هناك العديد من الاختراعات والاكتشافات التي غيّرت مسار العالم ؛ حيث أن الاختراعات الحديثة تعمل على الوصول إلى أعلى درجات التقدم وتقديم التسهيلات الحياتية ؛ ويبدو ذلك بوضوح في العالم المحيط والتطورات التي ألمت به من خلال الاختراعات التي جعلت وسائل التواصل وطرق الحياة عامةً تسير بشكل أسهل وأبسط .
وتوجد العديد من تلك الاختراعات التي توصل إليها مخترعوها عن طريق الصدفة ؛ نتيجة انخراطهم في بعض الأعمال الأخرى التي ساعدتهم على الوصول إلى اختراعات جديدة ، وقد جاء اختراع فرن الميكروويف المنتشر في جميع أنحاء العالم بالصدفة البحتة ؛ حيث لم تكن هناك أي نية متعمدة لصناعته .
التوصل إلى فكرة اختراع الميكروويف : المخترع هو مهندس انجليزي يُدعى بيرسي سبنسر Percy Spencer ، وكان يمارس عمله في صناعة أجهزة الرادار خلال عام 1946م ، وبينما كان منهمكاً في أداء عمله ؛ شعر بالجوع فقام بالبحث عن شيء ليأكله ، وكان يحتفظ بقطعة من الشيكولاته معه ولكنه وجدها قد ذابت وتركت أثاراً على ملابسه التي يرتديها ، كان الأمر يثير التعجب لأن الغرفة التي كان يؤدي عمله بداخلها كانت باردة ، وبدأ التساؤل المنطقي وهو كيف ذابت هذه القطعة من الشيكولاته في هذا المناخ البارد؟ بينما كانت تعمل مصانع سبنسر في مجال صناعة الرادار من أجل الجيش البريطاني ؛ ازداد فضول سبنسر عن قطعة الشيكولاته التي انصهرت وفكر في الأمر كثيراً وهو يقف بجوار أحد الصمامات الإلكترونية التي تعمل على تشغيل أجهزة الرادار .
قام سبنسر بطلب إحضار كيس يحتوي على بذور ذرة وهو لازال واقفاً بجوار الصمام الإلكتروني ، وحينما حصل على بذور الذرة قام بوضعها بجوار ذلك الصمام وبعد عدة دقائق انفجرت حبات الذرة وتناثرت في أنحاء المكان الذي كان يقف به سبنسر .
لم يتوقف سبنسر عند هذا الحد ولكنه سعى إلى القيام بتجربة أخرى ؛ حيث قام في اليوم التالي لواقعة الذرة بإحضار غلاية شاي وعدد من البيض الذي لم يكن مطبوخ وأخذهم معه إلى المعمل ، وقام سبنسر بعمل ثغرة جانبية في غلاية الشاي ثم وضع البيض بداخلها وجعل فتحة الغلاية باتجاه الصمام ، وخلال بضع ثواني حدث انفجار للبيض الذي انتشر قشره على الأرض وخرج ما بداخل البيض حتى أنه قد طال وجه أحد زملاء سبنسر الذي كان يقف بجواره في تلك اللحظة .
بعد هذه التجربة أدرك سبنسر أن موجات الراديو القصيرة التي تُعرف باسم Micro waves هي التي قد تسببت فيما حدث ، وأثار ذلك الحدث نتيجة منطقية وهو أن القدرة التي جعلت البيض يتأثر بقوة الحرارة هكذا فإن من المؤكد أن هذه الموجات لها القدرة على طهي الطعام بشكل جيد .
قام سبنسر بتقديم فكرة التجربة التي عملها إلى شركة سرايثونس ، استحسنت الشركة فكرة سبنسر ووافقت على تنفيذ الفكرة وقاموا بصناعة أجهزة للطهي تعمل بموجات الميكروويف ؛ ومن ثَم عُرف ذلك المنتج باسم الميكروويف وانتشر سريعاً عبر أنحاء العالم .
أول ظهور لفرن الميكروويف في الأسواق : وقد ظهر أول فرن ميكروويف بالأسواق كمنتج يتم بيعه في بداية عام 1953م ، ولكنه كان صناعة بدائية ضخمة إلى حد كبير عما هو موجود في الوقت الحالي ؛ حيث بلغ وزنه 350 كيلو جرام ، أما حجمه فكان يقترب من حجم الثلاجة ، وبلغ سعره 3000 دولار ، وكان يُعرف باسم “رادارينج” ، وكان يقتصر استعماله على المطاعم والفنادق وقطارات السكك الحديدية.
ونتيجة للتطور السريع الذي يقوم به الإنسان على مر الزمان ، فقد تطورت صناعة الميكروويف ليصبح حجمه أصغر بكثير عن الحجم الذي ظهر به لأول مرة ، وكذلك انخفض سعره ليكون في متناول الجميع حيث بلغ السعر لبعض الأنواع 100 دولار .