تمر الايام وتتسلسل الاكتشافات المثيرة والشيقة والجديدة لأصحاب الاخدود الموجودة في جنوب المملكة العربية السعودية ويوجد معها بعض أسرار لمدينة تم فيها احراق الملك لسكانها قبل أكثر من 1500 عام عقابا لأعتناقهم الدين المسيحي، ولم يكن يعلم أحد عنهم شيئاً حتى ان ورد ذكرهم في القرآن الكريم ومع مرور آلاف السنين مازالت العظام الهشة السوداء والرماد الكثيف التابع لأصحاب الاخدود هم شواهد على الحريق الهائل الذي حصل في مدينة الاخدود في عام 525 من الميلاد. والآن سنقرأ عن تلك الأطلال والمباني في قصة اصحاب الاخدود الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم.
قال الله تعالى:
وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8
مدينة الاخدود الاثرية او الرقمات,والتي تقع على بعد مساحة 5 كيلو مترات مربعة على الحزام الجنوبي من وادي منطقة نجران (جنوب السعودية) مازالت حتى الان يجمعها الاسرار والغموض بعد اجراء الكثير من عمليات التنقيب والحفر المتواصل الى عشر سنوات و قد كانت بشكل مستمر.
فأن القصة التي حصلت هي:
ان أول أولئك الأبطال شخص يدعى بالغلام .. لم يبلغ الحلم .. كان عمره دون الخمس عشر سنة ..
قد عاش الغلام في عصر ملك الذي كان ظالماً .. وانه كان يدعي الألوهية .. وكان يوجد له ساحر يزين له باطله ..
وان هذا الساحر قد يستعين بالجن ..ويقوم بأخبار الملك بأسرار الناس ..
فاذا الملك قام بالتحدث معهم يفكر بأن الملك يعلم بالغيب .. فنشروا به الفتنة ..
فلما الساحر يقوم بالكبر .. قال للملك:
إنني قد كبرت .. وإني أخاف أن أموت فيذهب عنكم هذا العلم ..
فأبعث إليَّ غلاماً فطناً لقناً أعلمه السحر ..
فبحث الملك في الناس .. حتى وجد غلام اًفطناً جريئاً .. فبعث به إلى الساحر ..
وبدأ هذا الغلام يأتي الساحر في الصباح ويتعلم منه السحر ..
ويقوم بالعودة الى أهله في المساء ..
وبعد مرور الايام
يوم من الأيام .. كان الغلام يسير في طريقه براهب .. يصلي ويتعبد .. ويركع ويسجد ..
فجلس إليه وسمع كلامه وقراءته .. فأعجبه .. وسأله: ما تعبد ..
قال: أعبدُ الله ؟
قال الغلام: الله .. الملك ..
قال الراهب: لا .. بل ربي وربك ورب الملك ..
ثم بين الراهب الدين للغلام ودعاه إليه .. فآمن بالله وحده ..
وكلما ذهب إلى الساحر أو رجع من عنده .. جلس إلى الراهب فتعلم منه ..
وأحيانا يطول جلوسه عنده فيتأخر على الساحر فيقوم بضربه .. واذا لم يضربه يقوم بضرب أهله ..
فكلما الاذى كثر عليه .. شكا ذلك إلى الراهب .. فقال له الراهب:
إذا خشيت الساحر فقل: حبسني أهلي .. أي أخروني لحاجة لهم ..
وإذا خشيت أهلك فقل: حبسني الساحر ..
ومرت الأيام على الغلام ..
وكان في كل يوم يتلقى دروس في السحر .. ودروساً في الدين ..
هذا يقول: ربك الله .. وذاك يقول: ربك الملك ..
فبينما هو كذلك .. إذ مر يوماً في طريق .. فإذا بدابة عظيمة قد جلست وسط الطريق .. وحبست الناس عن المسير ..
فلما رآها الغلام قال في نفسه:
اليوم أعلم .. الراهب أفضل ؟! أم الساحر أفضل ؟!
ثم قام بأخذ حجراً من الأرض فقال:
اللهم إن كان أمر الراهب أحبَّ إليك من أمر الساحر .. فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس ..
ثم رماها بالحجر .. فقتلها ..
فخافو الناس واضطربوا .. وقاموا باللتفات حولهم ويتساءلون:
من قام بقتل الدابة .. من قام بقتل الدابة ..
البعض منهم اشارو الى الغلام .. ومنهم من ينظر اليه مندهش .. وصاروا بين حالتين مصدق ومكذب ..
فلما رأوا أنه كان قتلها بحجر صغير ..
انتشروا وهم يقولون: لقد علم هذا الغلام علماً لم يعلمه أحد ..
ثم أمر الغلام قد انتشر .. وذاع صيته بين الأنام .. واصبحت قصته على كل لسان ..
فالناس تتحدث بخبره .. ويتعجبون من أمره ..
فقام الغلام بالذهاب إلى الراهب وقام بأخبره الخبر ..
فقال له الراهب: يا بني أنت اليوم اصبحت أفضل مني .. قد اصبح من أمرك ما أرى ..
وإنك ستبتلى .. فإن ابتليت فلا تدل علي ..
فذهب من عنده الغلام .. وكلمات الراهب تنادي في أذنه .. إنك ستبتلى .. إنك ستبتلى ..
وسار الغلام .. وبدأ الناس إليه يتوافدون .. ومن الناس قد يعجبون ..
ثم أكرمه الله تعالى .. فأصبح يبرئ الأكمه .. والأبرص ..
ويقوم بشفاء الناس من سائر الأدواء ..
حتى جعل الناس من كل مكان يردون إليه .. ويجلسوا بين يديه ..
وهو كان يدعوهم إلى التوحيد .. ويقوموا بعبادة العزيز المجيد ..
فبدؤ يتزايدون المهتدون والمرضى يتناقصون والكفار يقلّون..
واصبح الناس بأخباره يتحدثون .. وعن قدراته يتساءلون ..
وبعد مرور الأيام .. والناس في أخبار الغلام ..
فسمع به جليس للملك .. كان قد عمي ..
فأتجه سريعاً إلى بيت الغلام .. يوجد معه هدايا كثيرة ..
فحين دخوله على الغلام ..أقبل عليه .. وقام بوضع الأموال والهدايا التي بين يديه ..
ثم قال له بإغراء ..
ما ها هنا لك أجمع .. إن أنت شفيتنى .. وبدء يشير بيده الى جهة الذهب والأموال ..
فعندما راى الغلام ان هذا الوزير بين يديه ..
فوجد أنها فرصة عظيمة أقبلت إليه ..
للدعوة إلى الكريم المتعال .. فما التفت إلى الأموال .. ولا هاب كثرة الرجال ..
وإنما أقبل على الرجل إقبال الابن الشفيق .. والطبيب الرفيق ..
وقال له مبادراً: إني لا أشفى أحداً .. إنما يشفى الله تعالى ..
فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك ..
فسكت جليس الملك قليلاً .. ثم تفكر في دينه الذي عاش عليه ..
فإذا هو يعبد ملكاً بشراً .. لا يملك نفعاً ولا ضُراً ..
فدخل إلى قلبه الإيمان .. واشتاق للتعبد الرحمن ..
فآمن بالله ووحد .. فشفاه العظيم الأوحد .. ورد عليه بصره .. وشرح له صدره .. وعظم له أجره ..