يحكى أنه كان هناك راعي أغنام بسيط يدعى كريم، وكان يرعى أغنام أحد الأغنياء، ويأخذ جزاء عمله أجرته اليومية خمسة دراهم، وذات يوم استدعى الرجل الغني الراعي وأخبره انه ينوي بيع الأغنام في أقرب وقت لأنه سيسافر خارج البلاد، وأعطى الراعي مبلغ كبير من المال نظير خدمته له ورعايته لأغنامه طوال سنوات، إلا ان الراعي كريم رفض أن يأخذ هذا المبلغ قائلاً : أرجوك لا تحرجني يا سيدي، لقد أخذت نظير عملي أجرتي اليومية ولن أخذ غيرها .
تعجب الغني من تصرف الراعي، واعجب كثيراً بأخلاقه ورضاه فدعا له بزياده ماله والبركة فيه، وهكذا سافر الغني تاركاً الراعي المسكين بدون عمل او مال يقتات به حتى يجد عمل جديد .
بدأ الراعي يبحث عن عمل جديد على الفور حتى وصل إلى قرية وجد بها كثير من الناس متجمهرين امام تاجر كبير يبدو عليه الفخامة والغنى، فاقترب الراعي من الناس وسألهم عن سبب تجمهرهم أمامه، فأجابه أحدهم
: هذا التاجر الغني يعطيه الناس كل ما لديهم من أموال فيسافر ويتاجر بها ويجلب لهم المزيد من البضائع والارباح العظيمة .
فكر الراعي قليلاً، ثم قرر أن يذهب إلى التاجر ويعطيه الخمسة دراهم التي يملكها وكانت هي آخر خمسة دراهم أخذها من عمله، وطلب من التاجر أن يأتيه بأرباح ويشتري له شيئاً ينفعه ويتاجر به، نظر التاجر إلى الراعي وقرأ في عينيه الصدق والوفاء فقال له : لك ما تريد .
سافر التاجر وبدأ يتاجر في أموال الناس ويشتري لهم ما يطلبون ولم يبقي معه سوي خمسة دراهم للراعي، فرأى قطاً سميناً أراد صاحبه أن يبيعه لأنه يأكل كثيراً، فاشتراه التاجر وعاد إلي بلاده، وفي الطريق مر على قرية ورآه سكان القرية وبيده القط، فطلبوا منه أن يبيعهم إياه حتي يخلصهم من الفئران التي تأكل محاصيلهم، وانهم على استعداد لشراءه بوزنه ذهباً، فوافق التاجر وعاد إلى بلده وأعطي لكل شخص أمانته، ثم أخذ التاجر واستحلفه بالله أن يخبره بسر الخمسة دراهم هذه، فقص عليه الراعي ما حصل معه ودعاء الغني له، فقال له التاجر : عوضك الله خيراً لأنك رضيت برزقك الحلال ولم ترض زيادة على ذلك، وأعطاه الذهب .