اتسع إنتاج ميشال فوكو ليغطي مجالات متعددة كعلم النفس والاجتماع والفلسفة والتاريخ أيضًا ، بجانب شغفه بالسياسية وكذلك الأدب ، شغل الفيلسوف ميشال فوكو عددًا من المناصب المرموقة في الجامعات الفرنسية وكان بروفيسورًا لتاريخ الفكر بكلية Collège de France ، وعمل استاذًا في عدد من الجامعات الأمريكية منها جامعة تونس وجامعة كاليفورنيا ، كما أنه كان ناشط سياسي يعمل على تحسين أوضاع المساجين ، لذلك تم اعتباره من أهم الفلاسفة في النصف الثاني من القرن العشرين .ولد فوكو في العام 1926م في الوسط الغربي في فرنسا ، لأسرة ريفية كان والده جراحًا وكان تحصيله الدراسي مترنحًا ما بين المتوسط والجيد حتى انتقل إلى كوليدج سانت ستانيسلاس وتفوق فيها بامتياز ، وبعد وقوع بلدته تحت الاحتلال الألماني إبان الحرب العالمية الثانية انتقل لمدرسة نورمال سوبيريور وكان هذا المسار التقليدي للعمل بالمسار الإنساني .حاول فوكو الانتحار وعانى كثيرًا أثناء تواجده بتلك المدرسة وعرض نفسه هلى أخصائي نفسي وكانت النتيجة أن أصبح هو مولعًا وشغوفًا بعلم النفس ، وحصل على إجازة علم النفس وإجازة الفلسفة ، ثم انضم للحزب الشيوعي الفرنسي في الفترة من 1950-1953م ولكن ما لبث أن اقلقته تصرفات ستالين ، حصل فوكو على الاستاذية عام 1950م وعمل محاضرًا بمدرسة École Normale ، ثم شغل منصب في جامعة University of Lille ، ليحاضر بها علم نفس من عام 1953م.وفي عام 1954م أطلق كتابه الأول تحت عنوان Maladie mentale et personnalité ، ثم عزل نفسه عن فرنسا ، وتم تعينه مندوب في جامعة أوبسالا في السويد ، ثم انتقل لجامعة وارسو ثم جامعة هامبورغ ، ليعود لفرنسا مرة أخرى في العام 1960م ليتابع الدكتوراه ، ويحصل على شهادة الفلسفة من جامعة University of Clermont-Ferrand وحاز الدرجة عام 1961م وقدم بحثين عن تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي ، وفي العام 1963م نشر كتابة ولادة العيادة .ثم انتقل لجامعة تونس في العام 1966م ونشر كتابة الأشياء والكلمات بنفس العام ، ولقى الكتاب شعبية كبيرة وسرعان ما تم اعتباره من المفكرين ، اندلع حادث عصيان الطلبة في العام 1968م وكان لا يزال في تونس ولكنه تأثر بالحادث ليعود لفرنسا في خريف نفس العام ، وبعد تلك الحوادث أسس الحكومة الفرنسية جامعة تجريبية جديدة هي فنسن ، أصبح أول عميد لقسم الفلسفة وتم تعين الأكثرية من الشباب اليساري ولكنه لم يستمر بهذا المنصب مدة طويلة .ليتم انتخابه بعدها ليحتل كرسي أهم هيئة أكاديمية وهي الكوليدج دي فرانس ، كأستاذ لتاريخ نظام الفكر وبدأ نشاطه السياسي في زيادة وساهم في تأسيس مجموعة المعلومات الخاصة بالسجون ، ولكن انحسر نشاطه السياسي بعد خيبة الأمل مع الكفاح اليساري وتخلي عدد من الشباب عن معتقداتهم ليصبحوا ما يسمى المتفلسفون الجدد ، وألف كتاب إرادة المعرفة المنشور عام 1979م .ثم ذهب لأمريكا وتم تعينه استاذًا زائرًا لجامعة كاليفورنيا عام 1980م وقدم محاضرات عن الحقيقة والذاتية ، ويعتقد أنه انتقل إليه عدوى الإيدز بسبب حياته المثلية فلم يتم التعرف على المرض الذي أصابه أو حتى وصفه ، قدم أخر محاضراته في الكلية الفرنسية ثم انتقل بعدها لمستشفى سالبريه كانت نفس المشفى الذي درس فيها حالات الجنون ، على اثر إصابة عصبية معقدة ادت لتسمم بالدم ليتوفى عام 1984م .