غيل دير ريز أحد أبناء النبلاء الفرنسيين ، ولد عام 1404م وكان متميزًا بنبوغه ووسامته وثرائه بين أقرانه ، واعتنى به والده بشدة فجلب له المعلمون لينهل من ثقافتهم الواسعة ، وفي سبيل ذلك الأمر أنفق والده الكثير من الجهد والمال
نشأ الفتى محبًا للموسيقى ، والعشر فكان ينطلق في سرد الشعر بطلاقة بالفرنسية واللاتينية ، وكان موضع حسد من جانب كل من رآه ، ولكن ما أثر بشدة في نفس الفتى ، هو وفاة والديه مما اضطره أن يذهب هو وشقيقه للعيش برفقة جدهما العجوز ، وكان الأخير غير مهتمًا بقدرات الفتى أو مواهبه المتعددة ، وإنما كان حريًا فقط على الحصول على المال
ظل الجد العجوز يلح على الفتى بالزواج من فتيات العائلات الثرية ، ليضاعف حجم الثروة التي طالما منى نفسه بالاستيلاء عليها ، وبالفعل تكللت جهود الجد في النهاية بزواج غيل من إحدى الفتيات ، من الطبقة الأرستقراطية والتي سوف ترث ثروة ضخمة من عائلتها بالمستقبل
انخرط غيل في شبابه مثل أي شاب في هذا الوقت ، بالحياة العسكرية فالتحق بالجيش الفرنسي دفاعًا عن أرضه ضد الاحتلال الانجليزي فيما عرف باسم حرب المائة يوم ، وظل محاربًا إلى جوار جان دارك في معاركه التي خاضها بقوة ، وأظهرت الظروف الحياتية التي مر بها من قبل شجاعته وبسالته ضد المحتلين الانجليز
وبحلول عام 1429م تم اختياره برفقة جنديين آخرين ، لإحضار العلم الفرنسي من إحدى الكنائس القديمة التي احتلها الانجليز ، وذهب غيل مع الجنود الآخرين ، ونجحوا في مهمتهم وتم ترقيته إلى رتبة مارشال ، وهي أعلى رتبة بالجيش الفرنسي
توفى جده عام 1432م ، وعقب وفاته ترك غيل الحياة العسكرية بصرامتها وعاد لممارسة الفن والموسيقى وخاصة المسرح ، حيث جلس يؤلف الروايات المسرحية ، حتى أنه قد ألف مسرحية مكونة من خمسمائة شخصية مترابطة ، وأنفق على هوايته تلك كافة ما يملك من مال ، فكان يغدق على الفنانين معه دائمًا ولا يبخل عليهم بشيء
ولكنه بمرور الوقت فقد ثروته ، وصار مستدينًا للعديد من أصدقائه واضطر للحصول على بعض المديونيات ، مما دفع بعائلته لإبلاغ ملك فرنسا ومطالبته بالحجر على غيل قبل أن يضيع ما بقى من ثروة العائلة
استجاب الملك وأصدر قرارًا بمنع التعامل مع غيل دي ريز ، مما جعله يشهر إفلاسه ويفقد كل ما بقي له من ثروة ، وسرعان ما توافد وتكالب عليه الدائنون من أجل الحصول على أموالهم واستردادها ، ولكنه فر من قصره وذهب إلى قلعة خاصة به في ماكيكول الفرنسية ، وقبع بها وأثناء تواجده هناك ، تعرف على رجل غريب الأطوار ، أقنعه بأنه ساحر ويستطيع أن يعيد إليه ثروته ، ولكن لابد له من تقديم القرابين إلى جني يدعى بارون ، حتى يستطيع استعادة أمواله
وهكذا وقعت أولى جرائم غيل بحق طفل في الثانية عشرة من عمره ، ذهب إلى قلعة ريز ولم يخرج منها إلى الأبد ، واستمر غيل في أفعاله الشيطانية ضد الأطفال لسنوات طويلة ، وكان ضحاياه هم الأطفال المتشردون الذين ذهبوا إليه لطلب الطعام أو بعض المال ، وكان ريز يقوم بإغوائهم بالحصول على الحلوى ، فيدخلون إلى قلعته بأرجلهم ولا يعودون قط
انتبهت العديد من العائلات إلى قلعة ريز الغريبة ، ولكن الأسر المكلومه على أطفالها خشوا أن يتهموا ريز بأية جريمة ، خوفًا من سلطته آنذاك فهو ابن الطبقة النبيلة الأرستقراطية التي لا تحاسب في هذا الوقت
ولكن شاء القدر أن يقع شجارًا عنيفًا بين ريز وأحد القساوسة ، قتل عقبها ريز هذا القسيس ، فاشتعلت الأمور وفتحت الكنيسة تحقيقًا في الأمر ، مما شجع العديد من العائلات إثر تلك الواقعة ، بالإبلاغ عن أطفالهم المختفين واتهام ريز بذلك الأمر
صدر من الكنيسة عقب تلك البلاغات قرارًا بالقبض على ريز وأعوانه من الخدم ، واحتجازهم ولما كانت طرق الحصول على الاعتراف من المذنبين أشبه بما تفعله بعض الحكومات اليوم ، قام ريز بالاعتراف فورًا بجرائمه التي ارتكبها بحق الأطفال الأبرياء ، حتى لا ينال عقابه ولكنه أثار اشمئزاز حتى الحرس الذين يقومون بالقصاص ، جراء ما رواه من جرائم
كان ريز يغوي الأطفال بالحلوى والمال ، وكانت ضحايا يقعون في الأعوام من ستة إلى اثني عشر عامًا ، حيث يقومون بخلع ملابس الطفل ويعلقوه للأعلى مثل الذبائح ، ثم يعتدي عليهم ريز جنسيًا سواء أكانوا ذكورًا أم إناث مع تفضيله للذكور ، وعقب أن ينتهي ينزل الطفل المرعوب بالحبال ويقنعه بأنه كان يمزح معه ، ويفاجئ الطفل بجز رقبته أو تقطيع أطرافه ويتركه ينزف حتى الموت
حكم على ريز وأعوانه بالإعدام ، وتم اقتيادهم جميعًا في عربة الموت نحو المقصلة ، وهناك ألقى ريز خطبة مؤثرة دعى فيها أهالي الضحايا ، إلى مسامحته ثم تم قطع رأسه ولكن سحبت جثته قبل أن يتم حرقها حيث ينتمي إلى الطبقة النبيلة ، بينما قطعت رؤوس أعوانه وتم إحراق جثثهم ، لتنتهي بذلك قصة غيل دي ريز الذي تحول إلى وحش قاتل للأطفال