آندريس سلديراج اسكوبار ، مدافع كرة القدم الكولومبي ، الذي لعب لصالح فريق أتلتيكو الوطني ، وفريق بي إس سي يونغ بويز ، وفريق كولومبيا الوطني ، واشتهر اسكوبار بلقب الرجل المحترف ، كما عُرف عنه أسلوبه النظيف بالمنافسة أثناء اللعب ، والهدوء الشديد على أرض الملعب دون تعصب .ومن المؤسف أن يلقى اسكوبار مصرعه ، متأثرًا بطلقات نارية أصابته ، عقب أحداث بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 1994م ، حيث قتلته بعض العصابات الكروية المتعصبة ، على إثر إحرازه هدفًا بالخطأ ، في شباك فريقه ، مما تسبب في خروج كولومبيا ، من كأس العالم في هذا الوقت .ولكن في عام 2013م نفى المدرب فرانسيسكو ماتورانا ، أن مقتل اسكوبار كان سببه هو كرة القدم ، أو بطولة كأس العالم ، وإنما وقع الحادث لأسباب كثر ، أبسطها أنه تواجد في المكان الخطأ وبالوقت الخطأ ، حينما كانت كولومبيا تشهد أحداثًا عنيفًا في هذا الوقت من تاريخها ، ومازال اسكوبار يحظى باحترام جماهير الكرة الكولومبية ، وأيضًا مشجعو فريق أتليتكو ناسيونال.مولده ونشأته وتعليمه :
ولد اللاعب المحترف اسكوبار في ميدلين ، في مارس عام 1967م ، وكان اسكوبار ينتمي لعائلة من أبناء الطبقة المتوسطة ، ودرس وتخرج من معهد كونرادو غونزاليز ، بدأت هواية كرة القدم لدى اسكوبار منذ ارتياده للمدرسة ، حيث شارك في فرق كرة القدم المدرسية ، إلى أن احترف دوليًا .لم يكن اسكوبار قد تزوج حينما توفى ، ولكنه كان مرتبطًا بخطبة ، لصديقته طبيبة الأسنان ، الطبيبة باميلا كاسكاردو ، لمدة خمس أعوام قبل مقتله ، حيث قُتل قبل موعد زفافهما بخمسة أشهر .ووالده هو السيد داريو إسكوبار ، وهو مصرفي قام بتأسيس جهة لرعاية الشباب ، الباحث عن فرصة لممارسة رياضة كرة القدم ، بدلاً من البحث عنها في الشوارع ، وكان شقيقه سانتياجو ، لاعب كرة قدم سابق ، في فريق أتلتيكو ناسيونال ، قبل انتقاله إلى إدارة الفريق في عام 1998م .لعب اسكوبار مدافعًا خلال مسيرته الكروية ، وحمل قميصه رقم 2 ، واشتهر باسم الرجل الخلوق ، حيث عرف عنه أخلاقه أثناء اللعب وهدوئه أيضًا ، وكان اسكوبار قد لعب لصالح نادي أتلتيكو ناسيونال الكولومبي ، ونادي يونج بويز السويسري ، حيث استطاع اسكوبار أن يحقق لفريقه أتلتيكو ناسيونال ، الفوز بكأس ليبرتادوريس عام 1989م ، قبل خوض بطولة كأس العالم عام 1994م .مشاركاته الدولية :
شارك اسكوبار لأول مرة ، مع منتخب كولومبيا الوطني عام 1988م ، في مباراة خاضها مقابل كندا ، واستطاع أن يحقق لفريقه الفوز بثلاث أجوال في شباك كندا ، ثم ظهور دوليًا لأول مرة في كأس روس عام 1988م ، لبيسجل هدفه الوحيد في شباك انجلترا ، وتنتهي المبارة بينهما بالتعادل 1/1 .كما لعب اسكوبار أربعة مباريات ، خاضها في أثناء كوبا أمريكا عام 1989م ، عندما كان عمره 22 عامًا ، ليتم إقصاء فريقه من الكأس ، في الجولة الأولى من البطولة ، ولعب في نفس العام ، بتصفيات كأس العالم 1990م FIFA ، وكان فريق اسكوبار فائزًا في المجموعة الثانية ، ولكن الفريق اضطر للعب دور ، إنتركونتننتال بلاي أوف ، حيث كان هو الأسوأ بين الفرق المشاركة في المجموعة .وفازت كولومبيا في هذا الوقت ، بنتيجة 1/ صفر ، لتتأهل لنهائيات كأس العالم لكرة القدم 1990 FIFA ، حيث لعب اسكوبار خلال كأس العالم كافة المباريات ، ليصل فريقه إلى الدور السادس عشر ، قبل أن يتم إقصاء الفريق ، لخسارته أمام الكاميرون 2/1 .بعد ذلك تم استدعاء اسكوبار ، ليلعب بفريق كوبا أميركا عام 1991م ، ليشارك بذلك في سبع مباريات ، وعلى الرغم من عدم مشاركته ، بأية مباراة من التصفيات المؤهلة لكأس العالم عام 1994م ، إلا أنه قد تم استدعائه للمشاركة في بطولة كأس العالم .مقتل سكوبار ضحية التعصب الكروي :
بطولة كأس العالم عام 1994م ، شهدت أسوأ حادث مروع في تاريخ كرة القدم ، على مستوى العالم ، وكانت البطولة قد أقيمت في أميركا ، وحدث أن اغتالت عصابات كولومبية نجم كرة القدم ، آندريس اسكوبار ، عقب أن قام بتسجيل هدفًا بالخطأ في شباك فريقه ، ضمن مباريات المجموعة الأولى من تلك البطولة .حيث كان منتخب كولومبيا قد لعب ، تصفيات المونديال في مجموعة ، ضمت كل من الأرجنتين بقيادة الأسطورة الكروية ، دييغو أرماندو مارادونا، والبارغواي وبيرو ، وكانت مباراة شديدة الصعوبة ، لم يكن يحلم الكولومبيون في عبور منتخبهم منها ، والصعود إلى كأس العالم في أميركا مباشرة .كان الحظ حليف الكولومبيون، فتأهلت فرقتهم للمجموعة برصيد عشر نقاط ، عقب هزيمتهم للأرجنتين على أرضهم ، بوينس آيرس بخماسية نظيفة ، تلك المباراة التي رفعت من سقف طموح كافة الكولومبيون ، في المونديال المقام بهذا الوقت ، وعلقت الجماهير الكثير من الآمال على منتخبهم ، من أجل الوصول إلى اللقب العالمي ، هذا الأمر الذي وصل إلى حد الرهان بين كبرى عصابات تجارة المخدرات الكولومبية ، ممن دفعوا الكثير من الأموال على طاولات الرهان ، لفوز المنتخب الأصفر بمونديال أميركا .كانت كولومبيا قد اختيرت في مجموعة ، أمريكا وسويسرا ورومانيا ، لتخسر أولى مبارياتها أمام رومانيا ، بثلاث أهداف مقابل هدف واحد ، فتوجب عليها هزيمة أميركا ، من أجل الحفاظ على مسيرتها ، وبلوغ دور ال16 من المونديال .وأقيمت المباراة على ملعب روز بول ، بأميركا ليسجل اسكوبار هدفًا بالخطأ في شباك فريقه ، عند الدقيقة 35 ، هذا الهدف الذي دفع حياته كاملة ثمنًا له ، حيث خسرت كولومبيا بهدفين مقابل هدف واحد ، قبل أن يفوز المنتخب الكولومبي ، في مباراتهم الأخيرة أمام سويسرا بهدفين نظيفين ، ليودع المنتخب الكولومبي الدور الأول ، في صدمة مفجعة للمنتخب وللجماهير العريضة ، وتعود بعثة المنتخب إلى كولمبيا ، محملة بخيبة الهزيمة ، ولكن لم يتوقع أحدًا حدوث الكارثة الكبرى .فبينما كان اسكوبار جالسًا ، برفقة بعض الجماهير في إحدى الحانات ، ويشرح لهم أحداث المونديال ووقائعه ، بعد أن رفض لاعبو المنتخب مواجهة الجماهير ، خوفًا من البطش بهم ، قام ثلاث رجال من العصابات التي خاضت الرهان باسم المنتخب ، بإطلاق النيران على المدافع اسكوبار ، في 2 يوليو عام 1994م .قُتل اسكوبار البالغ من العمر 27 عامًا ، بسبب تعصب كروي وخطأ غير مقصود ، أثناء مباراة كرة قدم ، وشيعه الشعب الكولومبي وتقدم جنازته ، الرئيس الكولومبي سيزار غافاريا ، إلى جانب حضور عدد من الشخصيات الرياضية والسياسية ، قبل أن تلقي الشرطة القبض على بعض مرتكبي الحادث ، والذين ثبت انتمائهم إلى عصابة تابعة ، لإمبراطور المخدرات الكولومبي ، بابلو إسكوبار .وقد ترسخ هذا الحادث في ذاكرة الشعب الكولومبي كله ، ومتابعي ومشجعي كرة القدم حول العالم ، كأحد أسوأ الأحداث التي شهدتها الساحرة المستديرة ، طيلة تاريخها الحافل على مستوى العالم ككل .