هو محمد بن جرير بن يزيد الطبري لُقب بأبو جعفر ولُقب أيضًا بإمام المفسرين ، ولد في القرن الثالث الهجري بالتحديد في العام 224 للهجرة بمدينة أمول في طبرستان بلاد ما وراء النهرين ، ترعرع ونشأ فيها ببيت علم أتم حفظ القرآن الكريم وهو بعمر السابعة من عمره ، ثم توجه لمدينة الري وهو بعمر الثانية عشر من عمره من أجل طلب العلم ، وفيها تلقي العلم عى يد أبي عبدالله محمد بن حميد الرازي لمدة خمس سنوات وهذا العالم كان له أثرًا كبيرًا على الإمام الطبري فقد أخذ على يده السيرة النبوية الشريفة وعلم التاريخ .ثم انتقل بعدها لمدينة بغداد حاضرة الحضارة الإسلامية في هذا الزمان وفيها درس الفقه على المذهب الحنفي ، ثم انتقل لمدينة البصرة ثم الكوفة ، وفيهم التقى بالعديد من العلماء البارزين وتعلم منهم ولكنه أحب دراسة المذاهب الأخرى لأن الفقه الخنفي لم يشبع نهمه بالعلم ، فدرس الفقه المالكي والشافعي وكذلك الظاهرية ، وقد عُرف عنه الاستقلال في الرأي ودرايته التامة بالمذاهب الفقيه ، وخاض الإمام العديد من المناظرات الفكرية مع أساتذته وكذلك زملائه وطلابه .وكان الأمام على علاقة حسنه بالخليفة العباسي فأوعز إليه بدراسة التشريع والقانون ولكنه رفض منصب القاضي ورفض أن يتقاضى منه أجرًا أو هبة وظل عاكفًا على التصنيف وتأليف الكتب ، وكان الطبري دائم الاجتهاد وكان له مذهبه الفقهي الخاص به سُمي بالمذهب الجريري .كما أنه كتب في علوم مثل التاريخ واللاهوت والتفسير ، فله الكتاب الأشهر المعروف بتفسير الطبري ، هو من أشهر أعماله وأكثرها تأثيرًا ، واهتم فيه بكتابة وفهم المعاني والتفاصيل ، أما في علم التاريخ فقد كتب كتابه تاريخ الرسل والملوك وعُرف فيما بعد بتاريخ الطبري والذي تناول فيه التاريخ العالمي منذ بدء الخليقة حتى العام 915م .وهو المصدر الأول للمؤرخين وله كتب أخرى مثل تهذيب الآثار واختلاف الفقهاء ، ولكن بالرغم من ذلك فإن فكره الحر لم يكن محل ترحيب في عصره وبين علماء القرن الثالث الهجري ، وكانت الطامة الكبرى رأيه في المذهب الحنبلي والذي كان أكثر المذاهب اتباعًا في العصر العباسي .من أرائه التي أثارت جدل واسع أنه قال أن الإمام أحمد ليس فقيه ولكنه ناقل للأحاديث فتم رجم بيت الطبري بالحجارة فدعا الحنابلة لمناظرة ولكنهك رفضوها واستمر الاعتداء عليه حتى وفاته ، عُرفت تلك الفترة بمحنه الإمام الطبري حيث اختلف مع كبير الحنابلة أبي بمر داود واضطهد الحنابلة الطبري لحين وفاته .وتوفي الإمام الطبري في العام 310م وتم دفنه سرًا في جنح الظلام خوفًا من أعمال التعصب من الجموع المتعصبة من أرائه ، ومن المعروف عنه أيضًا أنه لم يتزوج فقد شغله العلم وشغل حياته كلها التي وهبها للتأليف والتصنيف ولم يبقي منها شيئًا لأحد ، أثنى عليه الكثير من العلماء منهم الإمام النووي وابن تيميه والخطيب البغدادي وغيرهم ..