من الخطأ الظنّ بأن الرجل الآلي هي فكرة العصر الحديث .. فالحقيقة غير ذلك .. لأنه تمّ اختراع النماذج الآلية منذ العصور السحيقة ، و ان كانت بأشكالٍ بدائية .. لكن تاريخ هذه المحاولات في حدّ ذاتها تثير العجب و تدعو للإحترام ..
فقد بزغ فجرها منذ القرن الأول للميلاد .. نعم !! أنت لم تخطئ في قراءة التاريخ .. ففي أثناء تلك الحقبة , تمّت اول جهود (هيرون) بالإسكندرية , و النتيجة كانت : آلات ذات حركة ميكانيكية بسيطة تعمل بالبخار ..
عازفون اليون
ثم أشرق نهار العرب .. حيث قام (بديع الزمان الجزري) بالمزج بين الحس العلمي والفني , فصنع عام 1206م فرقة موسيقية من أربعة عازفين ميكانيكيين يعملون بشكلٍ ذاتي , و يمكنك دفعهم لتقديم مقطوعات موسيقية ..
و استمرّ ملف الروبوتات بين أيديّ الفنانين , ليمنحنا العبقري الإيطالي (ليوناردو دافنشي) تصميماً لفارس يمكنه تنفيذ حركاتٍ محدودة ..
إلى ان جاء أحفاد الساموراي حين قدّم (تاناكا هيساشجي) عام 1800م , عدداً من الألعاب التي يمكنها أن تقدّم الشاي ، و ان ترسم ، و منها ما يستطيع اطلاق السهام ..
هذا كلّه كان في عهد الإجتهادات الأولى .. ثم بدأنا نرى معرضاً كاملاً للرجال الآليين , قدّمتهم شركة (ويستنغهاوس) بين سنة 1930، 1948م .. حيث ظهر إلسي و إلمر , من إنتاج (وليم جراي والتر) حيث بإمكانهما اظهار بعض السلوكيات البيولوجية البسيطة ..
ثم بدأت القفزات تتسارع حين قدّم (جورج ديفول) آليا مثبتاً عام 1961م , لأجل رفع قطع المعدن الساخنة من آلة و من ثم رصّها ..
أتبعه بعامين (فوجي يوزوكي) بروبوت للنقل الآلي .. و تعتبر بلده اليابان أكبر دولة إستخداماً لهذه الآلات في الصناعة التحويلية ..
حيث أزاحت مجموعة كوكا الستار عن (فاميولس) مع ستة محاور كهروميكانيكية , و ذلك سنة 1973م..
في عالم اليوم .. يمكننا رؤية أشكال أكثر تطوراً مثل : " بي 3 " ذو القامة التي تقارب الإنسان اي (160 سم) و لديه إمكانية القفز , العدو , فتح الأبواب , و حتى مشاركتك لعب التنس !
كما تطوّر جامعة " ريفنج " آليا في مجال التفاعل مع الإنسان , خاصّ بالإعتناء بالأطفال المصابين بالتوحّد ..
و في نفس هذه الجامعة يعمل الباحث (كيفن) المتخصّص في تطوير وسائل التفاهم بين البشر و الآلة .. و قد وصل لنتائج
مبهرة عبر صناعة رقاقة مجهرية , حقنها تحت جلد ذراعه الأيسر ، و ولّدت نوعاً من التواصل ! بحيث كان العقل
الإلكتروني يدرك مكانه في أية لحظة , فيشعل أنوار المختبر عند دخوله , ثم يلقي عليه التحيّة !
يمكننا القول ان مستقبل هذه التقنية تبشّر بالخير لتحكّمٍ أفضل بالآلات ، حيث لن تحتاج لاحقاً لإعطاء أوامر صوتية أو النقر
على الأزرار.. بل يكفي إشارة من يدك أو صوت فرقعة الأصابع ..
كما يطمح آخرون إلى أفقٍ أبعد , بأن نتصل بالإنترنت عبر أفكارنا , و من ثم بثّها مباشرةً إلى الجهاز العصبي لشخصٍ آخر , و هي نفس الفكرة التي صاغها عبد الصمد الغزواني في قصته
كهف حرّ
حيث تحدّث عن الآثار السلبية لعالم ينتهك خصوصية العقول , و يجعلها مفتوحة كأيّ حاسب متصل بالشبكة العالمية .. و قد نالت قصته جائزة
نبيل فاروق
للخيال العلمي ..
ولوّ رجعنا لأول من أعطى كلمة روبوت , فهو التشيكي (كارل كيبيك) سنة 1921م , في مسرحية " R.U.R " التي تدور احداثها : عن آليين من لحمٍ اصطناعي , تستخدمهم إحدى المصانع كعمالة رخيصة ، و يتميزون عن الذين نعرفهم بأنهم يملكون درجة عالية من المشاعر , أي يشعرون و يحلمون و يغضبون ايضاً !
لكن الحقيقة ان الكاتب الذي أخذ العلماء قوانين الآليين من قصصه , هو المعجزة : إسحاق أزيموف
1920- 1992م
ويث سميث في فيلمه الشهير IRobot
فهو الذي وضع اول قائمة من قوانين الآليون :
1 - لا يسمح للآلي بأذيّة البشر , أو التقاعس عن أمرٍ يؤدي إلى ضررٍ ما
2 - يجب عليه طاعة أيّ أمر صادر من الإنسان , فيما لا يتعارض مع القانون الأول
3 - على الروبوت حماية وجوده , طالما لا يعارض ذلك القانون الأول و الثاني
و قد تنبّأ (أزيموف) بهذه القوانين ايضاً في مجموعته القصصية " I Robot" التي تحوّلت إلى فيلم سينمائي يحمل نفس
الإسم , بطولة ويل سميث الذي يؤدي دور شرطي (الكاره للآليين) الذي يحقّق في جريمة قتل , و المشتبه به رجل آلي.. و قد بدأ الفيلم في مشهده الأول : بتصوير لوحة رخامية سطّرت عليها : قوانين أزيموف الثلاثة ..
و كعرفان بالصنيع , كرّمت شركة هوندا اسم الكاتب العظيم , فأطلقت على أحدث أجيال روبوتاتها " أزيمو " ..
و إذا بحثنا عن صورة له في أرشيف رويرز , سنجده يعلّم الطلاب الرقص .. اقصد ان الآلي أزيمو هو المعلم , و ليس الكاتب ..
و بالنهاية لابد ان نذكر الكاتب الأميركي فيليب كي ديك (1928- 1982م) الملقّب بالكاتب الآلي , حيث منحنا واحدة من الروايات الخالدة عن العقول الإلكترونية ، و تحمل اسم " هل تحلم الروبوتات بالخراف الإلكترونية " .. و يقال أن هذه الرواية هي مصدر إلهام شركة "سوني" , عندما صنعت الكلب (aibo
الخاتمة :
يمكن اعتبار اننا نعيش اليوم عصر الروبوتات الآليون , الذي يكاد لا يخلو يوم من اختراعٍ جديد يُضاف لعالم الآليين
لاتنسى:
شارك القصة مع اصدقائك