دخلت امرأة ناقمة على هارون الرشيد وعنده جماعة من وجوه أصحابه فقالت :
يا أميرالمؤمنين أقرالله عينيك ، وفرّحك بما آتاك وأتمّ سعدك ، لقد حكمت فقسطت
فقال لها :
من تكونين أيتها المرأه ؟
فقالت : من آل برمك ، ممن قتلت رجالهم وأخذت أموالهم وسلبت نوالهم .
فقال :
أما الرجال فقد مضى أمر الله فيهم وأما المال فمردود إليك
ثم التفت إلى أصحابه فقال بعد ذهاب المرأة :
أتدرون ما قالت المرأة ؟
فقالوا : ما نراها قالت إلا خيراً
قال : ما أظنكم فهمتم ذلك .
أما قولها :
أقرّ الله عينيك) أي :أسكنها عن الحركة
وإذا سكت العين عن الحركة عميت .
وأما قولها :
وفرّحك بما آتاك) فأخذته من قوله تعالى :
حَتى إِذَا فَرِحُوا بما أُوتُوا أَخَذنَاهُم بَغتَةً ..
وأما قولها :
وأتم سعدك
فأخذته من قول الشاعر :
إذا تمّ شيء بدا نقصه *** ترقب زوالاً إذا قيل تم
وأما قولها :
لقد حكمت فقسطت
فأخذته من قوله تعالى
وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا
فتعجب أصحابه من سرعة بديهته