وجّه عبد الملك بن مروان عامرا الشعيبي الى ملك الروم في بعض الأمر له, فاستكثر الشعبي فقال له:
من أهل بيت الملك أنت؟
قال: لا.
فلما أراد الرجوع الى عبد الملك حمّله رقعة لطيفة وقال: اذا رجعت الى صاحبك, فأبلغته جميع ما يحتاج الى معرفته من ناحيتنا, فادفع اليه هذه الرقعة.
فلما صار الشعبي الى عبد الملك ذكر ما احتاج الى ذكره ونهض من عنده, فلما ذكر الرقعة, فرجع فقال: يا أمير المؤمنين, انه حمّلني اليك رقعة نسيتها حتى خرجت, وكانت آخر ما حمّلني فدفعها اليه ونهض.
فقرأها عبد الملك فأمر بردّه, فقال: أعلمت ما في هذه الرقعة؟
قال: لا.
قال: فانه قال فيها:" عجبت من العرب كيف ملّكت غير هذا!". أفتدري لم كتب الي بمثل هذا؟
فقال: لا.
فقال: حسدني عليك, فأراد أن يغريني بقتلك.
فقال الشعبي: لو كان رآك يا أمير المؤمنين ما استكثرني.
فبلغ ذلك ملك الروم, ففكّر في عبد الملك, فقال: لله أبوه, والله ما أردت الا ذلك.