خرجت مايا من شقة كريم وهي تشعر بالراحة الكبيرة ..
لا تصدق بأنها نجت من الوقوع بالخطأ...
لقد كادت ان تخسر شرفها لولا ما حدث...
لولا رحمة الله بها وتراجعها عما حدث...
اخذت نفسا عميقا وابتسمت براحة جلية...
ثم سارت في الشارع بخطوات بطيئة وهي تتأمل المارة حولها وتفكر في داخلها في حل ينقذها من بطش كريم...
وفي اثناء سيرها رن هاتفها فأخرجته من حقيبتها واجابت على المتصل والذي لم يكن سوى سعد...
- ازيك يا مايا؟!
كان سؤالا اعتياديا أجابت عليه:
- بخير الحمد لله، ازيك انت؟!
- بخير...
فجأة خطر على بالها شيء ما، شيء جعلها تسأله بسرعة:
- سعد ممكن اقابلك؟!
رد بتلقائية:
- اكيد، تحبي نتقابل فين ..؟!
اجابته:
- فالكافيه اللي جمب بيتنا...
- ربع ساعة واكون عندك...
اغلقت الهاتف وهي تتنهد براحة، لقد وجدت الحل الذي سينقذها من ذلك المجرم، لكن يتبقى شيء واحد، موافقة سعد...
دلفت مايا الى الكافية لتجد سعد في انتظارها، ابتسم بفرح ما ان رأها ثم هب واقفا من مكانه مستقبلا اياها ..
بادلته مايا ابتسامة خافتة وهي تجلس امامه بينما عقلها يعيد ذكريات الساعة الفائتة وما حدث بها وشعور بتأنيب الضمير تجاه سعد وهي تتذكر ان ذلك الحقير قد رأها وهي شبه عارية طغى عليها...
ابتسمت بوهن قبل ان تسأله:
- عامل ايه؟!
اجابها:
- كويس، بس مطحون فالشغل...
- ربنا يعينك...
قالتها بإبتسامة سمحة ليسألها:
- طلبتي تشوفيني ليه؟! مش من عوايدك يعني...
اخذت تعبث بأناملها وهي تفكر في طريقة تخبره من خلالها بما تريده منه:
- سعد انا فكرت كتير فوضعنا وعلاقتنا، انا موافقة اني اتجوزك...
سعد متعجبا مما قالته:
- انتي بتقولي ايه يا مايا؟! انتي بتتكلمي بجد؟!
اومأت مايا برأسها وهي تضيف بنبرة ثقيلة:
- اكيد مش بهزر، سعد انا بحبك، وعايزة اتجوزك...
سعد وهو يشعر بالحرج:
- بس يا مايا انتي عارفة ظروفي، انا مش هقدر اجيب الشقة ولا المهر اللي انتي ومامتك عاوزينه...
مايا بتفهم فاجأه:
- عارفة وموافقة، انا اللي يهمني اننا نتجوز ونعيش فبيت واحد سوا، واني اكون مراتك وفحمايتك...
شددت على حروف كلماتها الاخيرة...
تطلع سعد اليها بحيرة ولم يعرف ماذا يجب ان يفعل...
هل يوافق على الزواج من حبيبته بوضع متردي كهذا؟!
هل سيجعلها تشاركه شقائه وتعبه؟!
شعرت مايا بتخبط افكاره فأمسكت بيده داعمة لها وقالت:
- انا عارفة انك متفاجئ من طلبي، زي ما عارفة انك خايف تظلمني معاك، بس انا بحبك وعاوزاك، ومش هاممني اي حاجة فالدنيا غير اني اكون فحضنك وأمانك، احنا هنتجوز ونعيش سوا، انا وانت نشتغل ونبني نفسنا مع بعض...
سحب يده من كف يدها وقال:
- طب والشقة؟! هتقبلي تعيشي مع امي واخواتي؟!
اومأت برأسها وقالت:
- هقبل، انا اصلا بحب مامتك واخواتك، وعلاقتي بيهم كويسه، وانت عارف ده كويس...
ما زال هناك شعور بداخله أن ثمة امر غريب يحدث وراءه، لكن لا يهم، طالما مايا ستكون زوجته وملكه .. لقد انتظر هذه اللحظة طويلا، وحلم بها كثيرا، وهاهي تتحقق بسهولة امامه . .
- قلت ايه؟!
افاق من شروده على سؤالها ليبتسم ويجيبها اخيرا:
- موافق...
تنهدت براحة ثم قالت بسعادة:
- احنا نتجوز على طول، ايه رأيك؟!
تعجب سعد من سرعتها لكنه لم يشأ ان يحرجها فإبتسم وقال:
- تمام لو ده هيريحك...
- شكرا يا سعد، شكرا اوي...
قالتها بإمتنان حقيقي له، فهو سينقذها من براثن الذئب دون ان يعلم، سوف يحميها منه ومن بطشه، وسينتهي حينها كل شيء...
عاد كريم الى فيلا عائلته وهو يشعر بتخبط وحيرة شديدين...
ما زال يفكر بما حدث وما فعلته مايا وقالته...
شعور غريب في داخله يخبره ان يصدقها، وشعور اخر يكذبها...
وهو تائه حائر بين هذين الشعورين...
وجد أخيه يجلس في صالة الجلوس يتابع التلفاز فجلس بجانبه بعدما القى التحية عليه...
تأمله حسام بتعجب، كان يبدو مرهقا للغاية، فسأله بحيرة:
- مالك؟! شكلك بيقول انك مش كويس، !
اجابه كريم وهو يطلق تنهيدة ثقيلة:
- مهدود حيلي بسبب الشغل...
ثم اردف متسائلا عن والده ووالدته:
- امال بابا وماما فين؟!
اجابه حسام:
- خرجوا يتعشوا بره، عزموا عليا معاهم بس رفضت، قلت اسيبهم يعيشوا شبابهم شوية...
ابتسم كريم ساخرا على كلمة شبابهم ثم ما لبث ان قال:
- حسام، ايه رأيك تروح بكره بدالي عزومة عزمي بيه؟!
ابتسم حسام قائلا:
- انت بتهزر يا كريم، دول عزموا ماما مخصوص عشانك...
- ليه يعني؟!
سأله كريم بلا مبالاة ليرد حسام:
- عشان كارما بنته، دي ماما معجبة بيها اوي، وعايزة تخطبهالك...
- طموحة اوي ماما دي...
قالها كريم ساخرا ليضحك حسام عاليا قبل ان يقول بعبث:
- بس البنت ايه، تهبل...
- بجد؟!
سأله كريم متحمسا ليرد حسام بإستهزاء:
- غيرت رأيك بالسرعة دي ..
ليقول كريم بخبث:
- مهي لو تستاهل بجد، يبقى لازم اروح...
حسام بجدية:
- من ناحية تستاهل فهي تستاهل، روح وانت مطمن ..
نهض كريم من مكانه وهو يبتسم بإنتشاء قبل ان يودع اخيه ويتجه الى غرفة نومه...
في اليوم التالي...
اوقف كريم سيارته امام فيلا عزمي الجندي...
هبط من سيارته ثم اتجه نحو الجهة الاخرى من السيارة وفتح الباب لوالدته التي هبطت بدورها ليظهر فستانها الفخم بوضوح...
لطالما عرفت والدتها بأناقتها الطاغية وجمالها الساحر...
سار كريم وهو ممسك بذراع والدته نحو الباب الفيلا ليجدوا عزمي وزوجته جيهان بإستقبالهم...
رحبوا بهما بحرارة وأجلسوهما في صالة الجلوس...
كان كريم يتابع الأحاديث السائرة بينهما بملل شديد ..
لقد جاء الى هذه السهرة خصيصا لرؤية كارما...
وهاهو ينتظر طلتها البهية منذ اكثر من نصف ساعة...
لحظات قليلة ودلفت كارما الى الداخل...
ليتأملها كريم بنظرات باردة وإن أعجبه جمالها بشدة، لكن هذه عادته لا يظهر الاعجاب نحو اي فتاة بل يحتفظ به في داخله حتى يأتي الوقت المناسب ويفصح لها عنه...
كانت كارما جميلة للغايةة بل مثيرة اكثر مما هي جميلة...
تمتلك جسد أنثوي رائع ذو تفاصيل مغرية لأي رجل، شعرها الطويل مصبوغ باللون الأشقر الذي يلائم بشرتها البيضاء الناصعة، والمكياج الصارخ يملأ وجهها...
لا يعرف لماذا قارن بينها وبين مايا، كانت مايا تختلف عنها جذريا، فهي أنعم منها بكثير، جسدها اقصر وأنحل بكثير، بشرتها خمرية، ووجهها خالي من المكياج،
وبالرغم من اثارة كارما وجمالها المثير الا ان كفته مالت نحو مايا وهذا شيء استغربه بل وازعجه كثيرا،
افاق من افكاره تلك على صوت كارما ترحب به وتمد يدها نحوه فنهض من مكانه وامسك يدها رادا لها التحية ببرود،
جلست كارما بجانب والدتها وعادت الأحاديث المملة تأخذ اطارها المعتاد وعاد كريم لأفكاره من جديد والتي تخص واحدة فقط، مايا...
يتبع...