العلم في تطور دائم لا يكل ولا يمل ، ولا تتقدم الأمم سوى بعقول وسواعد أبنائها من المخلصين العلماء الذين سبقت أفكارهم واكتشافاتهم من حولهم ، ولابد لنا أن نعرف بأن أمتنا الإسلامية ، منذ فترات طويلة كانت فيها أمم أخرى ، تعيش حالات من التخبط الشديد ، في الثقافة والدين والأخلاق ، ولكن برز علماء العرب في الفترة من القرن التاسع الميلادي ، حيث كانوا قد بدؤوا في الكشف عن بعض النتائج المهمة التي أثرت في حياة الكثيرين ، فالعلماء المسلمين الكثير من الإسهامات في مجالات عدة ، أخذ منها علماء الغرب ما طوّروا به أبحاثهم .البوزجاني وعبقرية أضاءت الغرب :
اسمه كاملاً محمد بن محمد بن يحيى بن إسماعيل بن العباس البوزجاني ، وهو أحد أشهر علماء الرياضيات والفلك المسلمين ، وكان قد وُلد في مدينة اسمها بوزجان ، في عام 940 الميلادي ، وعندما بلغ العشرين عامًا من عمره ، انتقل إلى العراق ، واستقر في مدينة بغداد حيث درس ، حركة القمر وعلوم الرياضيات والهندسة ، وصار شهيرًا في الوسط العلمي بالعراق ، بشروحاته للخوارزمي وأقليدس .قضى البوزجاني أغلب عمره ، في محاولات متواصلة بالتأليف والرصد ومراقبة حركة القمر ، وقدم للعالم المعادلة المثلثية ، التي أسهمت في توضيح مواقع القمر ، وكانت تعرف باسم معادلة السرعة ، بالإضافة إلى كونه مؤسس نظرية قانون الجيوب ، للمثلثات الكروية في علم حساب لمثلثات ، وكان البوزجاني قد تم انتخابه لعضوية المرصد الفلكي ، الذي أنشأه شرف الدولة البويهي ، عام 377 هـ ، في سراية .وكانت من أشهر أعمال البوزجاني ، كتابه الشهير زيج الواضح في علم الفلك ، وكتاب آخر باسم الكامل عبارة عن عدد من المقالات المجمعة ، كشف فيها البوزجاني الكثير عن حركة الكواكب ، وعدد آخر من الكتب مثل كتاب فيما يحتاج إليه الصانع من الأعمال الهندسية ، وكتاب عمل المسطرة والبركار والكونيا ، وقد تمت ترجمة أعماله لأكثر من لغة ، باعتبارها أهم المراجع العلمية في فترة القرون الوسطى .ابن ماسويه الطبيب الذي لم يقرأ حرفًا :
اسمه كاملاً أبو زكريا يحيى بن ماسويه ، ولد عام 777 ميلاديًا ، وعرف عنه أنه طبيب وصيدلي مسيحي يدعى يوحنا ، وهو من أصول سريانية نسطورية لوالده ، وهو أحد العلماء العرب ورث مهنة الطب ، ومعرفة الأدوية والعقاقير عن أبيه ، حيث كان والده يعمل طبيبًا في مارستان بخوزستان وهي إيران حاليًا .انتقل بعدها إلى بغداد وعمل بها ، في صناعة العقاقير الطبية ، وتحدث بشأنه الدكتور يوسف فرحات ، بكتابه موسوعة علماء العرب ، وقد روى عنه أنهكان قد قدم إلى هارون الرشيد ، ولم يكن يقرأ حرفًا واحدًا بأية لغة ، ولكنه كان يعرف المرض من أعراض ، ويصف له العلاج ، وله تبصر واضح بالعقاقير وانتقاء ما يصلح منها ، فعالج العيون والكثير من الأمراض ، وناظر الكثيرين من كبار علماء عصره ، مثل زكريا الطيفوري وعيسى بن الحكم .وكانت من أشهر أعمال ابن ماسويه ، كتاب الأزمان الذي تناول في سياقه ، التقويم الإسلامي وكتاب التشريح في الطب ، وكتاب النوادر الطبية ، إلى جانب أهم كتبه في الجُذام .الاصطخري رائد الخرائط :
اسمه كاملاً أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي الاصطخري ، ويشتهر باسم الكرخي ، وكان قد ولد عام 346 هـ ، في بلدة صغيرة بفارس حمل اسمها فيما بعد وهي بلدة اصطخر ، وعرف عنه أنه رحالة وأشهر علماء الجغرافيا المرموقين ، ارتحل إلى العديد من البلدان وتحدث بشأنه يوسف فرحات وقال عنه أنه طاف العديد من البلدان .ولم تكن أعمال الجغرافيا معروفة في هذا الوقت ، فكان هو أول جغرافي عربي من أبناء عصره ، ومن أهم أعماله وإسهاماته كتابه الأشهر مسالك الممالك ، وقد تمت ترجمته إلى عدد من اللغات غير العربية نظرًا لكونه أهم مصادر علم الجغرافيا على مستوى العالم .