بنجامين كارسون أو بن كارسون كما يشتهر رجلٌ صنعته إمرة ، لولاها ما صار هو الجراح الشهير ورجل السياسة المحنك الذي عمل وزيرًا لفترة من الزمن ورشح للرئاسة في فترة أخرى ، فمن كان يصدق أن هذا الطفل الذي يدرس في الصف الخامس ، وينعته الجميع بالغباء سيصير اليوم جراحًا عالميًا له اسم وقامة تتغنى بها وسائل الإعلام في الشرق والغرب .ولد بن كارسون عام 1951م في منطقة ديترويت التابعة لولاية ميتشيجان الأمريكية ، لأم يافعة تخلى عن زوجها لكنها أبت أن تتخلى عن صغارها ، انها السيدة سونيا كارسون التي غيرت حياة طفلها بنجامين ، فحولته من طفل غبي لا يستطع الحصول على درجات عالية ، إلى طفل أخر لا يعرف المستحيل .تعود أحداث تلك القصة إلى الفترة التي كان يدرس بها كارسون في الصف الخامس ، كان طفلاً كسولاً لا يعبأ بالدراسة أو التعليم ، كان الجميع يرونه غبيًا وهو أيضًا كان يرى نفسه مثلهم ، ولكن والدته لم يكن لديها تلك النظرة ، فقد كانت مؤمنه بأن ابنها يمتلك الكثير ولكنه يحتاج إلى التحفيز ، فوضعت السيدة الأمية التي لا تجيد القراءة خطتها ، وأرست ثلاث قواعد رئيسية في حياة ابنها ، وهما :القاعدة الأولى : لا يسمح له سوى بمشاهدة اثنين من البرامج الأسبوعية .القاعدة الثانية : ممنوع منعًا باتًا مشاهدة البرامج أو اللعب قبل إنهاء الواجبات المدرسية .القاعدة الثالثة : الذهاب إلى المكتبة وقراءة كتابين أسبوعيًا وتقديم تقرير عنهما .وهكذا استطاعت السيدة سونيا بتلك القواعد الذهبية تحويل حياة ابنها إلى النجاح بعد الفشل ، ورغم محاولات الكثيرين احباطاها واتهامها بأن سيدة قاسية لا تسمح لأولادها باللعب والترفية ، إلا أنها استطاعت أن تثبت العكس بعد أن ظهرت علامات النبوغ على طفلها .فقد تحول بن كارسون من النقيض إلى النقيض أصبح يجيب على كل أسئلة المعلمين في المدرسة ، فقد جعلته الكتب التي يقرأها أسبوعيًا على قدر عالٍ من المعرفة والإطلاع ، واستطاع أن يحظى بالاهتمام والتقدير بعد أن أنهى دراسته بجدارة ليلتحق بكلية الطب التابعة لجامعة ميتشيجان ، وبها تخصص بقسم جراحة الأعصاب ، ووجد لنفسه مكانًا بين أشهر الأطباء في العالم .ورغم كل الصعوبات التي واجهها كارسون إلا أنه كان دائمًا يتذكر سونيا ، الفتاة التي تحملت المسئولية في عمر صغير وجابهت وحدها صعوبات الحياة ، كان كارسون يردد دائمًا في كل البرامج التليفزيونية اسمها ويقول هي من علمتني المسئولية وجعلتني أتغلب على فقري لأستمر في التعليم .وقد بدأت شهرة بن الحقيقية حينما قام بعملية جراحية لفصل توأم ملتصق من الرأس ، كان عمره حينها سبعة أشهر وكانت هذه العملية الأولى من نوعها التي يجريها ، واستغرق إجراءها أكثر من 22 ساعة بألمانيا ، بعد نجاح تلك العملية توالت عليه عمليات كثيرة من هذا النوع استطاع أن ينهيها بشكل جيد .وقد أجرى بن ما يقرب لـ 300 عملية جراحية وألف 90 كتابًا من بينهم كتاب يخلد سيرته الذاتية ، وقد تم تحويل هذا الكتاب إلى فيلم بعنوان الأيادي الموهوبة The gifted Hands ، وقد لاقى نجاحًا منقطع النظير .والجدير بالذكر أن الدكتور بنجامين حصل على خمسين دكتوراه فخرية في خدمة البيئة ، واختير من بين 89 شخصية أسطورية ، كما تم تكريمه من قبل الرئيس السابق جورج بوش ، وقد رشح الدكتور بنجامين نفسه لرئاسة الولايات المتحدة بعد الرئيس أوباما لكن لم يحالفه الحظ في السياسة كما حالفه في الطب .