ملك مقدونيا، وغازِ الإمبراطورية الفارسية، وأحد أعظم القادة العسكريين في كل العصور.
ولد الإسكندر في بيللا، عاصمة مقدونيا القديمة، وهو ابن الملك فيليب الثاني، ملك مقدونيا، وابن الملك أوليمباس، أميرة إبيروس. وكان أرسطو هو مُعَلِّم الإسكندر؛ وقد أعطاه تدريب كبير في علم البلاغة والخطابة والأدب، وحثَّ اهتماماته بالعلوم والطب والفلسفة.. وفي صيف عام 336ق.م. اُغتيل والده، وصعد الإسكندر على العرش. وجد نفسه مُحاطًا بالأعداء في بلده، وتهديدات من المتمردين خارجها. وتخلَّص الإسكندر من كل هؤلاء بسرعة بالإعدام! ثم نزل إلى ثيسالي (ربما صقلية)، حيث تولّى حلفاؤه الحكم، واستعاد حكم مقدونية. وقبل نهاية هذا الصيف، ثبَّت وضعه في اليونان وتم انتخابه عن طريق الهيئة التشريعية في كورونثوس. وفي عام 355 ق.م. قام الإسكندر -كرئيس اليونانيين- بحملة ناجحة ضد الفارسيين، التي قام بتخطيطها والده أصلًا، من خلال نهر الدانوب. وفي عودته سحق في أسبوع واحد إليريانز ثم ذهب إلى طيبة بسرعة، التي كانت في مرحلة الثورة. وأخذها بقوة ودمّرها، تارِكًا فقط معابد الآلِهة، وبيت الشاعِر اليوناني بيندار، وقام ببيع الساكنين الذين كانوا ما يزالوا على قيد الحياة، وكانوا نحو 8000 شخص، باعهم كعبيد. وبسبب قوة ما حدث، خضعت الولايات اليونانية الأخرى تحت سيطرته..
وبدأ الإسكندر حربه ضد فارس في خريف عام 334 ق.م. بعبور الهيليسبونت بجيش يتكون من 35000 فرقة مقدونية ويونانية؛ مع رؤساء الجيوش، وكل المقدونيين، وأنتيجوناس وبطليموس وسلوقاس.
..
وهاجم عند نهر جرانيسوس جيشًا يتكون من 40000 رجل، وانتصر على هذا الجيش، وجعله ينسحِب، وخسر هو 110 رجلًا فقط، وبعد هذه الحرب خضعت كل ولايات آسيا الصُّغرى له. وخلال عبوره لبريجا، قيل أنه قطع عقدة جورديان.
وخلال تقدّمه جنوبًا، قابَل الجيش الفارسي الرئيسي، تحت قيادة داريوس الثالث، في إيسوس شمال سوريا. وحجم جيشه غير محدد، ولكن قيل أنه مكوَّن من 500 ألف رجل، وهذه مبالغة كبيرة! وانتهت تلك الحرب بنصر عظيم للإسكندر. وهرب داريوس من خلفية الجيش شمالًا، تارِكًا أمه وزوجته وأولاده للإسكندر!! الذي عاملهم بكل احترام نظرًا لنسبهم الملوكي.
وقد قابل أهل ميناء طيره الإسكندر بمقاومة شديدة، ولكن انتصر عليهم الإسكندر كالعادة، ولكن بعد حصار دام 7 أشهر! وكان ذلك عام 332 ق.م. وقد غزا الإسكندر غزة، وعبر منها إلى مصر، حيث تم الترحيب به كمخلص! وبهذه الانتصارات تحكَّم في دول محيط شرق البحر المتوسط. ثم أسَّس عام 332 ق.م. مدينة الإسكندرية عند نهاية نهر النيل، والتي أصبحت بعد ذلك المركز الثقافي والعِلمي والتجاري للعالم اليوناني.
..
وفي خريف عام 331 ق.م. ذهب الإسكندر في رحلة سياحة إلى المعبد العظيم آمون رع، رب الشمس في مصر، والذي يُقابله زيوس عند الإغريق. وكان المصريون القدماء يؤمنون بأن الفرعون هو ابن الإله آمون رع، وقد أراد الإسكندر كحاكِم جديد للبلاد أن يعترِف به الإله كابنٍ له. وقد نجحت تلك الرحلة جدًا، وأعطته إحساسًا بجذور إلهية!
وتوالت الغزوات والانتصارات على عشرات البلاد، إلى أن بدأ المقدونيين أنفسهم في التمرد! وكان ذلك في سبتمبر عام 325 ق.م. وقد أدى القصور في الماء والطعان إلى خسارة كبيرة في جيشه. وقضى الإسكندر بعد ذلك حوالي العام في إعادة تنظيم قوّاته، وإنهاء غزواته..
إلى أن وصل إلى بابل عام 323 ق.م. وفي يونيو من نفس العام أُصيب بالحُمى ومات! وقد ترك إمبراطوريّته إلى "الأقوى" على حَد تعبيره.. وأدت هذه الشهادة إلى صراعات دامت نصف قرن..
لقد كان الإسكندر قائدًا عظيمًا، وذو قُدرةٍ كبيرة على التخطيط والبراعة في الأداء والقيادة، وقد استطاع خلال مدة وجيزة غزو العديد من البلاد.. وقد كان عادةً شجاعًا وكريمًا، ولكنه كان قاسيًِا وبلا رحمة في أوقاتٍ أخرى. ومن المعروف عنه أنه كان سكيراً! لدرجة أنه في إحدى المرات قتل صديقة كليتوس في نوبة غضب! وقد ندم كثيرًا على ذلك الأمر.
وقبل موته بفترة وجيزة، جعل اليونان تعبده كإله! وذلك بسبب طبيعته كإله كما كان يقول عن نفسه.. وقد انتهى هذا الأمر بموته.
وقد سمّى العديد من البلاد باسم "الإسكندرية"، (حوالي 44 مدينة)، وقد اهتم بتلك المدن جيدًا، من حيث الرَّصْف وماء الشرب. وقد أقام في تلك البلاد عمال وشباب وتُجّار ودارِسين.. وقد انتشرت الثقافة واللغة اليونانية في تلك المدن. وبالتالي انتشرت الحضارة اليونانية وزاد تأثيرها، ومهَّدت الطريق أمام الحضارة الهيلينيّة، وغزوات الإمبراطوريّة الرومانيّة.