يضرب هذا المثل في السكوت عن إنكار المنكر ، طلبًا للمنفعة المشتركة ويقصد بالشرط هنا الجائزة ، أو القيمة المحددة نظير القيام بالعمل ، وقد أخذ الشرط اسمه من طبيعة وجوده بين المتعاقدين ، حيث يشترط أحدهما على الأخر شيئًا في الاتفاق كمبلغ من المال ، أو فعل شيء نظير خدمته .ولهذا المثل قصة وقعت في زمن الجهل وانتشار الأمية ، فيُحكى أن رجلًا نزل في قوم جهال ، لا يعرفون من أمور الدين شيئًا ، ولما رأوه فصيحًا متعلقًا بالمساجد ، جعلوه عليهم خطيبًا يخطب فيهم ويئمهم للصلاة ، مقابل أربعون درهمًا يدفعونها له .وذات يوم كان الرجل يخطب فيهم خطبة الجمعة ، فقال : الحمد لله الذي فضل الحنينى على الشعير ، وجعل الجوع عذابًا للمصير ، وكلوا مطوعكم لحم الدجاج وزوجوه البنت المغناج ، تدخلوا الجنة أفواجًا افواج .وكان بين المصلين رجل على قدر من العلم ، لما سمعه يخطب بهذا الهراء وسط الناس ، علم أنه نصاب فتنحنح انكارًا لما يقول هذا الشيخ المزيف ، الذي يتفوه بأي كلام ، فسمعه الخطيب وفهم المقصد من تنحنحه .فأكمل كلامه قائلًا : يا أيها المتنحنحون الشرط أربعون لنا عشرون ولكم عشرون ، إنهم ثيران مالهم قرون ، ويقصد الإمام بذلك أن الجعل المتفق عليه نظير قيامه بالخطابة في الناس أربعون درهمًا ، سيقتسمها معه شريطة ألا يفضحه بين أهل البلدة .ففهم الرجل مقصده من ذلك الكلام المسجوع ، وكف عن الإنكار عليه أمام المصلين ثم اقتسم معه المال ، أما الجلوس من عموم الناس ، فلم يفهموا ما صار وظنوا أن كل هذا الكلام كان جزءً من خطبة الجمعة التي يلقيها فيهم الشيخ .