قصة عباس بن فرناس

منذ #قصص نجاح

يترك العلماء ميراثًا عظيمًا لخدمة البشرية في كل مكان وزمان ، ويخلدون أسماءهم وأعمالهم بحروف من ذهب تُنقش في ذاكرة التاريخ ؛ مهما مرّ الزمان تبقى اختراعات واكتشافات وأبحاث العلماء بمثابة النور الذي يضيء أرجاء العالم ، ومن أهم العلماء الذين أضافوا للعلم ضياءًا ونورًا العالم المسلم عباس بن فرناس .وُلد أبو القاسم عباس بن فرناس عام 810م في رندة بإسبانيا ؛ وتزامن ميلاده مع وجود الدولة الأموية بالأندلس ؛ وتعود أصول أسرته إلى الأمازيغ التابعين إلى موالي بني أمية ، عاش بن فرناس في قرطبة وتلقى علومه فيها ؛ وظهرت براعته في مجالات الكيمياء والفلك والفلسفة .حصل عباس بن فرناس على مكانة خاصة ومميزة عند الأمراء وكبار الشعراء ؛ حيث اتخذه الأمير عبد الرحمن بن الحكم كمُعلمًا ليعلمه الفلك ، ونظرًا لمكانته العظيمة أُطلق عليه لقب “حكيم الأندلس” ؛ كان عالمًا مشهور بذكائه الشديد ؛ كما اتسم بوعيه وموهبته في مجال الشعر ، واستطاع من خلال موهبته أن يفك كتاب العروض الخاص بالفراهيدي ، ولم يقتصر الأمر على هذا الحد بل فاقت موهبته الحدود لتصل به إلى حد البراعة في مجال الموسيقى والضرب على العود .قام عباس بن فرناس بتصميم ساعة مائية ؛ وقد أطلق عليها اسم الميقات ، واستطاع أن يتوصل إلى طريقة تمكنه من صناعة الزجاج الشفاف من المواد الحجرية ؛ كما برع في صناعة النظارات الطبية ، وقام بصناعة ما يُعرف باسم ذات الحلق ؛ وذلك من أجل أن يُحاكي حركات النجوم والكواكب.استطاع بن فرناس استحداث طرق تُمكنه من تقطيع أحجار معروفة باسم المرو موجودة بالأندلس ؛ حيث كانت تُرسل إلى مصر لتقطيعها ؛ وبعد تلك الطريقة التي ابتكرها أصبح من السهل تقطيع تلك الحجارة بالأندلس ، تميز بن فرناس بصناعته لأول قلم حبر عُرف في التاريخ عن طريق صناعة أسطوانة تتصل بها حافة مُدببة وبجوارها حاوية مليئة بالحبر الذي يتدفق إلى الاسطوانة ؛ وينزل من خلالها إلى الحافة وتتم عملية الكتابة .قام عباس بن فرناس باستخدام تقنيات عالية الجودة موجودة بمعمله الخاص في بناء غرفة نموذجية تُحاكي في شكلها مشهد النجوم والصواعق ومظاهر المناخ المختلفة التي تظهر في السماء ، حاول بن فرناس أن يسبق الزمن بمحاولته للطيران والتي تُعد من أهم وأعظم انجازاته ؛ حيث استخدم جناحين وحاول أن يطير بهما بالقرب من قصر موجود ببغداد ويُعرف باسم قصر الرُصافة .تفوق بن فرناس في اختراعاته غير المسبوقة ؛ وبالرغم أن محاولة الطيران لم تُجني ثمارها المطلوبة آنذاك إلا أنها تُعتبر من أعظم المحاولات ؛ حيث سبق بها المحاولة التي قام بفعلها إلمر ألمالمسبوري ؛ حيث حاول أن يطير باستخدام طائرة شراعية في انجلترا وكان هذا الحدث تقريبًا خلال الفترة من عام 1000م إلى عام 1010م .بعد أن اشتهر عباس بن فرناس بتلك الاختراعات التي سبق بها الأزمنة ؛ تم اتهامه بالزندقة والكفر ؛ وعُقدت جلسة لمحاكمته أمام الناس بالمسجد الجامع ، ولكن انتهت القضية بحصوله على حكم البراءة ؛ وذلك لأن الاتهامات كانت قائمة على الجهل والمبالغة .وتكريمًا لتاريخ عباس بن فرناس المُفعم بالاختراعات والاكتشافات العلمية ؛ تم وضع اسمه على فوهة قمرية ؛ كما صُنع له تمثال تم وضعه أمام المطار بمدينة بغداد ، وسُمي أحد المطارات الموجودة بشمال بغداد باسمه ؛ كما سُمي فندق مطار طرابلس باسمه ، وهناك بعض الأماكن التي حملت اسمه كنوع من التشريف والتكريم ، وقد توفي بن فرناس عام 887م في عهد الأمير محمد بن عبد الرحمن .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك