قد يصاب الإنسان بابتلاء عظيم في حياته ، وهنا لابد وأن يتزين الإنسان بالصبر والأمل ، وقد يكون الألم الذي أصابه شديد للغاية ولكن هناك من يستطيع أن يصبر على البلاء ويحتسب الأجر والثواب عند المولى عز وجل.ومن الأمثلة الصادقة في الصبر الذي ينبع من الأعماق هي قصة رجل سبعيني معروف باسم “مناع” ، حيث أصيب بشلل رباعي في حادث أصابه منذ زمن طويل ، غير أنه واصل حياته بالأمل والتفاؤل وعدم الضجر أو اليأس مما أصابه .قصة الحادث الذي تعرض له العم مناع :
منذ سبعة وثلاثين عامًا تعرض مناع إلى حادث سير ترك أثره عليه طوال العمر ، كان يومًا مؤلمًا حينما طلبت منه أمه أن يذهب لشراء بعض الخبز ، لم يتأخر في تلبية طلب أمه وذهب من أجل إحضار الخبز ، ولكنه تأخر إجباريًا ولم يعد كما كان من قبل .لقد تعرض إلى حادث سير مؤلم أثناء عبوره الشارع ، وتم نقله إلى المستشفى وهناك علم أنه فقد حركته إلى الأبد ، حيث أصيب بشلل رباعي مكث على إثره في المستشفى العسكري طيلة خمس سنوات .لم يجذع مناع مما أصابه بل إنه رضي بما كتبه الله له ، وعاش صبورًا يمارس حياته كما لو أنها طبيعية ، غير أنه أصبح في حاجة لمساعدة الآخرين حتى يستطيع مواصلة تلك الحياة التي لم تعد كما كانت .عاداته :
لم يغير العم مناع عاداته وخاصةً الدينية حيث يؤدي فروضه كاملة ، وهو يحتفل دائمًا بقدوم شهر رمضان المبارك وذلك لأنه شهر كريم مليء بالعبادة ، كما أنه له ذكريات جميلة في نفسه منذ طفولته.قد تدرب العم مناع على الصوم منذ صغره حيث بدأ في سن السابعة ، وكان يصوم من خلف الزير على حد تعبيره أي أنه إذا شعر بالعطش كان يشرب في الخفاء دون أن يراه أحد ، ولكن إذا كُشف الأمر فإن عقاب الأهل يكون عبارة عن “المثنية” وهي تعني الحرمان من السحور .يحيا العجوز بذكريات الماضي الجميل لأنه يرى أن البساطة كانت أجمل في كل شيء ، وكان الناس يجتمعون على وجبة الإفطار البسيطة الجميلة ، كما لم يكن هناك سهر طوال الليل ، فهو يشعر بـالحزن نتيجة لحالة اللهو التي يعيشها الناس في الوقت الحالي ونتيجة لبُعد الناس عن بعضهم البعض والأمراض التي تفشت بين صغار السن .عمله قبل الحادث :
كان العم مناع رجلًا عاملًا مجتهدًا قبل أن يصاب في ذلك الحادث ، حيث أنه كان يبحث عن العمل دائمًا حيث كان ينتقل من عمل إلى آخر تبعًا لظروف الحياة ، مما جعله يمارس عدة أعمال مختلفة.عمل العم مناع في البلدية كما عمل كدادًا لنقل الركاب ، وهكذا كان يمضي حياته بكل أمل ، حتى حينما أصيب بالشلل لم يشعر باليأس بل أصبح صورة مشرفة للإنسان المؤمن الصادق .حياته بعد الحادث :
تغير شكل حياته جذريًا ولكن صفاء روحه ظلّ صامدًا ، يقوم العجوز بقضاء معظم الوقت في الذكر والصلاة ، كما أنه يحب متابعة البرامج الدينية ، وكذلك فإنه يهوى الرياضة حيث أنه مشجع كروى قوي ، حيث أنه يتابع مباريات كرة القدم بشغف شديد .وهكذا تمضي حياة العجوز الذي فقد القدرة على الحركة ، ولكنه لم يفقد القدرة على التفاؤل فأصبح مثالًا للإيمان والصبر الجميل ، وأصبحت تلك القصة المؤلمة هي مصدر للأمل في حياة أفضل مهما كانت الظروف وصعوباتها لأنها حتمًا ستمر وتنقضي بفضل الله تعالى .