر الذي يتلقى تعليمه بالصف السادس الابتدائي .قام مدير التعليم على إثر وصول ذلك الخبر إليه ؛ بإعلان امتنانه عما فعله التلميذ عمر ، وطالب بأن يتم تكريمه في الطابور الصباحي وشكره على تميزه بالأخلاق السامية ، كما أكد المدير أيضًا أنه يتم الإعداد لتكريم الطفل وولي أمره في المقر الرئيسي للإدارة التعليمية تقديرًا لذلك الموقف الأمين .أصبح الطفل عمر مثالًا مُشرفًا للأمانة ؛ وهو مثال لابد وأن يحتذى به كل فرد في المجتمع ، لأن الأمانة لابد وأن تتوافر داخل كل إنسان لأنها فرض إيماني وخُلقي يوفر الأمان والسكينة والمودة بين أفراد المجتمع .