في السادس من فبراير عام 1982م ، توقفت القوات غير النظامية التي كانت تتقدم زاحفة من الجنوب لتنضم إلى الفرق العسكرية بقيادة لوبيث ، والتي كانت قد وقعت بالفعل فريسة مناوشات لافال للاستراحة ، عند أثييندا والتي كان اسمها غير معروف لهم .نبذة عن المؤلف :
قصة من روائع القصص البرازيلي ، للكاتب والمؤلف الأرجنتيني الشهير خوليو كورتاثر بورخيس ، ولد خوليو في عام 1899م ، ولد ونشأ وتعلم في بوينوس آيرس ، من أشهر رواياته : الحلجة عام 1963م ، والأسلحة السرية عام 1959م ، وانفجار عام 1968م ، توفي خوليو كورتاثر عام 1984م .على بعد ثلاثة أو أربعة فراسخ من بيرجامينو ، وعند الفجر كان أحد الرجال ضحية كابوس عنيد : في أعماق ظلمة كوخ أيقظ صراخه المضطرب امرأة كانت تنام في نفس الكوخ ، ولا أحد يعرف بماذا حلم لأنه في اليوم التالي في الساعة الرابعة ، دحر الخيالة بقيادة سواريث ، الجنود غير النظاميين واستمرت المطاردة على مسافة تسعة فراسخ ، حتى نهاية الحشائش العالية حيث كانت الحقول قد أعتمت بالفعل .ليلة واحدة فقط :
وهلك الرجل في خندق ، وكانت جمجمته مشقوقه ممزقة بسبب حروب البيرو والبرازيل ، وكانت المرأة تسمى إيسيدورا كروث ، وتم تعميد الابن الذي حملت به باسم تاديو إيسيدورو، وليس هدفي أن أعيد رواية تاريخيه ومن الأيام والليالي التي تؤلف ذلك التاريخ تهمنى ليلة واحدة فقط ، ولن أروى عن بقية الأيام والليالي أكثر مما لا يمكن الاستغناء عنه ، لجعل تلك الليلة الواحدة مفهومة .المغامرة والكتاب الشهير :
والمغامرة مسجلة في كتاب شهير أعني في كتاب ربما كان موضوعه صرت للكل كل شيء ، الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس ، لأنه قابل لتكرارات وتعديلات وتحريفات ، لا تنفد تقريبًا وقد شدد من قاموا بشرح تاريخ تاديو إيسيدورو، وهم كثيرون على تأثير السهول على تكوين طبعه غير أن آخري مشابهين له من الجاوتشو ، ولدوا وماتوا على الضفتين المقفرتين لنهر يارانا وعلى المراعى الشرقية .عالم من البربرية :
لقد عاش حقًا في عالم من البربرية الرتيبة وعندما مات في 1874 ميلاديًا مصابا بالجدري الخبيث ، لم يكن قد رأى مطلقًا جبلًا ولا قنديل غاز ولا طاحونة ، وكان لم ير مدينة من قبل ، وفي 1849 ميلاديًا ذهب إلى بوينوس أيرس بقطيع من المواشي من مؤسسة فرانسيسكو خابيير أثيبيدو ، ودخل تجار المواشي المدينة ، لإفراغ أحزمة نقودهم ولم يذهب كروث عديم الثقة إلى أبعد من نزل صغير ، في أحواش المواشي .طعنة سكين :
وقضى أياما كثيرة هناك صموتًا ينام على الأرض ، ويشرب شاي الماتيه ، ويستيقظ في الفجر ويذهب إلى الفراش في ساعة صلاة العصر ، وأدرك فيما وراء نطاق الكلمات أو حتى العقل ، أن المدينة لا تجمعها به صلة أحد جنود المشاة وكان مخمورًا سخر منه ، ولم يرد كروث بشيء غير أنه خلال ليالي رحلة عودته كرر جندي المشاة سخرياته ، حول نيران المعسكر فما كان عندئذ من كروث الذي كان لم يبد إلى ذلك الحين ، أي ضغينة أو حتى انزعاج إلا أنه صرعه بطعنة سكين واحدة .الهروب والملاحقة :
وخلال هربه اللاحق لجأ الهارب إلى منطقة مستنقعات ، وبعد عدة ليالِ نبهه صراخ طائر صياح ذي عرف إلى أن الشرطة قد أحاطت به ، وجرب سكينة على شجيرة وليعطي نفسه حرية أوسع إذا صار عليه أن يقاتل مرتجلًا ، قام بحركة سريعة بتثبيت مهمازيه على كعبي الحذاءين ، لقد أثر أن يدافع عن نفسه على أن يستسلم ، وأصيب بجروح في ساعده ، وكتفه ويده اليسرى وأصاب أشرس خصومه بجروح بالغة .طعنة رمح :
وعندما بدأ الدم يسيل بين أصابعه قاتل بشجاعة أكبر من أي وقت مضى ، وقرب الفجر عندما أصابه الدوار مع فقدان الدم ، تم تجريده من السلاح وفي تلك الأيام كان الجيش يؤدي وظيفة عقابية ، تم إرسال كروث إلى الخدمة في مخفر أمامي صغير على الحدود الشمالية ، وقد اشترك في الحروب الأهلية كمواطن عادي ، وحارب أحيانا من أجل إقليمه الأصلي وأحيانا ضده ، وفي الثالث والعشرين من يناير 1856ميلاديًا ، كان أحد المسيحيين الثلاثين الذي حاربوا عند لاجوناس دي كاردوسو ، تحت قيادة الرقيب أول أوسيبيو لايريدا ضد مائتين من الهنود ، وفي هذه المعركة تلقى طعنة رمح .مأمور للشرطة الريفية :
وهناك فجوات كبيرة في قصته الغامضة والباسلة ، ونحن نعلم أنه في سنة 1868 ميلاديًا تقريبًا كان قد عاد إلى منطقة بيرجامينو : وسواء أكان متزوجًا أو كان يعيش مع عشيقة ، كان أبًا لطفل ومالكًا لحقل صغير وفي سنة 1869م ، تم تعيينه مأمور للشرطة الريفية وكان في ذلك الحين قد صحح ماضية ، وفي ذلك الوقت لا بد أنه كان قد اعتبر نفسه سعيدًا ، مع أنه في أعماقه لم يكن كذلك ، إن ليلة جوهرية كاشفة مخبوءة في رحم المستقبل ، كانت ما تزال في انتظاره الليلة التي رأى فيها وجهه أخيرًا ، الليلة التي سمع فيها أخيرًا اسمه !ليلة واحدة :
والحقيقة أن ليلة واحدة تستنفد قصته أو بالأحرى لحظة واحدة ، في تلك الليلة ، عملًا واحدًا في تلك الليلة فالأعمال هي رمزنا ، والواقع أن كل قدر على الإطلاق مهما كان طويلًا ، أو معقدًا يتألف من لحظة واحدة ، اللحظة التي يعرف فيها رجل مرة وإلى الأبد ، من هو ويقال إن الإسكندر المقدوني رأى مصيره المحتوم منعكسًا في التاريخ الخرافي لأخيل ، ورأى تشارلز الثاني عشر ملك السويد مصيره في تاريخ الإسكندر ، ولم تنكشف هذه المعرفة في كتاب لتاديو إيسيدورو كروث الذي لم يعرف كيف يقرأ .قتل خلال نوبة سكر:
وقد رأى نفسه وهو يشهد قتلًا يلتحم فيه فرسان ، ورأى نفسه في فارس منهم وجرت الأحداث بالطريقة التالية : في الأيام الأخيرة من يونيو1870 ميلاديًا تلقى أوامر بأن يلقى القبض على خارج من القانون يدين للعدالة بجريمتي قتل ، وكان هذا الخارج على القانون هاربًا من الخدمة العسكرية ، في صفوف قوات الحدود الجنوبية بقيادة الكولونيل بنيتو ماتشادو ، وكان قد قتل خلاسيًا في ماخور خلال نوبة سكر .إعدام في ميدان بلاثا دي بكتوريا :
وفي حادث آخر مثل قتل أحد المقيمين بمنطقة روخاس ، وأضاف التقرير المكتوب عنه أنه في الأصل من أبناء لاجونا كولورادا ، وهذا هو المكان الذي كانت القوات غير النظامية قد تجمعت فيه قبل ذلك بأربعين سنة ، قبل أن تخوض المغامرة التي جعلت لحم أجسادهم طعامًا للطيور والكلاب ، ومن هنا كان قد جاء مانويل ميسا ليتم إعدامه في النهاية ، في ميدان بلاثا دي بكتوريا ، فيما كانت الطبول تقرع ، لتغطى على صوت غضبه الشديد ومن هنا كان قد جاء ذلك المجهول ، الذي أنجب كروث ومات داخل خندق وكانت جمجمته مشقوقه ، ممزقة بسيف من معاك بيرو والبرازيل .تفاصيل القاتل :
وكان كروث قد نسى ذلك لاسم ، وبقلق طفيف لكن لا يمكن تفسيره استطاع أن يتعرف عليه الآن ، وأخر المجرم الذي كان الجنود يتعقبونه عن كثب ، يرسم متاهات طويلة وملتوية بخطوط ذهابه وإيابه ، وهو على ظهر حصانه غير أن الجنود في ليلة 12 يوليو ، ضيقوا عليه الخناق وكان قد لاذ بحقل تغطيه حشائش عالية ، وكان الظلام دامسًا تستحيل الرؤية فيه تقريبًا ، تقدم كروث ورجاله بحذر .وعلى الأقدام نحو الشجيرة التي كان الرجل الغامض يتربص أو ينام في أعماقها المرتجفة ، وصرخ طائر صياح ذو عرف وغمر تاديو إيسيدورو كروث إحساس بأنه كان قد عاش هذه اللحظة من قبل ، وظهر الهارب خارجًا من مخبئه ليقاتل ، لمحه كروث وكان مرآه مفزعا ، حيث بدا أن الشعر المفرط الطول وراء رقبته ، واللحية الشيباء يلتهمان وجهه ، ويمنعنى دافع جلى تمامًا من أن أسر تفاصيل القاتل .طريد العدالة مارتن فييرو :
ويكفى التذكير بأن الهارب جرح بشدة ، أو قتل العديد من رجال كروث ، أما هذا نفسه ففيما كان يقاتل في الظلمة بدأ يدرك ، أدرك أنه ما من قدر أفضل من قدر آخر ، غير أن كل رجل ينبغي أن يبجل القدر الذي يحمله بداخله ، وأدرك أن الخيالة الآخرين ، وحتى زيه عبء عليه الآن أدرك قدره الحميم ، قدر الذئب وليس قدر الكلب الأليف .أدرك أنه هو نفسه الرجل الآخر ، وطلع الفجر على السهل الشاسع ، ألقى كروث قبعته العسكرية على الأرض ، وصرخ قائلًا إنه لن يكون طرفًا في جريمة قتل رجل شجاع ، وبدأ يقاتل الجنود جنبًا إلى جنب مع طريد العدالة مارتن فييرو .