وضعت أكيكو الدلو إلى جوار نباتات الخطيمات الوردية ، التقطت بعض الوريقات من شجرة الخيرزان النامية تحت شجرة الخوخ ، وصنعت العديد من اللعب منها على شكل قوارب ، وجعلت القوارب تطفو على سطح ماء الدلو .نبذة عن المؤلف :
قصة من روائع الأدب الياباني للأديب الياباني ، الحاصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1968م ، وهو الأديب والروائي ياسوناري كاواباتا كتب كواباتا أكثر من مئة وأربعين قصة قصيرة ، كان يطلق عليها قصص كف اليد لقصرها ، ويعد ياسوناري كاواباتا هو الأديب الياباني الذي ترجم له أكبر عدد من الأعمال ، يحظى به مبدع ياباني إلى اللغة العربية .الصبي الصغير وأمه :
وقالت : انظر إلى هذه القوارب ! أليست جميلة ؟ .. جلس صبي صغير مقعيا أمام الدلو ، محدقا في القوارب ، ثم ابتسم فيما هو يتطلع إلى أكيكو .. إنها قوارب جميلة ، وقد أعطتك أكيكو بعضا منها لأنك فتى بارع للغاية فاجعلها تلعب معك … قالتها أم الطفل خلال عودتها إلى غرفة الاستقبال .حربا أخرى :
كانت المرأة كذلك والدة خطيب أكيكو ، وقد أدركت هذه الأخيرة أن المرأة لديها ما تقوله لوالدها ، ولذا فقد خرجت لتتيح لهما الحديث منفردين ، وكان الصبي مصدر إزعاج وضجيج ، فمضت به إلى الحديقة معها ، وكان هذا الصبي الأخ الأصغر لخطيبها .. مد الصبي يده في الدلو ، وحرك الماء : أختاه ، القوارب تدور رحى حرب بينها ، قالها وهو مندهش من القوارب المدومة حول نفسها في المياه ، ابتعدت أكيكو خطوات لتعصر كيمونو صيفيا كانت عاكفة على غسله ، ثم نشرته ليجف ، إليك حربا أخرى ، حربا أخرى !قوارب من وريقات الخيرزان :
هتف الفتى وهو يحرك بمزيد من العنف الماء في دوامات ، وتناثرت قطرات الماء في وجهه ، انظر إلى ما حدث لك ! كف عن ذلك ! لقد تبلل وجهك كله ، قالتها أكيكو وضعت حدًا لعبثه ، قال الفتى متذمرا : الآن ، هاهي القوارب تأبى الانطلاق ، لم تكن القوارب تنطلق حقًا ، وإنما طفت على سطح الماء فحسب ، ليكن .. دعنا نمض إلى الغدير هناك ، لسوف تنطلق هنالك .السباق :
أخذ الصبي بعض القوارب ، وألقت أكيكو الماء عند قاعدة نباتات الخطيمات الوردية ، وأعادت الدلو إلى المطبخ ، وقفت أكيكو مع الصبي على صخرة على ضفة الغدير ، وأطلق كل منهما بعض القوارب في الماء ، وصفق الصغير ابتهاجا انظري ! زورقي في المقدمة !انطلق الصبي يسابقها منحدرا مع مجرى الغدير ، ليبقى أول القوارب في مده نظره ، سارعت أكيكو بتعويم باقي القوارب ، وانطلقت عدوا وراء الصبي ، فجأة أدركت أكيكو أنها ينبغي عليها التأكد من أنها ستدوس بكعبها امتدادا حتى الأرض ، وعادة لم يكن كعبها الأيسر يمس الأرض ، بسبب مخلفات الإصابة بشلل الأطفال ، وكان كعبها صغيرًا ، ورقيقًا وتقوس باطن قدمها عاليا .حياة أكيكو :
وفي طفولتها لم يكن بمقدورها المضي في رحلات ميدانية أو ممارسة لعبة القفز فوق الجبل ، وقد اعتزمت أن تعيش حياة هادئة تهيمن عليها الوحدة ، ولكن اتخذت ، من دون توقع ، الترتيبات استعدادا لزواجها ، وانطلاقا من ثقتها من أن بمقدورها التعويض عن إعاقتها بقوة إرادتها بدأت في ممارسة وضع كعب قدمها ، امتدادا حتى الأرض بمزيد من الحرص واللهفة على نحو يتجاوز أي وقت مضى ، وسرعان ما تقرحت قدمها اليسرى ، ومع ذلك فقد استمرت أكيكو ، وكأنها تؤدي نوعا من طقوس التوبة ، غير أنها توقفت عن ذلك منذ هزيمة اليابان في الحرب ، وظل التقرح على حاله ، كأنه أثر قاس بقى من إصابة بقضمة صقيع.الصبي الصغير والغدير :
ولأن الصبي الصغير هو الشقيق الأصغر لخطيبها ، فقد حاولت السير مع إنزال كعب قدمها اليسرى على الأرض ، وقد مر وقت طويل منذ بذلت الجهد الضروري لتحقيق ذلك ، كان الغدير ضيق المجرى ، وقد احتجزت الأعشاب المتدلية إلى الماء من الضفتين ثلاثة زوارق أو أربعة منها .معانقة الصبي :
توقف الصبي على بعد عشر خطوات منها ، ومضى يراقب قواربه ، وهي تطفو مبتعدة ، لم يبد أنه قد لاحظ اقتراب أكيكو ، ولم يلمحها وهي تحاول السير بالطريقة الصحيحة ، ذكر التجويف العميق في قفا الصبي أكيكو بخطيبها ، فأرادت بشدة بالغة أن تعانق الصبي حتى أنها لم تعد تحتمل هذا الشعور .الحب والحرب :
أقبلت أم الصبي خارجة عن الدار ، وأعربت عن شكرها ليوكيكو ، واستحثت الصبي على الانطلاق معها ، قال الصبي بصوت خفيض : إلى اللقاء ! .. تساءلت أكيكو عما إذا كان خطيبها قد لقى حتفه في الحرب أم أن الخطبة قد فصمت عراها ، ترى هل كان عرض الزواج من فتاة عرجاء ، مجرد تعبير عن انفعال عاطفي مما يتزامن مع الحرب ؟الدار :
لم تدلف أكيكو إلى الدار ، وإنما سارت إلى الدار الجديدة التي تشيد إلى جوارهم ، كانت دارا كبيرة لا تشبه أي دار أخرى في المنطقة ، وهكذا فإنه حتى المارة كانوا يتوقفون على الدوام لإلقاء نظرة عليها ، وكان التشييد قد توقف في هذه الدار خلال الحرب ، ولذا نمت الأعشاب العالية حول كتل الخشبية ، أما الآن ، فها هو العمل يتقدم مرة أخرى ، وغرست شجرتا صنوبر متموجتان عند البوابة .الأحاديث الفضولية :
بدت الدار لأكيكو كيانًا عنيدًا ، لا رقة فيه ولا رهافة ، وفضلا عن ذلك فقد احتوت على أكثر مما ينبغي من النوافذ ، وقاعة الاستقبال لها نوافذ في كل الجوانب ، كان الحي كله يتبادل الأحاديث الفضولية عن نوعية الناس الذين سيقطنون هذه الدار ، لكن أحدا لم يعرف ، على وجه اليقين من هم .