لم تمنعه إعاقته من التحليق في عالم آخر حقق من خلاله الإنجازات والنجاحات المبهرة ، ليصبح رمزًا مجتمعيًا من رموز الرياضة ، حيث أنه رفض أن يظل هكذا حبيسًا في جسد عليل لا يُمكنّه من المشي وليس به كفين ليحمل بهما الأشياء ، ولكنه تمكن من حمل حلمه داخله ومضى بقوة ليعلن للعالم أنه البطل التونسي رياض سليم .ضحية الثاليدومايد :
كان رياض سليم المولود في تونس ضحية لعقار اسمه الثاليدومايد Thalidomide ، وهو دواء خاص بالحوامل حيث يعمل على تهدئة أعراض الغثيان الصباحي والتي تعاني منها السيدات الحوامل وخاصةً في الشهور الأولى لحملهم ، وعلى الرغم من أن الشركة المنتجة قد أكدت خلال فترة الستينيات من القرن الماضي بأنه دواء آمن ، إلا أن التأثيرات الجانبية التي ظهرت كانت خطيرة للغاية عند ولادة جيل من الأطفال مصاب باختلالات خلقية في الأطراف ، وقد كان رياض سليم أحد هؤلاء الأطفال الذين وُلدوا معاقين .السفر إلى فرنسا :
قامت أسرة رياض بالانتقال من تونس إلى فرنسا استجابة لرغبة جده ، وذلك من أجل أن يعيش رياض سنوات طفولته كنزيل في أحد مراكز الترويض الوظيفي بضواحي باريس ، حيث سيعيش بعيدًا عن أهله ، وهناك قضى ستة عشر عامًا ما بين الوحدة والألم خضع خلالها للعديد من العمليات الجراحية ، لم يستطع الرسم أو الموسيقى كبح جماح نشاطه المفرط ، حتى بدأ اليأس في التسلل إلى روحه ، فقام أساتذته بتقديم اقتراحهم المثمر له كي يوجه طاقته في نشاط مفيد ، لتشع في نفسه موجة جديدة من الأمل .الاتجاه إلى ممارسة الرياضة :
اتجه رياض إلى ممارسة الرياضة التي أضاءت حياته وحررته من جدران المستشفى ، وقد تمكن في البداية من خوض تجربة السباحة التي شعر من خلالها بالحرية والحياة ، كما أنه أقبل على حياته بكل تقبل للإعاقة التي وُلد بها ، ومن ثم بدأ يغوص في عالم الرياضة حيث تعددت اهتماماته وممارساته الرياضية .انطلق رياض إلى كرة السلة التي حطمّ من خلالها كل قيود جسده المكبل بعدم وجود كفين والجلوس على كرسي متحرك ، ولكنه استطاع أن يثبت ذاته وقدراته غير المحدودة في عالم الرياضة ، كما أنه شارك في الألعاب الباراليمبية التي توازي الألعاب الأوليمبية ، والتي تشمل الفئات الرياضية من ذوي الاحتياجات الخاصة .إنجازاته وتكريمه :
قام رياض سليم بالمشاركة أربع مرات في الألعاب الباراليمبية ، حيث شارك في أتلانتا خلال عام 1996م ؛ وسيدني خلال عام 2000م ؛ وأثينا خلال عام 2004م ضمن المنتخب الفرنسي لكرة السلة على الكرسي المتحرك ؛ كما شارك في ألعاب لندن خلال عام 2012م في بطولة الركبي على كرسيه المتحرك .ونتيجة لتفوقه الرياضي حصل رياض على لقب بطل أوروبا لكرة السلة على كرسي متحرك ثلاث مرات ، كما أنه تمكن من تحقيق الرقم القياسي على مستوى العالم في سباق التتابع المتنوع في السباحة ، وحاز كذلك ضمن فريقه الرياضي على لقب بطل فرنسا في الروكبي على كرسي متحرك خلال عام 2013م .إسهاماته المجتمعية :
لم تكن الرياضة فقط هي المحرك الرئيسي لحياة رياض ، حيث أنه سعى إلى المشاركة المجتمعية من أجل أن يدفع رفقائه من أصحاب الإعاقة نحو حياة أفضل ، حيث قام بإنشاء جمعية تحت عنوان Capsaaa خلال عام 1995م برفقة بعض أصدقائه في محاولة لتحسين أوضاع المعاقين ، وقد لجأت هذه الجمعية إلى استخدام الرياضة كوسيلة تعليمية مميزة إلى جانب البرامج التربوية المؤهلة لعبور مرحلة الإعاقة والانطلاق نحو الحياة .