من أبرز علماء اللغة واللغويات في العالم منذ صغره أظهر نبوغًا فكريًا فريدًا من نوعه هو أفرام نعوم تشومسكي ولد في السابع من سبتمبر لعام 1928م في مدينة فيلادلفيا ، بولاية بنسلفانيا الأمريكية ، تابع دراسة لينال درجة الدكتوراه في علم اللغويات من جامعة بنسلفانيا وأصبح مدرس بعد ذلك في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عام 1955م ، طرح عدد من النظريات الرائدة جدًا في المقدرة اللغوية للإنسان وكان له مقالات وكتب واسعة في مجالات متنوعة ، وله كتابات عن انتقاد الولايات المتحدة وسياستها .كان نعوم منذ الصغر عبقري كان فضوله يدفعه دائمًا للتعلم ، عاش حياته وهو صغير بفترة الكساد العظيم في الولايات المتحدة والذي امتد من العام 1929 وحتى 1939م عندما أفلست جميع المصارف الأمريكية عام 1932م ووصل عدد العاطلين لـ 15 مليون عاطل تقريبًا ، وفي تلك الحال نشأ نعوم مع أخيه ديفيد لأسرة متوسطة وكان يشاهد الكثير من المظالم حوله فاحتفظت ذاكرته بكل ذلك .أما والدته فهي إلسي تشومسكي كانت ناشطة سياسية ثورية في فترة الثلاثينيات من القرن المنصرم أما والده فكان مهاجر يهودي روسي وكان استاذًا جامعيًا يدرس اللغة العبرية في جامعةِ غراتس ، في بداية حياته وأثناء دراسته في المدرسة التقدمية قام نعوم بكتابة مقال عن ظهور وبزور النزعة الفاشية في أوروبا مع نهاية الحرب الأهلية الأسبانية ، أثار المقال جدل واسع وكان هو النواه الأولى لكتابة المقال الأكاديمي الذي قدمه فيما بعد لجامعة نيويورك ، ثم انتقل هو بعمر الثالثة عشر من مدينة فيلادلفيا لنيويورك .عمل حينها في كشك لبيع الجرائد والمجلات يمتلكه عمه خلف مخرج مترو الأنفاق ، مكنه هذا من الاستماع لنقاشات الكبار ومعرفة آرائهم المتباينة فأجب كثيرًا بعمه ذاك الرجل الذي لم يلتحق بالعمل الرسمي ، ونشأت أراء تشومسكي السياسية من مواقف أفرزتها التجربة فيرى أنه بإمكان كل الناس فهم الاقتصاد والسياسة واتخاذ قرارتهم بنفسهم وينبغي اختبار السلطة قبل منحها صفة الشرعية ، ثم بدأ في الدراسة في جامعة بنسلفانيا مع قرب نهاية الحرب العالمية الثانية .ثم التقي تشومسكي بالاستاذ الجامعي الأمريكي بزيلغ إس هاريس والذي مهد له الطريق لاكتشاف علم اللغة البنيوي ، وتقسيم اللغة لوحدات ومستويات محددة وتأثر تشومسكي بأفكاره كثيرًا حول ما يمكن للغة أن تكشفه على المجتمع ، فأعجب المعلم بقدرات تشومسكي الكبيرة وبدأ في تعليمه والاهتمام به .وتمكن نعوم من الحصول على البكالوريوس والماجستير ثم تدم تقديمه لعالم الرياضيات ناثان فاين والفيلسوف نيلسون غودمان و ناثان سالمون ، ولكن تشومسكي خالف غودمان في أفكاره الذي قال أن العقل البشري عند الولادة عبارة عن صفحة بيضاء ، بينما قال تشومسكي أن مفاهيم اللغة الأساسية فطرية وموجودة في عقل كل إنسان ولا تتأثر إلا ببنية اللغة التي يستمع الفرد إليها .ثم قدمة أطروحة الماجستير تحت عنوان علاقةُ الصرفِ بالأصواتِ في اللغةِ العبريةِ الحديثةِ في العام 1951م وتزوج من الإحصائية التربوية كارول شاتس ودام زوجهما لـ 59 عامًا حتى توفيت عام 2008م ، ثم عاش نعوم في مزرعة في أرض فلسطين المحتلة وأنجب ثلاثة أطفال وعند عودة لأمريكا أكل دراسته في جامعة بنسلفانيا ، وأنجز عدد من الأبحاث والكتابات بجامعة هارفارد ، ثم قدم أطروحة الدكتوراه تحت عنوان البِنىْ التركيبيّةُ ونُشرت عام 1957م .وقبل ذلك تم تعينه ضمن أعضاء هيئة التدريش في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وأصبح استاذًا فخريًا بقسم اللغويات والفلسفة لنصف قرن تقريبًا حتى تقاعد من التدريس عام 2005م ، ثم أصبح استاذًا زائرًا في عدد من جامعات العالم مثل جامعة كامبريدج وجامعة كولومبيا وجامعةِ برينستون وجامعةِ كاليفورنيا وحصل على عدد لا يُحصى من شهادات الدكتوراه الفخرية ، وطرح خلال مسيرته العلمية العديد من المفاهيم ثل النحو التحويلي وفسر قدرة الأطفال على تعلم عدة لغات ، وكان أشهر انجازاته بعلم اللغويات ما يُعرف بهرمية تشومسكي وهي تعني تقسيم قواعد اللغة في مجموعات تتأرجح صعودًا وهبوطًا في قدرتها اللغوية .وأبرز كتبه علم اللغة ودراسات حول دلالات الألفاظ للقواعد التوليدية ، واللغة والعقل وجوانب في نظريات النحو والأنماط الصوتيه في اللغة ، ولم تقتصر أفكاره على علم اللغة فحسب بل امتدت لتشمل الآراء السياسية الثورية ، في العام 1967م قدم عدد من الكتابات التي عارض فيها الحرب على فيتنام .وكتب عدد من التقارير عن جرائم الخمير الحمر في كمبوديا وقال أن بعض التقارير لم تكن سوى دعاية أمريكية ، وأنكر استخدام النازيون لغرف الغاز وحلل هجمات الحادي عشر من سبتمبر وكتب عدد من الكتب في علم السياسية مثل سلام في الشرق الأوسط والدولة المارقة وغزة في أزمة وكتابة الذي أثار الجدل الواسع الإرهابُ الغربيُّ : من هيروشيما إلى حربِ الطائراتِ بدون طيار .وحصل خلال مسيرته الطويلة على عدد هائل من التكريمات والجوائز الأكاديمية وغير الأكاديمية مثل جائزة سيدني الإنسانية للسلام ، وجائزة كيوتو للعلوم الأساسية ، وجائزة من الجمعية الأمريكية لعلم النفس .