تعد رواية حسرة أو ندم واحدة من القصص القصيرة التي كتبتها المؤلفة المبدعة كايت تشوبين ، ونشرت لأول مرة في مايو عام 1894م بمجلة Century ، وفيما أصبحت جزءً من مجموعتها القصصية ليلة في أكادي التي صدرت في نوفمبر 1897م .نبذة عن الكاتب:
كيت شوبان أو كاثرين أوفلاهرتي هي كاتبة قصص وروائية أمريكية ، كتبت مجموعة قصص الأطفال في الفترة ما بين عامي ١٨٩٢ و١٨٩٥م ، ومن أعمالها الكبرى عائلة بايو وليلة في أكادي ، وتعتبر قصتي طفل ديزيه والعاصفة من أشهر قصصها القصيرة .كانت الآنسة أوريلي تمتلك شخصية قوية جدًا وكانت تتميز بخدود وردية رائعة ، وشعرها كان يتغير من البني إلى اللون الرمادي ، أما عينيها فكانت عين مصرة ومصمّمة وكان يبدو منها شخصيتها القوية ، كانت أوريلي ترتدي دائمًا قبعة رجل المزرعة ، ومعطف الجيش الأزرق القديم عندما كانت تبرد ، وأحيانًا كانت تلجأ للأحذية الطويلة .لم تفكر الآنسة أوريلي قط في الزواج ، ولم تقع أبدًا في الحب وفي سن العشرين عرض عليها الزواج ولكنها رفضته على الفور ، وفي سن الخمسين لم تكن قد عاشت لتأسف لذلك ، فهي كانت وحدها في العالم باستثناء كلبها بونتو ، وبعض الزنوج الذين عاشوا في كبائنها وعملوا لحصد محاصيلها ، وبعض الطيور التي تربيها وعدد قليل من الأبقار وبضعة من البغال وبنادقها التي تطلق رصاصها على الصقور .وفي صباح أحد الأيام وقفت الآنسة أوريلي على شرفة منزلها ، وهي تفكر بمجموعة صغيرة من الأطفال الصغار الذين كانوا يلعبون في الأرجاء ، وكان من غير المتوقع والمذهل مجيئهم وبالطبع كان غير مرحب بهم من قبلها رغم أنهم كانوا أبناء جارتها الأقرب أوديل ، فقبل أيام ظهرت المرأة الشابة أوديل وبرفقتها هؤلاء الأطفال الأربعة وبين ذراعيها حملت لودي ، وسحبت تينومي من يده الغير راغبة في الدخول ، بينما تبعها مارشلين وماركليت بخطوات متراجعة .كان وجهها أحمر ومليء بالدموع والإثارة فلقد تم استدعاؤها إلى رعاية والدتها ، بسبب المرض الخطير الذي أصابها وكان زوجها بعيدًا في تكساس على بعد مليون ميل ، وكان الرجل الذي سينقلها ينتظر في عربة يجرها بغل ، لدفعها إلى المحطة لترعي أمها المريضة ، لهذا ذهبت للآنسة أوريلي وطلبت منها أن تحافظ على هؤلاء الصغار حتى عودتها .لقد استعطفتها أوديل قائلة : ليس لدي أحد غيرك ليرعاهم رجاءً ساعديني آنسة أوريلي ، فأخبرتها أوريلي أنها لا تتحمل الأطفال ولكنها وافقت في النهاية على مضض ، وتركتهم أوديل مع الآنسة أوريلي وركبت العربة متجهة إلى أمها المريضة ، وكان ضوء الشمس الأبيض ينبض على الألواح البيضاء القديمة ، وكان بعض الدجاج يخدش في العشب عند سفح الدرج ، وكان أحدهم يتصاعد بجرأة وهو يخطو بكثافة وبلا هدف عبر الرواق .كانت هناك رائحة لطيفة من الورود في الهواء ، وكان صوت ضجيج الزنوج يأتي عبر حقل القطن المزهر ، أما الآنسة أوريلي فوقفت تفكر في الأطفال وقامت بأخذ نفس عميق من الهواء ، ونظرت للأطفال وخلال تلك اللحظات التأملية القليلة كانت تستجمع نفسها ، وتحدد خط العمل الذي يجب أن يكون متطابقًا مع سطر الواجبات ، ثم بدأت بإطعامهم .فهنا كانت مسؤوليات الآنسة أوريلي قد بدأت ، لكن الأطفال الصغار ليسوا خنازير صغيرة تحتاج الأكل فقط ، إنهم يحتاجون ويطلبون أشياء واهتمامات غير متوقعة بشكل كامل من قبل الآنسة أوريلي ، والتي كانت غير مستعدة لتقديمها ، فقد كانت في الواقع غير مستعدة في إدارتها لأطفال أوديل ، وخلال الأيام القليلة الأولى عرفت أن ماركيتي كانت دائمًا تبكي عندما تتحدث إليها بنبرة صوت عالية .فقد كانت لها خصوصية و تعرفت أيضًا على شغف تينومي بالزهور عندما التقط كل أنواع الغرانيت والورد ، الذي اختاره لغرض واضح وهو دراسة ناقدة لنموها النباتي ، لقد كان الكرسي الذي أجلست فيه الآنسة أوريلي تينومي فسيحًا ومريحًا ، واغتنم الفرصة لأخذ غفوة فيه بعد الظهر ، وفي الليل عندما أمرت الجميع ان ينام كل واحد في السرير لأنها ستقوم بإدخال الدجاج إلى بيت الدجاج .نظروا إليها وهم يقولون و ماذا عن قمصان النوم البيضاء الصغيرة ، التي كان يجب لبسها وماذا عن حوض الماء الذي كان يجب إحضاره ووضعه في منتصف الأرضية ، حيث كانت كل الأثواب المليئة بالتراب والغبار والمليئة بالشمس تتغاضى عن كل ما هو نظيف وجاف؟ كما أخذت مارشلاين وماركليت يضحكان بسرور من الفكرة ، التي مفادها أن الآنسة أوريلي كان تعتقد للحظة أن تينومي قد ينام دون أن يتم إخباره بقصة Croque-mitaine ، أو أن لودي يمكن أن تغفو على الإطلاق دون أن تهزها وهي تغنى لها .لقد أخبرت الآنسة أوريلي العمة رويي أنها تفضل أن تدير مزرعة على أن تعتني بالأطفال ، فالآنسة أوريلي بالتأكيد لم تطمح لمثل هذه المعرفة الملموسة بالأطفال عبر السنين ، وبعد فترة أجبرت أصابع الصبي تينومي الصغيرة على كشف فساتين بيضاء ،لم تكن ترتديها الآنسة أوريلي لسنوات طويلة ، وكان عليها أن تعوّد نفسها على قُبلاته الرطبة وتعبيرات الطبيعة الحنونة والرائعة ، حيث أنزل ملابسها التي نادرًا ما كانت تستخدمها من الرف العلوي من الدولاب ، ووضعها في متناول اليد وأتاح سهولة الوصول إليها .واستغرق الأمر منها بعض الأيام لتعتاد على الضحك والبكاء والأحاديث ، التي ترددت في البيت وحولها طوال اليوم ، ولم تكن الليلة الأولى أو الثانية سهلة كي يمكن أن تنام فيها بشكل مريح ، مع وجود جسد صغير ممتلئ بالبراءة يضغط على وجهها ، ونفس حار يخرج من الصغير ويضرب خدها مثل ذيل الطائر ، ولكن بمرور أسبوعين نامت الآنسة أوريلي بشكل طبيعي ولم تعد تشتكي .وفي نهاية الأسبوعين أيضًا شاهدت الآنسة أوريلي عربة زرقاء حول منحنى الطريق ، كانت تجلس بها أوديل لكن هذا المجيء غير المعلن وغير المتوقع ، جعل الآنسة أوريلي في حالة من الهياج فكان يجب جمع الأطفال ، أين كان تينومي؟ انه في السقيفة ، وأين مارشلين وماركلت ؟ إنهم يشكلون قطع من خرق الدمى في زاوية المعرض ، وأما بالنسبة للودي فقد كانت آمنة بما فيه الكفاية بين ذراعي الآنسة أوريلي ، وكانت قد صرخت فرحة برؤية العربة الزرقاء المألوفة التي كانت تعيد والدتها إليها .الإثارة كانت في كل مكان بالنسبة للأطفال ، فقد انطلقوا نحو والدتهم التي شكرت الآنسة أوريلي كثيرًا ، ووقفت الآنسة أوريلي على علي شرفة منزلها حتى أنها لم تعد تستطيع رؤية العربة مع غروب الشمس الأحمر ، والشفق باللونين الأزرق والرمادي اللذان كانا ينثران ضبابًا أرجوانيًا عبر الحقول والطريق الذي أخفاها عن نظرتها ، ولم تعد قادرة على سماع الصفير وصرير عجلاتها ، ولكنها كانت لا تزال قادرة على سماع صوت الأطفال السعداء بوالدتهم .ثم تحولت إلى المنزل وكان هناك الكثير من الأعمال التي تنتظرها ، لأن الأطفال تركوا اضطرابات وأشياءً كثيرةً مكسورة و ومبعثرة بغير أماكنها ، لكنها لم تقم على الفور بمهمة تصحيحها فقد ظلت الآنسة أوريلي جالسة بجانب الطاولة ، وأعطت نظرة واحدة بطيئة عبر الغرفة ، التي كانت الظلال المسائية تزحف وتتعمق حولها .وتركت رأسها يسقط على ذراعها المحنط ، وبدأت في البكاء وهي تقول أووووه وبكت! ليس بهدوء كما تفعل النساء في كثير من الأحيان ، بكت مثل رجل لم يبكي في حياته قط ، مع تنهدات يبدو أنها كانت تمزق روحها حتى أنها لم تلحظ كلبها المدلل بونتو ، الذي كان يشعر بها ويلعق يدها طوال فترة بكائها ، إنه الندم ولا شيء أخر سواه .