يعد السير ونستون تشرشل (1874م -1965م
من أشهر السياسين في العالم ، سياسي بريطاني كان رئيس وزراء بريطانيا في فترة الحرب العالمية الثانية ، واشتهر تشرشل بمقاومته العنيدة لهتلر خلال أحلك الساعات في الحرب العالمية الثانية .ولد ونستون في قصر بلينهايم بالقرب من أكسفورد لعائلة أرستقراطية ، تربي ونستون وسط الخدم والأصدقاء ونادرًا ما كان يتحدث إلى والده وقضى معظم طفولته في مدرسة داخلية ، في فترة دراسته لم يكن من أفضل الطلاب وكان بطيئًا في التعلم ويمتلك طبيعة ثورية ولكنه برع في الرياضة وانضم لفريق الضباط المتدربين .وبعد تركه للمدرسة التحق بساندهيرست للتدريب كضابط ، و سعر تشرشل في تلك الأثناء للحصول على أكبر قدر ممكن من الخبرة العسكرية ، واستخدم نفوذ عائلته للحصول على نشرات بمناطق الصراع ، وبدأ في العمل كمراسل حربي وكسب أموالًا كثيرة من كتابة تقارير القتال ، وفي العام 1899م استقال تشرشل من الجيش وتابع مسيرته كمراسل حربي غطى حرب البوير في جنوب إفريقيا وأصبح شخصًا شهيرًا ، ساعد في تلك الأثناء على تحرير عدد من الأسرى ونال بعدها جائزة فيكتوريا كروس Victoria Cross تقديرًا لجهوده .واستمر في العمل كمراسل حربي ، ثم عاد إلى المملكة المتحدة في العام 1900م ونجح كمرشح كمحافظ عن مقاطعة أولدهام وأصبح نائبا في البرلمان ، وبدأ تشرشل في جولات النقاش الرابحة وإلقاء الخطابات ، وفي العام 1904م ترك حزب المحافظين وانضم إلى الحزب الليبرالي ، حتى قالوا عنه أنه خان الطبقة الارستقراطية من زملائه المحافظون ولكنه لم يوافق على سياسات المحافظين ، فقد كان له تعاطف شديد من أجل تحسين أوضاع الطبقة العاملة والفقراء .حقق تشرشل في الحزب الليبرالي صعود سياسي قوي ، وبحلول عام 1908م أصبح رئيس لمجلس التجارة (the Board of Trade) وكان أحد الداعمين الأساسيين لميزانية الشعب وهي الميزانية التي حققت نمو لدولة وأدخل ضريبة جديدة لدفعها وحققت الميزانية تحسنًا كبيرة في حياة الفقراء وساعدت في مساواة الطبقات العاملة في المجتمع البريطاني .ومع كون تشرشل ليبرالي ولكنه كان مناهضًا للاشتراكية بشدة وخلال اضراب النقابات العمالية اتخذ موقف مشدد ضد هزيمتهم ، في العام 1911م تم تعينة لورد للاميرالية ، وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى كان تشرشل من أكثر أعضاء الحكومة البريطانية تشددًا للتدخل البريطاني وفي أغسطس عام 1914م تم تقسيم الحكومة الليبرالية لخوض الحرب وساد رأي تشرشل وذهب لبلجيكا وأمر مشاة البحرية البريطانية بالالتزام حول Antwerp ، البعض قال أنه إهدار للمال العام والموارد والبعض الأخر قال أنها ساعدت على إنقاذ القناة من الجيش الألماني .واستخدم الأموال البحرية للمساعد على تطوير الدبابات لأنه شعر أن ذلك سيكون جيدًا في الحرب ، وعلى الرغم من شغفة الشديد للحرب إلا أنه اعتبر أن السياسية السائدة ستكون فاشلة لذا وضع خطة لحملة الدردنيل في العام 1915م وكانت محاولة جريئة لطرد تركيا من الحرب ولكن لسوء الحظ ثبت أنه فشل عسكري فقد خلف آلاف الضحايا من الحلفاء ولم يكن مكسب عسكري ثم استقال من منصبه وسعى للحصول على منصب في الجيش على الجبهة الغربية .وبعد القليل من الإجراءات على الجبهة الغربية عاد إلى لندن وجلس على مقاعد المعارضة قبل انضمامه لحكومة الائتلاف تحت رئاسة لويد جورج وفي عام 1917م ، وتم تعينه وزيرًا للذخيره وكان منصب يتطلب مهارات إدارية قوية لإدارة الموارد المحدودة أثناء الحرب وتم اعتباره كفؤ لتلك المهمة.وفي نهاية الحرب العالمية الأولى كان تشرشل نشطًا في دعم الجيش الروسي الأبيض لمقاومة الشيوعية التي سيطرت على الاتحاد السوفيتي سابقًا ، وفي العام 1924م تم تعينه وزيرًا للخزانة من قبل رئيس الوزراء المحافظ ستانلي بالدوين تحت إشراف العديد من خبراء الاقتصاد ، واتخذ تشرشل قرارًا لإعادة بريطانيا معيار الذهب لما قبل الحرب العالمية الأولى ولكن ثبت أن ذلك يضر بالاقتصاد وأدى إلى فترة من الانكماش وارتفاع معدلات البطالة وانخفاض النمو ، واعترف في وقت لاحق أنه اكبر خطأ ارتكبه وهو بالمنصب .ساهمت معدلات النمو المتدنية والتدهور المعيشي على الإضراب العام في عام 1926م و سعى بعنف لهزيمة النقابات العمالية وخلال تلك الفترة أعرب عن إعجابه بموسوليني باعتباره قائدًا قويًا وفي ثلاثينيات القرن المنصرم عارض استقلال الهند وبعد بداية الحرب العالمية الثانية اختار مجلس العموم تشرشل لقيادة المملكة المتحدة في تحالف وطني وقال رأيه لابد من استمرار بريطانيا في القتال وعارضته أقليه تريد عقد صفقة مع هتلر ، اثبت تشرشل أنه قائد حرب ناجح وكانت خطاباته مشهورة ، وخلال السنوات الصعبة من 1940-1941م التي شهدت المعارك المبكرة بين ألمانيا وبريطانيا كان فوز ألمانيا مرحجًا .وبعد دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب في العام 1942م انتهت الأزمة وبدأت دفة الحرب تتغير بعد معركة العلمين وتمكن من إخبار مجلس العموم أن هذه ليست النهاية ولكن ربما ستكون نهاية البداية ، ومن بداية عام 1943م قاعد تشرشل التحالف مع الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وتورط في العديد من جوانب الحرب ولاسيما معركة نورماندي ، شارك تشرشل في مؤتمرات مع ستالين وروزفلت لمساعدة على التسوية فيما بعد الحرب لإعادة بناء أوروبا المحتلة .وبعد الفوز بالحرب العالمية الثانية صدم تشرشل لخسارته الانتخابات عام 1945م أما حزب العمل الذي بدأ ينتعش وكان قائدًا معارضًا في الفترة من 1945- 1950م ، وعاد للسلطة في انتخابات عام 1950م و تقاعد عن العمل السياسي نهائيًا عام 1955م ، حصل تشرشل على جائزة نوبل في الأدب عام 1953م لإتقانه للوصف التاريخي والسيرة الذاتية ولخطاباته الرائعة في الدفاع عن القيم الإنسانية وأصبح فنانًا بارعًا رغم الاكتئاب الذي لحق به في سنوات التقاعد الصعبة .وتوفى تشرشل في منزله عن عمر يناهز التسعون عامًا ، في صباح يوم الأحد 24 يناير 1965. وكانت جنازته أكبر جنازة رسمية في العالم حتى ذلك الوقت .