(ليس السجن فقط الجدران الأربع ، وليس الجلاد أو التعذيب ، إنه بالدرجة الأولى ؛ خوف الإنسان ورعبه ، حتى قبل أن يدخل السجن ، وهذا بالضبط ما يريده الجلادون، وما يجعل الإنسان سجينًا دائمًا) عبد الرحمن المنيف.سيرته :
الأديب الأردني عبدالرحمن المنيف ، والمولود عام 1933م ، هو أحد أشهر الأدباء والكتّاب البارزين ، خلال فترة القرن العشرين ، وهو أحد أشهر رواة سيرة الجزيرة العربية ، وقد يعود ذلك إلى أصول والده ، الذي وُلد وتربى في المملكة ، كذلك يتم تصنيف هذا الأديب الكبير ، بين أحد أهم أعمدة السرد العربي ، في العصر الحديث .واشتهر عبدالرحمن المنيف ، بأنه ناشطًا سياسيًا ومفكرًا وأديبًا ، حصل على درجة الدكتوراه ، وكان محبًا للعمل الصحفي ، قبل أن ينصرف عنه ويتجه صوب التأليف الروائي ، وكتابة السير .نشأته :
ولد عبدالرحمن في مايو 1933م ، وكان والده هو إبراهيم العلي المنيف ، أحد كبار تجار نجد ، والذي اشتهر برحلاته التجارية بين كل من ، العراق والشام والقصيم ، ولكنه توفى وكان عبد الرحمن لم يكمل ثلاث أعوام بعد ، فنشأ عبدالرحمن يتيم الأب ، ليظل في رعاية والدته التي كان لها دور كبير وعظيم ، في حياته وحبه للعلم والتعلم .كانت أمه من أصول عراقية ، ووالده أحد أبناء المملكة ، من قبيلة العقيلات ، بينما ولد وتربى وعاش هو في عمان بالأردن ، حتى وصل إلى مرحلة الثانوية ، فانتقل إلى العراق ليلتحق بكلية الحقوق بها عام 1952م .وفي عام 1955م تم إبعاده من العراق ، هو ومجموعة أخرى من الطلاب ، بقرار سياسي لينتقل بعدها صوب مصر لاستكمال تعليمه ، ولم يمكث بها طويلاً ، حيث انتقل بعد الانتهاء من المرحلة الجامعية ، إلى بلجراد ليستكمل بها دراساته العليا ، ويحصل على درجة الدكتوراه ، في الاقتصاد في عام 1961م .مارس عبد الرحمن المنيف ، الحياة الحزبية لفترة من الوقت ، ثم توقف عنها في عام 1962م عقب مؤتمر حمص ، ليبدأ العمل بالشركة السورية للنفط ، في دمشق العاصمة السورية .لم يكن الأديب عبدالرحمن المنيف ، ممن يستقرون لفترات طويلة ، فبعد أن عمل بشركة النفط ، غادر سوريا متجهًا صوب بيروت عام 1973م ، ليعمل في مجلة البلاغ الصادرة في لبنان ، وكان عبدالرحمن في هذا الوقت ، قد نشر عددًا من أعماله الروائية والفنية ، وخلال تلك الفترة الحياتية تزوج عبدالرحمن المنيف ، من السيدة السورية سعاد قوادري ، وأنعم الله عليه بثلاث أبناء ذكور ، وفتاة واحدة .غادر عبدالرحمن لبنان ، ليعود إلى العراق مرة أخرى ، وذلك في عام 1975م ليمكث في بغداد ، ويدير تحرير مجلة النفط والتنمية العراقية ، وفقًا لتخصصه الدراسي الدقيق وخبراته السابقة ، وذلك حتى عام 1981م ، ليقرر بعدها التفرغ تمامًا للكتابة وينتقل إلى فرنسا.تعد المرحلة الأدبية في حياة عبدالرحمن المنيف ، متأخرة نسبيًا مقارنة بأدباء عصره ، إلا أنه على الرغم من تأخره ، استطاع أن يصنع لنفسه ، مساحته الخاصة والمتفردة ، فوضع خلاصة تجاربه خلال حياته ، ورؤيته للأمور في سطوره ، كما اهتم كثيرًا بحرية الإنسان ، والكيفية التي يجب أن تكون عليها ، تلك الحرية .والقاريء لأعمال عبدالرحمن المنيف ، يعلم أنه قد استوعب كافة الألفاظ والتعابير ، التي ولدتها الثقافة المعاصرة ، والحداثة بوجه عام ، والتي استطاع المنيف ، أن يدمجها في المصطلحات العلمية الحديثة ، والأدب الراقي نفسه ، بطريقة سلسة للغاية ، واستطاع المنيف من خلال رواياته ، أن يعكس الواقع العربي اجتماعيًا وسياسيًا ، وما شهدته دول الخليج ، من تطورات ونقلات ثقافية واسعة .ومن أهم رواياته ، رواية مدن الملح التي قص من خلال سطورها ، كيفية اكتشاف البترول في المملكة ، وتلك الرواية تقع في خمس أجزاء ، وألحقها بروايته الثانية الأكثر شهرة ، رواية شرق المتوسط ، والتي قص من خلالها عمليات التعذيب في السجون ، وواقع أجهزة الاستخبارات العربية .ومن أشهر وأهم مؤلفاته ؛ عالم بلا خرائط والأشجار واغتيال مرزوق ، وحين تركنا الجسر ، وأرض السواد وقصة حب مجوسية ، وغيرهم ، وله أعمال غير روائية هي ؛ مروان قصاب باشي: رحلة الحياة والفن ، والعراق هوامش من التاريخ والمقاومة ، وأسماء مستعارة ورحلة ضوء ، وبين الثقافة والسياسة .وفاته:
توفى عبدالرحمن المنيف في دمشق ، حيث كانت محطته الأخيرة بها ، عندما استقر فيها عقب عودته من فرنسا ، وذلك في الرابع والعشرين من يناير عام 2004م ، عن عمر ناهز سبعين عامًا ، إثر تعرضه لأزمة قلبية ، عقب رحلة طويلة وترحال طيلة الوقت .