جدي وعرس الجن


هذه قصة حكتها لي جدتي , وقد حدثت وقائعها مع والديها . كانا يعيشان في احد أرياف دمشق ولديهما قطعة ارض كبيرة يعملان فيها طيلة العام , كان الجد يستيقظ مبكرا ليعمل في ساعات الفجر الأولى , حتى إذا ما طلع الصباح وارتفعت الشمس في السماء عاد لمنزله ونام . وكان صوته رخما جميلا , فكان يسلي نفسه بالغناء حتى ينهي عمله الشاق .

وفي ذات يوم كان جدي في حقله كالعادة , ولم يكن ضوء النهار قد طلع بعد , وكان يغني القدود الحلبية الجميلة والأهازيج الريفية عندما وجد نفسه فجأة في وسط عرس , تعجب جدي كيف ظهر هذا العرس هكذا بصورة مفاجئة , لكنه كان فلاحا بسيطا فلم يطل التفكير ووقف يراقب , وقد وصف العرس بأنه عادي باستثناء الملابس الغريبة التي كان يرتديها المشاركون فيه وكذلك رقصاتهم الغريبة , كانت ملابسهم ورقصاتهم غير مألوفة تماما ولم يشاهد جدي مثيلا لها لا في قريته ولا حتى في القرى المجاورة . ثم رأى احدهم يقترب منه قائلا : " ارجوا منك أن تغني من اجل العروسين .. فصوتك جميل " .

فوافق الجد بكل طيبة وسرعان ما أندمج في الغناء , وعندما انتهى اقترب منه ذلك الشخص الذي طلب منه الغناء فشكره وأعطاه ثلاث بصلات , فتعجب الجد من هذه المكافأة , لكنة أخذ البصلات على كل حال ووضعها في جيب سرواله , ثم سأله ذلك الشخص فيما إذا كان يريد شيئا آخر . فقال جدي بأنه يريد (دعسة ظهر) لأنه يعاني هو وزوجته من آلام مزمنة بالظهر .

ودعسة الظهر هي نوع قديم من العلاج حيث يقوم المعالج الذي يتمتع بالموهبة بوطء ظهر الموجوع بشكل مدروس حتى يشفيه .

فقال الرجل لجدي : " لك ما تريد أنت وولد ولد ولدك " .

ثم ذهب العرس وعاد جدي للمنزل وسرعان ما غط في نوم عميق . وبعد عدة ساعات أيقظته زوجته مفزوعة وكانت في يدها ثلاث قطع ذهبية , قالت لجدي بحدة : " من أين لك هذا الذهب ؟ " .

فقال لها جدي بتعجب وهو يفرك عينيه غير مصدق : " أين وجدتي هذا الذهب ؟! " .

فأجابت زوجته : " في جيب سروالك " .

فعلم جدي بأنها البصلات الثلاثة التي أعطاه إياها الرجل الغريب في الحقل , وعلم أيضا بأنه ذلك العرس الذي صادفه في الحقل كان من أعراس الجن . ثم تذكر ما قاله الرجل الغريب عن علاج الظهر , فقال جدي لزوجته : " انبطحي فقد حصلت لي نعمة وموهبة علاج الظهر بالدعس " .

فتعجبت زوجته لكلامه , لكنها انصاعت لأمره , وفعلا أستطاع علاج ظهرها بسهولة كبيرة . ومنذ ذلك الحين صار جدي معروفا بين القرى بهذه النعمة والموهبة , وتقاطر الناس إلى منزله ليعالجهم , فأصبح ثريا , وورث عنه أبناءه هذه الموهبة كما أخبره الجني .

هذه القصة كما أخبرتكم أنفا حكتها لي جدتي , قد تجدون صعوبة في تصديقها , فأنا أيضا ما كنت لأصدقها لولا أني رأيت بأم عيني كيف عالجت جدتي وجع ظهر والدي وخالي , فعلمت حينها بأنها ورثت الموهبة فعلا عن أبيها كما أخبره الجني .
القصة على لسان صاحبها

شارك التطبيق مع اصدقائك ربما يعجبهم التطبيق ايضا

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك