تعج الولايات المتحدة الأمريكية بالعديد من المزارات ، والأماكن التي تم تأسيسها تخليدًا لبعض الحوادث النادرة والغريبة ، وإذا حالفك الحظ وذهبت إلي أمريكا وتحديدًا إلى ولاية بنسلفانيا ، سوف تجد هناك ما يعرف بتذكار منتزه بلو نوب Blue Knob ، هذا التذكار القديم للغاية والصغير ، حيث تكاد حروفه أن تختفي جراء العوامل الطبيعية للطقس ، والذي يعود لطفلين كانا قد توفيا إثر حادث غامض منذ أكثر من مائة وخمسين عامًا .البداية :
أسرة صغيرة مكونة من أب وأم وطفلين ، هما جورج ويبلغ من العمر سبعة أعوام ، وجوزيف ويبلغ من العمر خمسة أعوام ، يعيشون جميعًا في أحد الأكواخ بالغابة ، كان الأب قد بناه حتى يكون سكنًا آمنًا لهم جميعًا ، حيث كانت تلك المنطقة في هذا الوقت قبل مائة وخمسون عامًا ، تحيط بها الغابات والأشجار الكثيفة قبل أن يمتد إليها العمران .في أحد الأيام كان الأب ويدعى سامويل كوكس نائمًا في منزله ، فإذا به يسمع نباح الكلب الذي يملكه طويلاً ، فظن أن كلبه قد قام باصطياد سنجابًا أو حيوان ما ، فاستل بندقيته وخرج ليرى ماذا هناك ، ولحق بالكلب وهو مطمئن إلى أن زوجته وطفليه نائمون بالكوخ الصغير ، نهضت الزوجة أيضًا لترى ما يحدث وقد ظنت أن طفليهما قد خرجا برفقة والدهما عندما لم تجدهما داخل الكوخ .عندما عاد سامويل إلى الكوخ ولم تجد زوجته الطفلين برفقة أبيهما ، انتابها قلق عارم ، وأبلغته أن الطفلين ليسا بالمنزل ، انزعج الأب كثيرًا وطفق يبحث عنهما جيئة وذهابًا ولكنه فشل في العثور على أي أثر لهما.مع اشتداد لوعة الأبوين ، هرع الأب المكلوم إلى جيرانه لمساعدته في البحث عن الطفلين الذين قد اختفيا فجأة عن أعينه ، وبالفعل حمل الجميع مشاعلهم وانطلقوا يبحثون عن الطفلين بالغابة ، المجاورة للكوخ ولكنهم فشلوا في العثور على أي دليل يقود إليهما.وفي اليوم التالي صار عدد الباحثين عن الطفلين أكثر من ألف شخص ، يبحثون جميعهم بشكلٍ محموم في المنطقة كلها ولكن دون جدوى ، حتى اقترح أحدهم أن منسوب مياه النهر قد ارتفعت فلم لا يكون الطفلين قد تعرضا للغرق ، وهنا أخذت عملية البحث منحى جديد ، فبدأ الجميع يحاولون البحث في قاع النهر بوسائل بدائية للغاية ، ولكنهم أيضًا فشلوا في العثور على أي طرف يقود إلى الطفلين الذين قد اختفيا تمامًا.مع توالي البحث وعدم العثور على أي طرف يقود للطفلين ، ثار البعض ضد الوالدين واتهمهم بأنهما قد قتلا الطفلين ثم ابتدعا تلك القصة لإخفاء جريمتهما ، بالطبع وسط هذا العدد الغفير من البشر ومع انطلاق شائعة مثل هذه ، في ظل عدم وجود أي دليل ينبيء عن وجود الطفلين في أي مكان ، كان من الصعب إقناع هذا الحشد بخطأ تلك الفكرة ، وقد اتجهوا جميعًا بالفعل إلى الكوخ الصغير ، وانتزعوا أخشابه من السقف إلى الأرض في بحث محموم لإيجاد جثتي الطفلين ، ولكن دون جدوى ، وذهبوا وقد تركوا خلفهم منزلاً انقلب رأسًا على عقب وتم تدميره ، مع أبوين مكلومين من شدة الحزن.اتجه الناس إلى الذهاب لبعض السحرة منهم من يستنبئ عن المياه ، ومنهم السحرة ، في البداية لجأ الجميع إلى مستنبيء الماء ولكنه فشل في التوصل إلى مكان الطفلين ، أما الساحرة فقد زعمت أنها تعرف مكانهما ولكن عقب تقفي ما أشارت إليه من آثار لم يجد أحدهم شيئًا.وفي قرية مجاورة وعلى بعد حوالي ثلاثمائة كيلو مترًا ، كانت قصة الطفلين قد انتشرت على نطاق واسع عقب عمليات البحث المستمرة عنهما ، كان هناك أحد المزارعين ممن سمعوا القصة ويدعى جايكوب ، والذي كان يعيش مع زوجته في كوخ صغير ، وعندما علم بالقصة تحدث إلى زوجته أنه يود أن يعرف ماذا حل بالطفلين ليخفف على الأقل من لوعة الوالدين.الرؤيا :
عندما خلد جايكوب إلى النوم ، رأى نفسه واقفًا أمام غابة ما ، ويمشي في اتجاه محدد بداخلها ، وعبر منطقة بها كثيفة الأشجار وعقب ذلك شاهد جثة غزالة ملقاة على الأرض ، فعبرها ثم أكمل سيرة حتى وجد فردة حذاء صغيرة تنتمي لطفل ما ، هنا ازداد خفقان قلبه ودقاته وانطلق مسرعًا ليكمل طريقة حتى وصل إلى ساحة مفتوحة ثم نهض متصببًا بالعرق قبل أن يعرف ماذا يوجد بتلك الساحة .تكرر الحلم على مدار خمسة أيام متتالية ، ولم يخبر جايكوب أحدًا سوى زوجته ، وهنا قرر الانطلاق بحثًا عن والدي الطفلين فقد ظن أنها رسالة منهما إليه ، وبالفعل توجه جايكوب إلى سامويل وشرح له ما رآه بالحلم ، فرافقه سامويل والرجال الذين قد قتلهم البحث عن الطفلين بلا جدوى ، وساروا تجاه الغابة .منذ أو وطأ جايكوب الغابة التي يراها لأول مرة على أرض الواقع ، حتى شعر أنها هي ما رآها بالحلم وأنه في طريقه لإيجاد الطفلين ، مشى جايكوب بثقة وهو يستعيد تفاصيل حلمه حتى وصل إلى جثة الغزال !فأدرك أنه يسير في الطريق الصحيح ، ثم عبرها ليتجه نحو الساحة التي لم يكن يعرف ماذا يوجد بها ، فازدادت دقات قلبه قوة عندما شاهدوا فردة الحذاء الصغيرة ، ومن ثم وجدوا الطفلين ملقيان أرضًا بعد أن أنهكهما اللعب وناما ، ثم ماتا بفعل العوامل الجوية وطبيعة الطقس البادرة ، وعقب مرور ستون عامًا من هذا الحادث ، تم عمل نصب تذكاري لتخليد تلك الحادثة بالغة الغموض .