إن النجاح يتردد صداه في الحياة إلى الأبد حتى بعد موت هؤلاء الناجحين ، وذلك لأنهم يرحلون بأجسادهم فقط بينما تظل أفكارهم ونجاحاتهم تضيء طرق الحياة ، وقد يستمر حصادهم للنجاح بعد وفاتهم دون توقف ، ويؤكد ذلك على مدى نبوغهم وتقدمهم ، وهذا ما حدث بالفعل مع الطبيبة لطيفة الخطيب التي تم تكريمها بعد 55 عامًا من رحيلها .حياتها الشخصية :
وُلدت لطيفة بنت عبد الحميد الخطيب في مكة المكرمة خلال عام 1345 هجريًا ، وهي حفيدة المدرس العلامة بالمسجد الحرام الشيخ عبد اللطيف العالم وهو إمام الشافعية بعهد الأشراف ، وقد تزوجت الدكتورة لطيفة من الشيخ حامد فطاني (كان معلمًا للمغفور له بإذن الله تعالى الملك فهد) ، وكانت رائدة في مجال التعليم الصحي والاجتماعي والثقافي .حياتها العملية :
تخرجت من كلية الطب وتخصصت في أمراض النساء والولادة ، وكانت أول سيدة في المملكة تحصل على وظيفة ، كما كانت هي الكاتبة الأولى التي تُكتب باسمها الحقيقي في التاريخ الصحفي بالمملكة خلال عام 1372 هجريًا (1952م) ، وكانت هي السيدة الأولى التي تشرف على أول صفحة تهتم بشؤون المرأة ؛ وهي الصفحة التي قد أصدرها حسن قزاز وهو صحافي من العراق وأطلق عليها اسم “المرأة في بيتها” خلال عام 1379 هجريًا .تُعتبر الدكتورة لطيفة هي رائدة في مجال العمل الصحافي ، وقد تم انتساب ذلك لغيرها ولكن صدرت بعض الأبحاث التي تعتمد على الوثائق التي تؤكد على ريادة الدكتورة لطيفة للعمل الصحافي بلا منافس ؛ وقد ساهمت ببعض الإصدارات التي عمدت من خلالها على التأكيد على الدور الفعال للمرأة بالمملكة .كانت أول سيدة من المملكة تستمر في المطالبة بتعليم الفتاة لمدة ستة عشر عامًا ، وقد كتبت من أجل هذه القضية العديد من الموضوعات بالجرائد المحلية مثل جرائد عكاظ والمدينة والندوة والبلاد ، قامت بالعمل كمشرفة على مدرسة دار الحنان التي كانت تمتلكها الأميرة عفت الثنيان آل سعود ، وقد أوضحت رأيها في المدرسة قائلة : لقد وصلت بنا السيارة إلى تلك المدرسة القاطنة بشارع العطار ، ونظرتُ إلى اللوحة التي تبدو وكأنها لوحة شرف تقوم المؤسسات بوضعها من أجل تكليل أعمالهن الجليلة لأجل مساعدة النساء في المملكة .عملت على معالجة القضايا الخاصة بشؤون المرأة وما هي الواجبات التي تختص بها والعمل على توجيهها نحو التربية الصحيحة الصالحة ؛ من خلال كتاباتها في جريدة البلاد خلال عام 1379 هجريًا ، كما كتبت موضوعات إذاعية من أجل البرامج الثقافية والتي كانت تهدف من خلالها إلى تقديم التوعية الصحية والمجتمعية .إنجازاتها :
قامت جريدة أم القرى بالكتابة عن الدكتورة لطيفة في صفحتها الأولى يوم 23 أكتوبر من عام 1942م والتي صدرت تحت عنوان “فوز طالبة” والتي ورد فيها : من أخبار مصر ان الحكيمة لطيفة بنت عبد الحميد الخطيب عضو مجلس الشورى قد حصلت على شهادة الدبلوم من كلية الطب بجامعة فؤاد الأول في مجال الولادة وأمراض النساء والطب الشرعي ورعاية الطفل .وكانت هي الأولى في الولادة والرابعة في مجمع العلوم من كافة الطلبة بالقطر المصري ، وقد تم تعيينها من قِبل الحكومة المصرية كحكيمة لمعهد التربية البدنية العالي للبنات ، وهي أول فتاة من المملكة تنال هذه الشهادة من الخارج فنقدم لها ولوالدها عظيم التهاني “.حازت على جائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز الخاصة بالمرأة المتميزة في المملكة خلال عام 2015م ؛ وذلك بعد 55 عامًا من رحيلها عن الحياة ، وكان ذلك بمثابة تقديم الشكر لجهودها التي بذلتها ولأجل تكريمها وإحياء ذكراها العطرة .