خائنات .. قاتلات
الخيانة صعبة .. بل هي من أكثر الأمور إيلاماً التي يمكن إن يتعرض لها الإنسان في حياته، وهي على أنواع .. فهناك خيانة الأمانة .. وخيانة الصديق .. وخيانة العائلة .. وخيانة الوطن .. وهذه الأخيرة تعد الأبشع عند معظم الأقوام والشعوب، لذا لا عجب أن تصل عقوبتها إلى الإعدام في قوانين الكثير من الأمم.
لكننا اليوم لن نتحدث عن خونة الأوطان .. لأنهم كثيرون وما عادوا يخجلون .. بل سنحدثكم عن الخيانة الزوجية، سنقص على أسماعكم حكايات واقعية عن زوجات مضين في درب الخطيئة إلى مداه الأبعد، فلم يكتفين بخيانة شريك حياتهن وسلب شرفه .. بل تمادين في غيهن إلى درجة قتله وسلب روحه.
لكن قبل أن نمخر معاً عباب هذا المستنقع الآسن، وقبل أن نزكم أنوفكم برائحة العفن المتسربة عن قصصنا لهذا اليوم .. قبل ذلك كله، ولكي لا نحيد عن درب الحياد والإنصاف، علينا أن لا ننسى .. ان معشر الرجال ..ان صفحتهم
في مجال الخيانة الزوجية هي في الحقيقة أشد سواداً من ليلة غاب عنها القمر، وبأن مقابل كل امرأة خائنة هناك ثلاث إلى أربع خونة من الرجال، لذا قبل أن نشمر عن سواعدنا ونقذف حواء بأحجارنا .. فلنتذكر أولاً .. من منا بلا خطيئة؟.
-
تفضل يا أغلى وأفضل زوج في العالم .. هذه هديتي لك بهذه المناسبة السعيدة ..
قالت فيكي برقة وهي تناول زوجها كريس علبة صغيرة مغلفة بورق الهدايا البراق وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة عريضة. فنظر إليها كريس نظرة ملئها الود والامتنان ثم امسك يدها وقبلها بلطف قبل أن يرد قائلاً :
- شكراً يا حب حياتي .. يا أحلى وأرق وأجمل زوجة في العالم .. مجرد وجودك معي الليلة هو أعظم هدية.
كان الزوجان يحتفلان بعيد ميلاد كريس الرابع والأربعين في تلك الليلة. ولأن كلاهما من أصول يونانية، فقد أصرت فيكي على أن يحتفلا بهذه المناسبة السعيدة في مطعم يوناني صغير يقع في ضواحي مدينة ملبورن الاسترالية، وأصرت أيضاً على أن تقود بنفسها سيارة زوجها الرياضية الحديثة في الطريق إلى المطعم، وهي لفتة نالت استحسان كريس بشدة لأنه يعلم جيداً بأن زوجته تكره قيادة السيارات عموماً ولم تقد سيارة بنفسها منذ أعوام، حتى أنه لم يعترض حين ركنت السيارة في زقاق معتم بعيد نسبياً بالرغم من وجود مكان خالي أمام المطعم.
كريس وفيكي قضيا ليلة صاخبة في المطعم، أكلا وشربا ورقصا، وقد شاركهما الاحتفال جميع الحضور، وحتما شعر العديد منهم بشيء من الحسد والغيرة بسبب قوة ومتانة العلاقة والعاطفة التي تجمع بين الزوجين بالرغم من مرور ثلاثة عشر عاماً على زواجهما الذي عده الكثيرون زواجاً مثالياً .. فهما غنيان .. ولديهما ثلاثة أطفال .. ويعشقان بعضهما .. ماذا يريد الأزواج أكثر من هذا؟.
الزوجان غادرا المطعم في ساعة متأخرة من تلك الليلة، سارا على مهل صوب الزقاق الذي ركنت فيكي السيارة فيه، كانا يمسكان بيد بعضهما كالعشاق حين دخلا ذلك الزقاق المظلم، وقبل أن يصلا إلى سيارتهما لمح كريس شخصاً ما يقف في العتمة فشعر بشيء من التوجس وتباطأت خطواته قليلاً،
لكن فيكي سحبت يده وحثته على السير، وما أن تجاوزا الرجل ببضعة خطوات حتى شعر كريس بيد قوية تمسك به من الخلف وبشيء بارد كالمعدن يمر على رقبته سريعاً، كان هجوماً مباغتاً أسقط كريس على الأرض وهو يتخبط بدمه فيما راح المهاجم المجهول يطعنه بالسكين المرة تلو المرة.
كريس لم يأبه لنفسه كثيراً، لكنه خشي على سلامة زوجته فصرخ فيها قائلاً : أركضي فيكي .. أركضي حبيبتي .. أنجي بنفسك .. أوصيك برعاية أطفالنا .. أحبك .. أحبك .. ثم غاب عن الوعي ولم يعد يشعر بشيء.
حين أفاق كريس مرة أخرى وجد نفسه نائماً على سرير كبير داخل غرفة جدرانها بيضاء والى جواره تكدست العديد من الأجهزة والمعدات الطبية. كانت فيكي تجلس على كرسي إلى جوار سريره وهي تجهش بالبكاء.
أراد كريس أن يتحدث أليها، أن يعرف ماذا حصل، لكنه لم يستطع، إذ شعر بألم حاد في عنقه منعه من الكلام، فطوقته فيكي بذراعها وقالت بنبرة حانية : لا بأس عليك يا حبيبي .. أنت بخير .. لقد هاجمنا متشرد أثناء عودتنا إلى السيارة.
ما لم يعلمه كريس في تلك اللحظة هو أنه كان قد أمضى 13 يوم في غيبوبة تامة، فمهاجمه المجهول كان قد نحره من رقبته بالسكين ثم طعنه ست طعنات في مناطق مختلفة من جسده قبل أن يفر هارباً. كان قد نزف الكثير من الدماء وبالكاد يتنفس حين وصلت الإسعاف، وقد أعتبر الأطباء نجاته أشبه بالمعجزة.
فيكي كانت الشاهدة الوحيدة على الهجوم، لكن شهادتها لم تكن مفيدة للشرطة، أخبرتهم بأن الزقاق كان مظلماً فلم تستطع أن تتبين وجه المهاجم. وخلال الأيام القليلة التالية بدأت صحة كريس تتحسن بشكل كبير، كانت فيكي لا تفارقه إلا من أجل الذهاب إلى المنزل للاطمئنان على الأطفال، كانت بالنسبة إلى الجميع مثالاً يحتذى لوفاء الزوجة وإخلاصها، وقد شعر كريس بامتنان كبير لوجودها إلى جانبه.
فيكي أبدت لهفة وحماساً كبيراً لمعرفة هوية المهاجم المجهول، كانت تتصل بالشرطة يومياً لتطمأن على سير التحقيقات، لهذا توقع شقيق زوجها بأنها ستشعر بسعادة عارمة حين أخبرها بأن الشرطة ألقت القبض على المهاجم، وذلك بعد أسبوعين على الحادث. لكنها وعلى غير المتوقع تسمرت في مكانها وامتقع لونها كأن صاعقة قد حلت على رأسها ثم غادرت المستشفى على عجل متحججة بالذهاب للمنزل للاطمئنان على أطفالها. وفي اليوم التالي لم تحضر فيكي إلى المستشفى على غير عادتها، ولم يفلح كريس بالاتصال بهاتفها رغم محاولاته المستمرة.
كريس كان في غاية القلق على زوجته، لكن قلقه لم يستمر طويلاً، ففي المساء زاره أحد محققي الشرطة، كان يحمل معه خبراً هز كيان كريس كالزلزال. أخبره بصراحة بأن زوجته فيكي أتت إلى الشرطة ظهر هذا اليوم واعترفت بأن المهاجم المجهول الذي هاجمهما هو في الحقيقة عشيقها وبأنهما خططا معاً لقتل كريس.
الشرطة كانت قد ألقت القبض على المهاجم بالفعل، لذا لم تجد فيكي مهرباً الا بالذهاب إلى الشرطة بنفسها للاعتراف بجريمتها. ربما أرادت تحاشي ألقاء القبض عليها في منزلها أمام أبنتها المراهقة وطفليها التوأم. وقد شكل اعترافها صدمة للجميع، كان أمراً لا يصدق، خصوصاً بالنسبة إلى كريس الذي أصيب على الفور بحالة من الصدمة والذهول استمرت لعدة أيام.
"لقد كنا متوافقين تماماً، كانت زوجة وأما عظيمة، لم تكن هناك أي مشاكل بيننا، كان زواجنا مثالياً .. لقد اعتادت أن تعيد على مسامعي كل يوم عبارة (حتى يفرقنا الموت) وكانت تبدي لي حباً كبيراً " .. قال كريس لأحد الصحفيين وهو يهز رأسه أسفاً خارج قاعة المحكمة ثم تابع بنبرة حزينة : "لم تسألني يوماً عن ما أفعله في غيابها ولم أسألها يوماً عن ذلك .. كان زواجنا مبنياً على الثقة" .. ثم أردف ساخراً : "على الأقل من وجهة نظري أنا".
لكن ثقة كريس العمياء لم تكن في محلها، فخلال احتفالها بعيد ميلادها الأربعين عام 2007 تعرفت فيكي على رجل يدعى آري ديمتراكس، كان هو الآخر من أصول يونانية، متزوج ويعمل سائق سيارة، وخلال فترة قصيرة توطدت العلاقة بينهما لتتحول إلى علاقة حب ملتهبة الأوار، كانا مجنونين ببعضهما،
حتى أن الشرطة ألقت القبض عليهما في أحدى الليالي وهما عاريان تماماً في المقعد الخلفي لسيارة مركونة في شارع فرعي. كان عشقهما نارياً إلى درجة أن كلا منهما قام بوشم أسم الآخر على الأصبع تحت خاتم الزواج وعلى الرقبة خلف الشعر.
ديمتراكس أعترف لاحقاً للشرطة بأن فيكي فاتحته بشأن قتل زوجها لأول مرة عام 2009، وبأن الأمر لم يعدو على كونه مزحة في بادئ الأمر، وبأنه ساير فيكي في هذه المزحة لأنها كانت تشعر بحماس شديد حينما تخطط لقتل زوجها وكانت تبدي له مزيداً من الحب والانقياد في الفراش حينما كانا يتحدثان عن قتل زوجها!.
فيكي كانت في الحقيقة ممثلة بارعة، أبرع من الكثير من ممثلات هوليوود المحترفات. كانت تخون زوجها وتخطط لقتله وفي نفس الوقت تجيد السيطرة والتحكم بعواطفها تماماً فتظهر له من الحب والود والاهتمام ما يجعله لا يشك في أخلاصها للحظة. كانت في الحقيقة تسعى للاستيلاء على ثروته، فأغلب ممتلكات الزوجين كانت بأسمها، وكانا يشتركان في وديعة بنكية مقدارها ربع مليون دولار إضافة إلى وثيقة تأمين على حياة كريس بقيمة مائتي ألف دولار. وبالتالي فهي لم تكن لتخسر شيء برحيل كريس، بالعكس .. كانت ستتمتع بالثروة مع حبيبها الفقير الذي لم يكن يملك مسكناً لائقاً وكان يعيش برفقة زوجته وأطفاله في قبو صغير بمنزل أمه.
خلال محاكمتها نزعت فيكي القناع عن وجهها تماماً، لم تبدي أية أشارة ندم ولم تقدم للمحكمة أي مبرر مقنع لما ارتكبته بحق زوجها. بل كانت من الجرأة والوقاحة بحيث أنها اتصلت بديمتراكس في سجنه وأخبرته بأنها مازالت تحبه وستستمر بحبه إلى الأبد.
وقاحتها هذه جعلت الجميع ضدها، حتى أطفالها. وقد خاطبتها قاضية المحكمة قبل إصدار الحكم قائلة : "صحيح أنكِ لم تكوني تمسكين السكين بيدك في ليلة الحادث، لكنك كنت ترومين قتل زوجك تماماً كما لو كان السكين في يدك .. أنه لمن الصعوبة تخيل وتجربة الشعور المؤلم بالخيانة الذي أحس به زوجك لدى علمه بأن زوجته خططت لقتله مع عشيقها في ليلة عيد ميلاده دوناً عن جميع الليالي والأيام".
محاكمة فيكي وعشيقها انتهت إلى الحكم عليها بالسجن لمدة 12 عاماً غير قابلة للتخفيف أو العفو إلا بعد مرور 9 أعوام. أما عشيقها ديمتراكس فقد نال حكماً مخففاً بالسجن لسبعة أعوام بسبب تعاونه مع الشرطة وشهادته ضد فيكي في المحكمة.
سيدة الثلج .. أبرد قاتلة في العالم!
من المؤكد بأن ايستباليز كرانزا قد أحسنت اختيار مهنتها ولا أظنها فكرت كثيراً قبل أن تقرر ذلك، فصناعة المثلجات والآيس كريم هي بلا شك المهنة الأقرب إلى شخصيتها .. فهي باردة القلب وعديمة الشعور .. تماماً كالمثلجات.
كرانزا هي مواطنة اسبانية كانت تدير مع زوجها محلاً لبيع المرطبات في فيينا حين تعرفت على شاب نمساوي وسيم سرعان ما أصبح عشيقها، وقد جعلها هذا العشق الجديد تفكر جدياً في التخلص من زوجها. ولم تلبث أن وضعت أفكارها موضع التطبيق في أحدى أمسيات شتاء عام 2008 حين أقدمت على قتل زوجها بدم بارد عن طريق إطلاق النار على رأسه من مسدسها أثناء انشغاله بالعمل على حاسوبه الشخصي.
وبعد أن تأكدت من موته قامت بسحب جثته إلى الحمام حيث وضعتها داخل حوض الاستحمام ثم قطعتها بواسطة منشار آلي كانت قد أشترته خصيصاً لهذا الغرض. وأخيراً حملت أشلاء زوجها إلى السرداب الواقع أسفل محل المرطبات الذي تديره، هناك كانت قد جهزت عدة أكياس من الأسمنت سرعان ما مزجتها مع الماء ثم أضافت أشلاء زوجها إلى المزيج وصنعت من كل ذلك دكة جميلة تعلو أرضية السرداب، صنعتها ببراعة وإتقان لا يبزها فيها إلا عمال البناء المحترفين.
بعدما تخلصت من زوجها أنتقل عشيق كرانزا إلى شقتها ليعيشا معاً بسعادة وهناء، لكن سعادتهما لم تدم طويلاً، ففي عام 2010 اكتشفت كرانزا بأن عشيقها الشاب يخونها مع امرأة أخرى فقررت الانتقام منه، ذهبت إلى السوق واشترت عدة أكياس من الاسمنت ومنشاراً آلياً جديداً،
وفي مساء ذلك اليوم، بينما كان عشيقها يغط في نوم عميق، اقتربت كرانزا منه وأفرغت أربعة رصاصات في رأسه ثم جرته إلى الحمام لتفرمه بالمنشار كما فعلت مع زوجها السابق، ولم يلبث العشيق أن تحول إلى دكة جميلة في السرداب مجاورة لدكة الزوج السابق!.
بعد جريمتها الثانية بفترة قصيرة أقفلت كرانزا محل المثلجات وعادت إلى موطنها أسبانيا. بالطبع ما كانت تظن بأن جريمتها يمكن أن تكتشف في يوم من الأيام، لكن سرعان ما خاب ظنها، فلسوء حظها قام مالك محل المثلجات الجديد باستئجار عدد من العمال في عام 2011 لحفر أرضية السرداب من اجل مد أنبوب مياه جديد، وقد شعر هؤلاء بالريبة عند عثورهم على عظام مخلوطة مع كتل الاسمنت التي استخرجوها من أرضية السرداب، وفي الحال تم أبلاغ الشرطة التي سرعان ما تكشفت لها أبعاد الجريمة البشعة التي اقترفتها كرانزا والتي أخذت الصحافة النمساوية تطلق عليها أسم "سيدة الثلج" .. وفي النهاية جرى القبض على كرانزا في أسبانيا وتم تحويلها إلى النمسا لكي تنال جزاءها العادل.
غدرت بأهلها لأجل عيون عشيقها
في كتب التراث العربية هناك حكاية عن النظيرة، وهي أميرة حسناء غدرت بأبيها الملك وخانت شعبها حينما دلت الأعداء على نقطة الضعف في الأسوار المنيعة التي تحمي مملكة أبيها،
فعلت ذلك بعد أن وعدها ملك الأعداء الذي كانت تعشقه بالزواج، ونتيجة لهذه المؤامرة الدنيئة تمكن العدو من دخول المدينة ووضع السيف في أعناق الجميع بضمنهم والد النظيرة،
ويقال بأن ملك الأعداء سأل النظيرة بعد أن استولى على المدينة عن معاملة أبيها لها، فأخبرته بأنه كان يحبها ويدللها ويفضلها على جميع أخوتها وأخواتها، فتعجب الملك من ذلك وقال لها : إذا كنتِ قد غدرت بأبيكِ رغم كل ذلك الحب والدلال فكيف لي أن أثق بك وما أدراني بأنكِ لن تغدري بي أنا أيضاً وتسلميني للأعداء في المستقبل؟.
وفي الحال أمر حراسه بربط النظيرة إلى فرسين جعلوهما يركضان في اتجاهين متعاكسين حتى تمزق جسدها إلى نصفين.
قصة اخرى
"خيانة" الفتاة لعائلها ليست أمراً نادراً ولا جديداً، فزواج البنت من دون رضا أهلها أو فرارها مع عشيقها يعد من أبشع أنواع الخيانات بالنسبة للعديد من العائلات، خصوصاً في مجتمعاتنا الشرقية التي تقيد حرية النساء وتحد من خياراتهن في مسألة اختيار شريك الحياة.
لكن طبعاً هذا كلام عام ولا يشمل الجميع، فهناك أيضاً عائلات شرقية تحترم خيارات بناتها وتعضدها، وكل ذلك يعود بالدرجة الأساس إلى طبيعة العائلة .. ثقافتها ودرجة تعليمها. لكن العائلة لا تكون مخطئة وملامة دوماً في معارضتها لخيارات ابنتها، فهناك بالفعل فتيات حمقاوات وناكرات للجميل على شاكلة الأميرة النظيرة، الواحدة منهن مستعدة لبيع أمها وأبيها في المزاد العلني من أجل إرضاء حبيبها. ولعل مدام دي برافيليه (Madame de Brinvilliers
هي خير مثال على تلك الابنة الغادرة، فهذه المركيزة الفرنسية الحسناء أقدمت على ما هو أسوء بكثير من مجرد الخروج على طاعة العائلة، وكانت حكايتها من البشاعة بحيث تطرق لها الكاتب الفرنسي الكبير الكسندر دوماس في كتابه "جرائم مشهورة".
ماري مادلين أوبري درو ولدت في باريس عام 1630، كان والدها ضابطاً من الطبقة النبيلة أحسن تربية وتعليم أبناءه وبناته في زمان كان أكثر الناس فيه لا يجيدون القراءة والكتابة. لكن طفولة المركيزة لم تكن سعيدة تماماً، إذ فقدت والدتها في سن الطفولة المبكرة، ويقال بأنها تعرضت للاغتصاب من قبل احد الخدم في سن السابعة من العمر، وتعرضت للاغتصاب مرة أخرى في سن العاشرة من قبل شقيقها المراهق.
ماري مادلين تزوجت عام 1651 من الماركيز دي برافيليه وأصبحت تعرف منذ ذلك الحين بأسم الماركيزة دي برافيليه. ولأن زوجها كان زير نساء ودائم الانشغال بلعب القمار لذا لم تتردد الماركيزة كثيراً في اتخاذ عشيق لنفسها، وقد وجدت ضالتها في ضابط الخيالة الشاب غودين دي سانت كروا الذي كان صديقاً لزوجها. ولم تلبث أخبار العلاقة بين الاثنين أن انتشرت في أوساط المجتمع الباريسي المخملي العاشق للفضائح.
وزاد اللغط حول علاقتهما بعد فرار زوج الماركيزة من فرنسا جراء تراكم الديون عليه بعد أن خسر ثروته كلها في لعب القمار. مما حدا بوالد المركيزة إلى التدخل واستخدام نفوذه للتخلص من عشيق ابنته عن طريق الزج به في سجن الباستيل الرهيب عام 1663.
وتشاء الأقدار أن يكون رفيق غودين في زنزانة السجن رجل ايطالي كان يعد من أشهر وأبرع المختصين بعلم السموم في ذلك العصر، وهو من العلوم الرائجة جداً في تلك الأيام، فالسموم كانت وسيلة سهلة ورخيصة وآمنة للتخلص من الأعداء والخصوم. وقد تعلم غودين أسرار هذا العلم من رفيق زنزانته بسرعة، وقام هو بدوره بتعليم عشيقته الماركيزة حال خروجه من السجن، وراح الاثنان يجربان وصفاتهما السمية على المرضى الذين كانت الماركيزة تزورهم في المستشفيات بدعوى الإحسان إليهم.
الماركيزة وعشيقها كانا في وضع مالي سيء جداً، فالضابط غودين كان مفصولاً من الخدمة، والماركيزة غارقة في ديون زوجها وإعالة أطفالها السبعة الذين تقول الشائعات بأن أربعة منهم كانوا أطفال زنا. لهذا وضع العاشقان خطة شيطانية رهيبة للاستيلاء على أموال وأراضي والد المركيزة الثري، حيث قامت الماركيزة عام 1666 بدس السم لأبيها في شرابه، وكان السم الذي استعملته سماً من النوع الذي لا يقتل في الحال، بل يسبب موتاً بطيئاً لضحاياه، وتكون إعراضه أشبه بأعراض الإمراض الباطنية التي تصيب المعدة. ومن سخرية الأقدار أن والد المركيزة طلب منها أن تعتني به خلال فترة مرضه، فظلت إلى جانبه ترعاه – وتحرص على موته - حتى فارق الحياة بعد عدة أشهر.
لكن موت الأب لم يكن كافياً، فالماركيزة لم تكن الوريثة الوحيدة، كان لها شقيقان وأخت، لذا لم تتردد في دس السم لشقيقيها عام 1670 بفارق ستة أشهر بين الواحد والآخر. وقد أثار موت الشقيقان ذعر شقيقة الماركيزة الوحيدة التي بدأت ترتاب في شقيقتها بشدة، خصوصاً وأن الماركيزة كانت ملازمة لوالدها وأخويها أثناء مرضهم وموتهم، لذا قررت هذه الشقيقة أن ترحل خلسة عن قصر والدها قبل أن تمتد لها يد الموت هي الأخرى، وخلال السنوات التالية ظلت تفر مذعورة من أي مكان تسمع بأن شقيقتها الماركيزة قد حلت فيه.
وتشاء عدالة السماء أن تنمو بذور الشك وعدم الثقة بين الماركيزة وعشيقها غودين، فكلاهما صار يخاف ويخشى غدر الآخر، كان غودين هو الأكثر تخوفاً خصوصاً بعد أن شاهد كيف قتلت الماركيزة والدها وشقيقيها بدم بادر، خاف أن تقتله هو الآخر لكي تطمس أي دليل أو شاهد على جريمتها. لذا ولكي يضمن بقاءه حياً فقد كتب اعترافاً كاملاً بالجرائم التي اقترفها هو والكونتيسة ووضع هذا الاعتراف داخل صندوق مقفل أودعه لدى احد أصدقاءه وأوصاه أن يسلمه إلى الشرطة في حال حدوث أي مكروه مفاجئ له. ثم أخذ يهدد الماركيزة بهذا الصندوق فلم تجرأ على المس به وصارت تحرص على حياته أكثر منه لئلا يموت ويقوم صاحبه بتسليم الصندوق فيفتضح أمرها.
ولسوء حظ الكونتيسة فقد مات غودين بصورة عرضية عام 1672، فقام صديقه بتسليم الصندوق إلى الشرطة التي ما أن عرفت بمحتواه حتى أصدرت أمراً سريعاً بالقبض على الماركيزة، لكنها كانت قد أحست بالخطر بعد موت غودين مباشرة ففرت إلى لندن قبل أن تطالها يد الشرطة، ثم فرت إلى ألمانيا واختبأت في احد الأديرة لفترة قبل أن يتم إلقاء القبض عليها وإعادتها إلى باريس.
نهاية الماركيزة كانت بشعة، فقد عذبت بطريقة مروعة لإجبارها على الاعتراف بجريمتها، أجبرت على شرب عدة جالونات من الماء، وهي طريقة تعذيب كانت رائجة في العصور الوسطى، حيث كان الشخص الخاضع للتعذيب يجبر على شرب الماء بالقوة حتى تمتلئ معدته وتكاد تنفجر، ثم كانوا يقومون بضربه على بطنه حتى يتقيأ جميع ما بجوفه من ماء، وتكرر العملية بهذه الصورة مرة تلو الأخرى. ولاحقاً حكم على الماركيزة بالإعدام وجرى تنفيذ الحكم في ميدان عام، حيث قام الجلاد بقطع رأسها ثم أحرقت جثتها في النار.
قاتلة الساموراي .. الخائنة الأكثر قذارة
إذا كانت الماركيزة دي برافيليه قد قتلت أهلها من أجل المال، فهناك من هي أكثر سفالة منها بأشواط، أنها الأمريكية مالينغ تسانغ وليمز (32 عاماً) التي لم تكتفي بقتل زوجها لكي يخلو لها الجو مع عشيقها بل قامت أيضاً بقتل فلذات أكبادها لكي لا يبقى أي شيء يربطها بالماضي وينغص عليها سعادة المستقبل.
مالينغ تزوجت من نيل ويليمز (27 عاماً) عام 2001. وقد سكن الاثنان في كاليفورنيا ورزقا بابنين جميلين، أيان (3 أعوام) و ديفون (7 أعوام). وكانت العلاقة بين الزوجان جيدة حتى أتى ذلك اليوم المشئوم الذي عثرت فيه مالينغ عن طريق الصدفة على صفحة حبيبها السابق على أحد المواقع الاجتماعية في شبكة الانترنت، كان الاثنان يحبان بعضهما قبل أن تتعرف مالينغ بزوجها نيل، وسرعان ما أستعاد الاثنان علاقتهما من جديد وصارا يلتقيان سراً، ثم بدأ عشيق مالينغ يلح عليها كي تطلب الطلاق من زوجها لكي يتمكنا من العيش سوية. لكن مالينغ لم تكن تفكر بالطلاق، كانت لديها خطط أخرى في رأسها، خطط تخلصها سريعاً من متاهات ومتاعب قضايا الطلاق التي تتطلب الكثير من الوقت والجهد والمال.
وقد وضعت مالينغ خططها موضع التنفيذ في ليلة السابع من آب
أغسطس عام 2007 ، ففي تلك الليلة تواصلت مع عشيقها عبر الانترنت لساعات، ثم خرجت برفقة صديقاتها للسهر خارج المنزل في حين خلد زوجها وأطفالها إلى النوم. ولم تعد إلى منزلها إلا في فجر اليوم التالي، دخلت المنزل وهي مصممة على تنفيذ خطتها الملعونة، في الحال أنزلت سيف الساموراي المعلق على جدار غرفة الضيوف، استلت السيف من غمده ودخلت بهدوء إلى حجرة زوجها النائم، لم تتردد لحظة واحدة، عاجلته بالسيف على رأسه فأنتفض مذعوراً من حر الضربة وهو يصرخ ويتلوى ناثراً دمه في أرجاء الغرفة، لكن مالينغ لم تتوقف، استمرت بضربه، مزقت جسده تمزيقاً بأكثر من تسعين طعنة، وحين انتهت منه توجهت إلى غرفة ابنها الأصغر، كان الطفل نائماً في سريره كالملاك،
سحبت الوسادة من تحت رأسه برفق ثم غطت بها وجهه وراحت تضغط .. وتضغط بكل قوتها، انتفض الصغير قليلاً .. تلوى المسكين للحظات قبل أن يسكن جسده إلى الأبد. بعدها صعدت إلى غرفة ابنها الأكبر في الطابق العلوي، كان نائماً هو الآخر، استلت وسادته وقتلته بنفس الطريقة التي أجهزت بها على أخاه .. نفذت جريمتها ببرودة أعصاب يحسدها عليها جنكيز خان ودراكولا وجاك السفاح .. لم يهتز لها جفن .. لم تذرف دمعة واحدة .. فهذه المرأة لم تكن حتما من جنس البشر .. حاشا وكلاً .. ولا كانت من جنس البهائم والحيوان .. فحتى الحيوانات والوحوش لا تفعل هكذا بأولادها .. كانت في الواقع .. شيطاناً تلبس بجلد امرأة.
بعد الجريمة بساعة، في حوالي الساعة السابعة والنصف صباحاً خرجت مالينغ وملابسها مغطاة بالدم إلى الشارع، أخذت تصرخ وتولول وتطلب المساعدة، فهرع أليها الجيران لتخبرهم وهي تجهش بالبكاء بأنها عادت إلى المنزل لتجد زوجها وطفليها مقتولين في أسرتهم. ولم تلبث الشرطة أن حضرت لتبدأ تحقيقاتها على الفور. وخلال التحقيقات اكتشفت الشرطة صندوقا بلاستيكياً يحتوي على قطع قماش ملوثة بالدم مخبأة في صندوق سيارة مالينغ، كانت مالينغ قد استعملت هذه الخرق لتنظيف بصماتها عن السيف ثم خبأتها، لكنها نسيت أن ترميها وتتخلص منها. وكانت هذه الخرق الدموية هي الدليل الذي كشف للشرطة حقيقة ما جرى، وبمواجهتها بالأدلة والقرائن اعترفت مالينغ بارتكابها للجريمة.
خلال محاكمتها حاول فريق الدفاع عن مالينغ أن يوهموا المحكمة بأنها مجنونة، لكنها في الحقيقة لم تكن تعاني خطباً في سلامتها العقلية، ولم يقتنع أحد من المحلفين بهذه الحجة، فتخطيطها للجريمة وتصرفها قبل وبعد الجريمة يثبت بجلاء بأنها كانت ولازالت بكامل قواها العقلية. وهكذا فأن المحلفين لم يترددوا كثيراً في إدانة مالينغ بتهمة القتل وفي توقيع عقوبة الإعدام عليها، وهي الآن مسجونة بانتظار ترحيلها إلى جهنم وبئس المصير.