هو أكرم الخلق وأتقاهم، وأكثرهم خلقاً فلا يسعنا أن نحصر أخلاق الرسول عليه السلام ببعض الكلمات، فهو الصادق الأمين قبل أن يستلم الرسالة، وهو النبيّ المختار من الله سبحانه وتعالى أمدّه بالرسالة ليهدي الناس إلى الدين الحق ويقدر على تحمّل المصاعب التي سيواجهها من قبل الكفار والأعداء، وهو قدوة لكافة البشر بأخلاقه الحميدة التي وصفها الله تعالى بقرآنه الكريم، فقال: "وَإِنّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ"، ولا يوجد ما هو أفضل من تلك الشهادة العظيمة.
قصّة آثر الرسول فيها أصحابه على نفسه
الإيثار هو خلق يتصف به الرسول عليه السلام، حيث كان يفضل غيره على نفسه ويقدم كل ما يملكه لغيره بكل محبة وسرور، فهو كان إنساناً متواضعاً أشد التواضع ومحبوباً بين كافة أصحابه والناس، فهو الكريم والمقدام، وهنالك العديد من القصص التي تروي لنا مدى اتّصاف الرسول بخلق الإيثار، ومنها:
قدمت امرأة هديةً للرسول عليه الصلاة والسلام، وكانت عبارة عن بردة، ولبسها الرسول عليه السلام، حيث إنّه كان محتاجاً إليها، وقدّم إليه أحد أصحابه وطلبها منه، فقدمها الرسول محمّد عليه السلام له بالرغم من حاجته إليها بكل طيب خاطر وسرور، وعندما رآه أصحاب الرسول أخبروه بأنه لم يكن عليه أن يطلبها من الرسول عليه السلام وهو محتاج لها، حيث إنّه يستحيل أن يرفض طلبه لأنّه لا يرد سائلاً. فأخبرهم بأنه لم يقصد أن يطلبها من الرسول ليلبسها بل قصد بأن يكفنه بها عند موته، وهذا ما حصل، حيث إنّه احتفظ بها وكفن بها بعد موته.
بعد أيام الشدة التي واجهت الرسول عليه السلام وأصحابه حيث كان الرسول عليه السلام يربط حجرين على بطنه كي يخفف شعوره بالجوع، حصل الرسول عليه السلام غنائم من الفتوحات، وكانت هذه الغنائم عبارة عن مجموعة كبيرة من الأغنام، فمرّ على الرسول عليه السلام أعرابي ونظر إلى تلك الأغنام بإعجاب فقدمها الرسول للرجل، وفرح الرجل بذلك وأسلم هو وقومه.
اقتدى صحابة الرسول به، وآثروا غيرهم على أنفسهم وكانوا كرماء وقدموا للإسلام كل ما يملكون من الأموال والأنفس، ومن الأمثلة على إيثار الصحابة: أن رجلاً قدم إلى الرسول عليه السلام طالباً الطعام، فلم يكن عند الرسول عليه السلام في بيوته سوى الماء، فسأل أصحابه إن كان أحد منهم يستطيع ضيافته، فأخذه أحد رجال الأنصار إلى بيته وطلب من زوجته أن تحضر له الطعام فأخبرته بأنّه لا يوجد بالبيت سوى القليل من الطعام لأبناءهم فطلب منها أن تحضره وتلهي أطفالها بشيءٍ آخر وتطفئ النور حتّى لا يأكل الضيف دون الشعور بالحرج، فأين نحن من تلك الأخلاق؟