بعد رحلة طويلة طاف فيها معاقل الدولة العبيدية وصل عام 1081م حسن الصباح إلى أصفهان ، وعقد العزم أن يقيم الدولة العبيدية في بلاد فارس وفي هذه الأثناء كانت بلاد فارس تحت حكم السلاجقة وكانوا لم يدخروا أي جهد لإزالة أمثاله ، فاندفع الرجل في أواسط بلاد فارس يدعو الناس ويتحدى السلطة ، فكان ينجح في كل مرة في الإفلات منهم .كان عليه أن يبني لنفسه وجماعته معقل ليكون عاصمة لدولته المنتظرة ، ووقعت عينه على قلعة ألموت التي تم بناءها من قبل أحد الملوك المحليين بمنطقة الديلم ، وكانت عبارة عن حصن مُقام فوق طنف ضيق على صخرة عالية بقلب جبال البورج ، ولا يمكن لأي أحد الوصول إليها إلا عبر طريق ضيق جدًا بيه الكثير من المنعطفات الصعبة .واستطاع الحصول على القلعة عام 1090م ولم يغادرها حتى مرة واحدة عند وفاته بعد 35 عام ، التي قضاها في شئون دولته واستطاع السيطرة على قلاع أخرى وعلى مناطق رودبار وكوهستاج الشرقية ، وقلاع خوزستان وفارس وأسس بذلك دولة إقليمية فعلية ، وكان لتلك المناطق والحدود الجبلية ميزات استراتيجية في توسع الحشاشين .وبالطبع لم يصمت السلاحقة على ضياع أرضهم فقاموا إطلاق حملات عسكرية كبيرة ، لكي تستهدف منطقة ألموت وكوهستان ، ولكن تم هزيمة الحملة العسكرية ولم تحقق أي من هدفها ، بالطبع قطعوا العهود على الانتقام ممن حرض على تلك الحملة ، وظن ما يُعرف بفن الاغتيال ، وكان الضحية الأولى لهم هو الوزير السلجوقي نظام الملك تم طعنه بخنجر ، وكانت تلك الجريمة سلسلة لجرائم أخرى .عكفوا على تدريب الأشخاص للقيام بمثل تلك المهمات ولجئوا أحيانًا للتخفي في صورة أشخاص مشهورة ، كانوا يمتازون بجرأة شديدة والبعض يرجح ذلك بسبب تعاطيهم الحشائش المخدرة لذلك شاعت تسميتهم بكتب التاريخ بحركة الحشاشين ، وعندما توفى الخليفة العبيدي المستنصر بالله عام 1094م وتنصيب ابه المستعلي بالله لم يرق الأمر للأخر الأكبر نزار المصطفي لدين الله ، وقال أنه مخالفًا لوصية الخليفة الراحل وأعلن أن خلافة أخيه باطلة وسرعان ما تم القبض عليه وإعدامه ووأد ثورته .وتحولت الدولة العبيدية الفاطمية كعداء لدولة الحشاشون ، وبعد وفاة حسن الصباح عام 1124م رئسهم بزرحميد صديقه ثم ابنه محمد ثم حفيد نزار المصطفى لدين الله واستمرت الزعامة في أولاده وتمكنوا من الصمود أمام الحملات السلجوقية والخوارزمية وفي عام 1218م وصلت المغول بقيادة جينكيز خان لدولة خوازم وفي عام 1240م أصبح غرب إيران بالكامل تابع للمغول وبدأ هولاكو بحملاته على قلاع الحشاشون ولم تصمد أغلبها .ولكن أعلن زعيمهم ركن الدين خرشاه الاستسلام للمقاومة فكان لا يرى في المقاومة أي حل ، وقبل هولاكو العرض وأخلى ركن الدين القلاع تسلق المغول ألموت وأحرقوها بكل أسرار الحركة فكانت تحتوي على مكتبة ضخمة للغاية وغدروا بركن الدين وقتلوه وتم تسليم جميع قلاع الحشاشون وقاومت أخر قلاعهم غيردكوه لمدة 13 عام قبل السقوط ولكنهم استطاعوا العودة والسيطرة على ألموت عام 1275م ولكن لم تستمر الحركة فترة طويلة واندثرت ببلاد فارس .ووسط كل تلك البيئة غير المستقرة قسم المؤرخون محاولات الحشاشون بعد ذلك لمحاولة إقامة كيان لهم في سورية والتي كانت تُحكم من قبل سلاجقة منافسون لثلاث مراحل ، بدأت المرحلة الاولى من عام 1103م وانتهت عام 1113م ونجحوا في الدخول لحلب ودمشق واستفاد حكام المدن من اغتيالات الحشاشون للسلاجقة المنافسون ، فاغتالوا جناح الدولة حاكم حمص والأمير السلجوقي مودود حاكم الموصل ، وفي عام 1113م توفي رضوان حاكم حلب الذراع الحامي للحركة .وتولى الحكم بعده ابنه ألب أرسلان والذي تلقى رسالة من السلطان السلجوقي لاتخاذ تصرف فوري ضد الحركة ، فقام بتكليف قائد الشرطة لمهاجمتهم فاعتقلوا 200 وقتلوا زعمائهم وتم تنفيذ حكم الإعدام في معظمهم وانتهت المرحلة الأولى بذلك ، فتمكن الحشاشون عام 1119م باغتيال ابن البديع وبدأت المرحلة الثانية لهم واستمرت لعام 1130م بسطوا فيها نفوذهم مع حاكم دمشق لتعاون ضد الصليبيين ، وسمح لهم الحاكم امتلاك قلعة بانياس وكانت مركز الدعوة لحركتهم في القرى المجاورة لها .ومع وفاة حاكم دمشق بدأت حركة معادية لهم عام 1128م وبدأ العسكر في هجوم عنيف عليهم راح ضحيته أكثر من 20 ألف قتيل ، ووصلت أخبار المذبحة قلعة ألموت في فارس فأثارت الغضب فقام ثلة منهم بالتخفي وطعن حاكم المدينة حتى الموت عام 1131م وبدأت المرحلة الثالثة لبسط نفوذهم في الشام واستولوا على منطقة الخريبة لتصبح أهم قلاعهم ولم ينسوا عدائهم للدول الفاطمية فقاموا باغتيال قائد الجيش الفاطمي واغتالوا الخليفة الآمر بأحكام الله عام 1130م .ثم وصل رئيس الجماعة سنان بن سلمان المعروف بشيخ الجبل ، كانت الدولة الفاطمية قد اندثرت وقامت الدولة الأيوبية بقيادة صلاح الدين الأيوبي ، وكانوا دائمي الخلاف معه لأسباب عقائدية بذلك أصبحوا بين ثلاث قوى وهم الأيوبيون بمصر ، والصليبيون ببيت المقدس ، والزنكيون في الموصل والشام ، في عام 1175م كانت المحاولة الأولى لاغتيال صلاح الدين ولكن تم كشف أمرهم ومقتلهم وثم بعد عام نفذوا حصار لمدينة عزز وباء بالفشل ولم يصب القائد صلاح الدين إلا بجروح بسيطة .وفي عام 1192م قاموا باغتيال الماركيز كونراد من مونفيراتو ملك بيت المقدس الصليبي ، وكان هذا الاغتيال أخر انجازات الشيخ سنان الذي توفى عام 1194م ، لتنتهي بوفاته أحد أهم فصول القوة في تاريخ حركة الحشاشين في الشام .