كانت عصفورة صغيرة تحلق في فضاء هذا الكون الفسيح ،تطير حرة أبية ، تتراقص بين الأشجار ،تتمايل بين الأزهار ،تتالق بجمالها ،تتمتع بأجمل أيام طفولتها ،البسمة على محياها ،تغرد أجمل الألحان ،تغني فرحة تحمل كل الآمال حتى كان الذي كان في يوم من الأيام كانت تطير في غابة بديعة وفجأة إعترى طريقها قفص كبير واسع به أجمل الحلل ، مزين مزخرف بأروع الألوان والورود الخلابة بُهرت بزينته وروائحه العطرة التي تغمر المكان ،فوقفت عنده وتأملته ،ثم مالبثت أن تابعت تحليقها حرة سعيدة .
ولكن هنا بدأت الحكاية فقد قيل لها (هذا القفص أُعد وهُيئ لكِ وعليك دخوله
فوجئت بما سمعت بدأت تفكر مراراً وتكراراً وما كان منها إلا أن رفضت وفضلت بقائها حرةً عن أسرها ولكن كان اإلحاح عليها قوياً والضغط عليها من كل الجهات فاقنعوها وأخبروها بأنه أمر طبيعي لا بد منه ،فلكل عصفورة قفص يشابهه تدخله بكل فخر وسعادة . في بادئ الأمر كانت تصر على الرفض ولكن مشيئة الله قدرت لها دخوله فكان ما كان.
دخلت وليتها ما دخلت وقعت في أكبر الأسور فلقد كان ظاهر القفص متناقضا تماماً عما بداخله ، حاولت الخروج بسرعة ولكن الباب ورائها أُحكم إغلاقه تماماً صارت تبكي وتبكي وتبكي عسى أن يشفق أحد عليها ويفك أسرها بكت حتى جفت دمعتها ولكن لا حياة لمن تنادي ،فقضت بالأسر زمنا طويلاً
فكرت بالهروب مرات عديدة ولكن كثير ما ترددت خوفاً على بلبلين صغيرين كانا يعيشان معها ،كانت تشفق عليهما كثيراً وتعلم أنها لن تقدر على فراقهما ،فحنانها لهما يمنعها من تركهما وحيدين في القفص ،وكان الهروب بهما من أصعب الأمور التي تواجهها فصارت تضحي بنفسها لأجلهما.
فعاشت مأساة ماعهدتها طيلة حياتها كانت الأشواك تحيط بها من كل الجهات ،والنيران تشتعل تااااارات وتهدأ تارة . حاولت التأقلم مع وضعها ما استطاعت حاولت ان تسعد نفسها بنفسها ففشلت ..تفائلت ..تأملت ولكن بدون جدوى ..صبرت ..حتى ضجرت .
لم تعد تهنأ بحياة ولا بشباب ولا بطعام حتى النوم فارق جفنها ،كانت تنام وقلبها يقظ خوفها على نفسها وعلى غدها صارت تغني بدون الحان راحت تغني أسفاً على حالها غنت حتى بح صوتها طلع الصباح على الــــدنا وعليها ماطلع الصباح تحطمت آمالها قُتلت أحلامها تدمرت نفسيتها حتى قررت الخروج وتحدي الصعاب التي ستواجهها فاستعانت بالله وبدأت تخطط تخطيطاً جدياً لمغادرة القفص مع البلبلين الصغيرين عزمت وتوكلت على الله . واجهت آآآلاف المصاعب حتى تعدت الآآآآآلام طاقتها ،وفاقت الجراح قدرة تحملها،فضاق صدرها وشحب وجهها وضعف جسده وتكسر قلبها واشتدت أزمتها حتى فرجت نعم لقد فرجت في هذا الشهر الجميل من أيام الصيف عادت حرة طليقة عادت أبية سعيدة .عادت البسمة لمحياها عادت تحمد الله أن وفقها للخير وعليه أعانهاعادت تغرد الحانها عادت تغني كالبلبلين بأجمل من سابق ألحانها عادت تستبشر بمستقبل زاهر داعية ربها لتبقى هادئة حياتها