قال الذئب: أنا جائع، أريد أن آكل.
الحقيقة أنّ الذئب كان يعيش حيث لم يستطع أحد أن يقيم، بل ابتعد الجميع عنه. ومع ذلك كان يقطع الطّرق ويجرّ إلى بيته كل ما يلتقيه من حيوانٍ من دون تفرقةٍ بين مُذنبٍ وبريءٍ. وكان يزعج الأسماع بعوائه المكروه.
أنا جائع، صاح الذّئب.
قال الرّاعي: يا له من صوتٍ مُخيفٍ! حتّى الحيوانات المُفترسة تسدّ آذانها كلّما لَعلَع صوته في البرية. أُسكت يا ذئب!
لكنّ الذئب ظلّ يعوي، وقال: ما أجمل صوتي! إنه أجمل أصوات حيوانات البريةّ! أنا جائع، وقد انقضى اللّيل من غير أن أتمكّن من العثور على شيءٍ آكله. وقد دبّ النعاس في عينيّ ولم أجد بعد شيئاً يشبعني. سيطلع الصّباح من دون أن آكل.
رآه ثعلب صغير فقال له: أراك واقفاً هنا يا ذئب!
نعم، إنّي أنتظر.
ماذا تنتظر؟
أنتظر طعامي!
ماذا تحمل بين فكّيك يا ثعلب؟
هذه؟ إنّها دجاجة، ألا تفرّق بين الدجاج والحيوانات الأخرى؟
من أين أحضرتها يا ثعلب؟ أخبرني. إنّ بطني يكاد يتقطّع جوعاً.
قال الثعلب ضاحكاً: أنتَ حقاً يا ذئب مخلوق مسكين.
غضب الذّئب وصاح: لماذا تقول اننيَ مخلوق مسكين يا ثعلب؟
أجابه الثّعلب: أتقف هنا تنتظر أن تمرّ بك الطرائد، والسّهل عند طرف النّهر يعجّ بالقطعان.
قطعان؟ أيّ قطعان؟
كان الذّئب الأغبر يعيش في غابةٍ قرب قريةٍ فيها الكثير من قطعان الغَنَم، وكان كلّما أحسّ بالجوع، يفترس نعجةً تنفرد عن القطيع. وذات يومٍ، لاحظ أن القطيع يرعى بلا راعٍ وبلا كلاب حراسة. فانقضّ الذئب على القطيع، واختار منه نعجةً ليفترسها، فقالت له: سيّدي الذئب!
ماذا تريدين؟
عفواً، قبل أن تفترسني، هل لك في أن تصنع لنا جميلاً؟
أيّ جميل؟
إصنع لنا معروفاً، فلن ننسى جميلك.
أيّ معروف؟ وهل يُنتظر من الذئب أن يصنع معروفاً؟
القضية أيّها الذئب المُحترم أنّنا في حاجةٍ إلى مُنشدٍ، ونحن جماعة تحبّ الغناء، وكلّ ما نرجوه هو أن تساعدنا في الغناء، وحين نُغنّي نأمل بعد ذلك أن تهنأ بألف صحةٍ وصحّة.
أغنّي؟ قال الذئب مُتعجباً.
نعم يا سيّدي فليس ذلك بمتعذّر عليكَ. فأنتَ مُطرب مشهور، وصوتك نسمعه كلّ ليلةٍ، فلا يمكننا النومّ.
ها! ها! ها! ها!
نعم يا سيدي. نعم يا سيّدي، قبل أن نموت نريد أن نغنّي، ونريدك أن تغنّي معنا.
لم تتمكنوا من النوم بسبب صوتي؟
نعم.
هل كان يخيفكن صوتي؟
جداً جداً.
مساكين. كلامك جعلني أشفق عليكن.
هل لك إذَن أن تغنّي مَعَنا قبل أن تأكلنا؟
نعم نعم. قطّعتن قلبي شفقةً عليكنّ. هيّا. واحد، اثنان، ثلاثة. وعلت أصوات العواء.
عندها اندفع السّكان والرّعاة والكلاب في المنطقة وهجموا على الذّئب وقضوا عليه بفضل ذكاء هذه النّعجة وجرأتها.