قصة مارينا تسفيتايفا

منذ #قصص نجاح

تُعتبر مارينا تسفيتايفا واحدة من أهم الشاعرات بروسيا ، وقد وُلدت في موسكو خلال عام 1892م ، عاشت داخل عائلة مثقفة تهتم بأنواع الفنون المختلفة ، كان والدها يعمل كبروفيسور بجامعة موسكو وهو الذي أسس متحف الفنون الجميلة ، أما والدتها فتنتسب لأبوين أحدهما من بولندا والآخر من ألمانيا وكانت تعمل كعازفة بيانو ، وقد تركت تسفيتايفا بصمة مميزة بالشعر الروسي .قامت تسفيتايفا بزيارة مجموعة من البلاد أثناء فترات دراستها ؛ حيث زارت ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وسويسرا ، وقد تنبأت في صغرها بما ستتركه أشعارها من بصمة مميزة داخل المجتمع الروسي حيث قالت بأن الوقت سيحين لأشعارها ؛ غير أن وقت أشعارها لم يأت إلا بعد رحيلها عن الحياة .كانت تسفيتايفا تحب الشعر جدًا منذ الطفولة ، وقد كتبت أشعار ونشرتها بوقت مبكر في حياتها حيث لم تكن قد بلغت الثامنة عشر عامًا ، وكانت أولى مجموعتها تحت عنوان “الكراسة المسائية” ؛ مما جعل الأنظار تنتبه إلى تلك الفتاة الصغيرة من قِبل كبار الشعراء ، كما أن الأوساط الأدبية قامت بالاحتفاء بما قدمته في تلك الفترة .نالت أعمالها الشعرية إعجاب الكثيرين ، ومن أهم الأعمال التي قدمتها “قصائد عن موسكو” و “الأرق” ، كانت تتعامل مع الأشعار على أنها جسرًا تستطيع من خلاله توصيل إنتاجها من الرسائل الإبداعية والتي تتداخل مع ملامح وجدانها ،  كانت حياتها مليئة بصنوف الأحداث التراجيدية والتناقضات ؛ حيث أنها لم تتمكن من تقبل أحداث الثورة الروسية وما تسببت فيه من نزاعات وصراعات .تميزت تسفيتايفا بالعبقرية التي تخطت من خلالها حدود كل المدارس الفنية ؛ حيث أنها كانت بمثابة مدرسة متكاملة في ذاتها والتي تعاملت فيها كمعلمة وطالبة في نفس الوقت ، وتم وضعها كثالوث لأكبر مثلث من شعراء روسيا خلال القرن العشرين ؛ والذي تألف من الشعراء الثلاثة وهم : باسترناك وماياكوفسكي وتسفيتايفا .سافرت مع زوجها إلى بلاد بلاد المهجر حيث تركت روسيا خلال عام 1922م ؛ غير أنها وجدت الكثير من المعاناة خلال حياتها في المهجر ؛ حيث اصطدمت هناك بحياة قاسية توضح واقع المجتمع وتطور العلاقات بين المهاجرين وبعضهم البعض ، وهناك لم تصاحب موجة الموضة الأدبية التي كانت سارية في المهجر .حيث أن النظرة إليها كانت مختلفة من قِبل أولئك الذين تبنوا موضة الأدب آنذاك وكانوا يرون أنها تفتقر إلى الشروط الكافية التي تجعلها تنتمي إلى البيض ؛ أو لأنها لم تُعرف بعدائها  الكافي إلى البلاشفة أو الحمر .كانت تعيش حالة من الضنك الشديد لدرجة أنها لم تجد في بعض الأوقات لباسًا مناسبًا كي ترتديه من أجل حضور بعض الأمسيات الشعرية ، لم تتحمل آلام الغربة ومعاناتها هناك لذلك عادت إلى روسيا ، وقامت بالكتابة أيضًا في مجال النثر وخاصةً فيما يخص ذكرياتها ، وقامت بترجمة الكثير من القصائد الخاصة بشعراء من أوروبا ؛ كما ترجمت أيضًا قصائد خاصة بشعراء من روسيا إلى اللغة الفرنسية.بعد أن عادت تسفيتايفا إلى وطنها في روسيا ؛ شعرت أيضًا بقسوة الاغتراب داخل الوطن ؛ حيث فقدت أصدقائها من الشعراء والأدباء أثناء ظروف مؤلمة ؛ مما جعلها تصل إلى مرحلة قاسية من الألم النفسي ، وعاشت معنى العذاب والمعاناة حينما قامت المخابرات السوفيتية باعتقال ابنتها وزوجها وأختها .قام الشاعر باسترناك بإهدائها حبلًا حينما كان يودعها بمحطة القطار ؛ وذلك من أجل أن تربط به الحقيبة الخاصة بها ؛ حيث كانت مسافرة من موسكو إلى مدينة يالبوغا خلال فترة قيام الحرب مع ألمانيا ، ولم يكن باسترناك يدرك أن ذلك الحبل سيغير مسار الحياة إلى الأبد عند تسفيتايفا .والتي حاولت أن تجد فرصة للعمل داخل مطعم خاص بالكتاب كنادلة ؛ غير أنه لم يتم السماح لها بذلك للتشكيك في كونها جاسوسة لدى ألمانيا ؛ مما جعلها لم تستطع تحمل تلك الإهانة القاسية فقامت بالانتحار بذلك الحبل الذي أخذته من باسترناك كهدية عام 1941م ، وأصبح قبرها بمدينة يالبوغا وجهة أساسية لكل من يعشق الشعر الروسي الأصيل .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك