ربما تكون سمعت عن فيلم KGF الذي تدور أحداثه في منجم كولار الهندي للذهب ، ولكنك بالتأكيد لم تسمع من قبل عن مايكل فيتزجيرالد لافيل ، وهو من فكر في التنقيب داخل هذا الحقل بعد أن قرأ بالصدفة تقرير قديم عن هذا الحقل .
بدأ لافيل يهتم بتعدين الذهب خلال الفترة التي شارك فيها في الحرب في نيوزيلندا ، وقد تحمس بشكل كبير بعدما قرأ تقرير قديم لجون وارن يتحدث فيه حول احتياطيات الذهب المحتمل وجودها في حقل كولار .
حيث أن وارن قد وصل إلى حقل كولار في عام 1799م بعد أن قتل السلطان تيبو على يد البريطانيون في معركة سرنجاباتام ، وقرر البريطانيون بتسليم الأراضي التي كانت واقعة تحت سيطرة تيبو إلى ولاية مايسور الأميرية ، وكان لابد من عمل مسح لتلك الأراضي فتم استدعاء وارن والذي كان يخدم آنذاك في فوج الملكة رقم 33 وأرسل إلى كولار لإتمام هذه المهمة .
وكان وارن قد سمع أساطير عن ناس يحفرون الذهب بأيديهم العارية خلال فترة سلالة تشولا ، وقد أثارت تلك الشائعات فضوله وأعلن عن مكافأة لمن يستطيع الوصول إلى الذهب الأصفر ، وسرعان ما وصل القرووين أمامه بعربات مملوءة بالطين وقاموا بغسله أمام وارن لعزل مسحوق الذهب ، وقد خلص إلى أنه مقابل كل 120 رطل من الطين يمكن أن يستخلص حبة من الذهب باستخدام الطرق البدائية التي يستخدمها القرويين ، وهذا يطرح احتمال وجود احتياطيات كبيرة من الذهب في تلك المنطقة .
وبين عامي 1804م و1860م كان هناك عدد من الدراسات لاستكشاف المناطق في تلك المنطقة ، ولكنها ذهبت هباءً ، ولأن معظم أعمال التعدين أدت إلى حوادث فقد منع التعدين تحت الأرض بموجب القانون عام 1859م .
ولكن لافيل وبعد 67 من كتابة تقرير وارن شعر بالحماس نحو هذا التقرير ، وقرر القيام برحلة إلى كولار عام 1871م ، وذهب في رحلة طولها 60 ميل ، وحدد عدة مواقع للتعدين ، ولكن على عكس الآخرين استطاع أن يحصل على رواسب من الذهب .
وبعد عامين من البحث ، وفي عام 1873م كتب لافيل إلى الحكومة حتى يحصل على رخصة لتعدين الذهب ، وقد اعتقدت الحكومة أن فكرة وجود الذهب غير محتملة ، فأعطته أذن بالبحث عن الفحم فقط ، ولكنه أصر على البحث عن الذهب .
فكتب لافيل رسالة أخرى إلى رئيس مفوضية ميسور قال فيها ” إذا نجحت فيما أبحث عنه ، فسيكون لهذا الحقل فائدة كبيرة للحكومة وفي حال فشلت لن تتكلف الحكومة أي شيء ، فأنا لا أطلب أي شيء سوى تصريح للتعدين ” .
وبالفعل حصل لافيل على عقد إيجار للمنجم لمدة 20 عاماً في 2 فبراير 1875م ، وبدأ عصر جديد للتعدين عن الذهب في الهند .
ولم يكن لافيل غنياً وهذا حد من قدرته على التعدين ، ولكن حماسه وجرأته لإنشاء مناجم الذهب ورغبته في المجازفة جعلته حديث الناس ، ولكن مدخراته بدأت تنضب وبحلول عام 1877م لم يستطيع لافيل توفير المال اللازم لاستكمال حلمه ، وأصبح يائساً من جمع مزيد من الأموال ، ولكن شعبيته جاءه الدعم من الجنرال بيرسفورد وثلاثة آخرين ، وقاموا معاً بتشكيل نقابة أطلقوا عليها اسم “شركة كولار ذات الامتيازات المحدودة ” وقد تولت تلك الشركة عملية التعدين .
وتمت دعوة مهندسي التعدين من جميع أنحاء العالم لحفر أبار في كولار ، وبعد ضغط من المستثمرين في شركو كولار ذات الامتيازات المحدودة ، قامت الشركة بالعمل مع شركة أخرى كانت قد جلبت هندسة التعدين الحديثة إلى الهند وهي ملك جون تايلور وأبنائه ، وبدأت الشركة الجديدة في جلب مهندسين من نورويش بإنجلترا ، وبدأ العصر الذهبي لحقل كولار للذهب KGF للتعدين عن الذهب في الهند .
ومع تطور العمليات في KGF خططت المملكة المتحدة لجعله ثاني أكبر حقل في آسيا ، وقامت بتأسيس أول محطة للطاقة في الهند في منطقة كولار ، وفي عام 1900م تم إنشاء محطة كهرباء عملاقة تنقل الخطوط على طول 148 كيلومتر والتي كانت تعد الأطول في العالم ، وتم نقل الآلات من بريطانيا وأمريكا وألمانيا إلى الحقل في عربات تجرها الأفيال والخيول ، وتم استبدال مصابيح الشموع والكيروسين في الشوارع بمصابيح كهربية ، بحلول عام 1902م وأصبحت منطقة كولار تحصل على إمدادات غير منقطعة من الكهرباء .
ومع ذلك كانت ظروف العمل تحت الأرض غير جيدة ، فقد وصلت درجات الحرارة تحت الأرض إلى 55 درجة مئوية وأصبحت الحوادث شائعة هناك ، ومع مرور الوقت بدأ احتياطي الذهب في التناقص وبدأ العمال الأجانب بمغادرة الحقل ، ولكنه ظل ملكاً للإنجليز حتى استقلال الهند ، فتم نقل ملكية الحقل إلى حكومة الولاية عام 1956م ، وفي عام 2001م تم إغلاق حقل كولار للذهب .