قصة نهاية الإمبراطورة إيرين

منذ #قصص منوعة

للنساء في قصص التاريخ حكايات لم تروى ، وحكايات أخرى حفظتها الأجيال المتوارثة حتى وصلت إلينا ، ومن تلك الحكايات قصة نهاية الملكة أيرين ، والتي كانت وصية على عرش روما حتى يبلغ ابنها قسطنطين السن القانونية لتولي مقاليد الحكم بالبلاد .وقد قال عنها المؤرخون أنها كانت امرأة في غاية الحسم ، تستطيع تغيير مسار التاريخ وقيادة الجيوش بإشارة منها ، وكان للملكة ايرين طموحات لا حدود لها حتى أنها استأثرت بالحكم على حساب ابنها لتستمر كإمبراطورة على الدولة البيزنطية .وقد كانت امرأة ذكية تدرك جيدًا أن لا قبل لها بالقوات الإسلامية آنذاك ، والتي كانت تتبع هارون الرشيد ، لذا وافقت على المهادنة ودفع الجزية بدلًا من الدخول في حرب خاسرة لن تجني ثمارها .ولكن على عكس منها كان ابنها قسطنطين ، فحينما بلغ سن الرشد لم يكن على درجة كافية من الحنكة السياسية ، وتصور أن الجزية التي يدفعها لهارون الرشيد نوعًا من الإذلال ، فقرر منعها ومواجهة الجيوش الإسلامية ؛ حيث اعتقد بغروره الزائف أن سيتمكن من مجابهة هارون الرشيد ، وحصد المجد على حسابه.ولكن لم تكن ايرين ذات الطموح الجارف لتسمح بذلك ، فهي لم ترغب في التناول عن السلطة حتى لو كان من سيتولى العرش ابنها ، فأطاحت بقسطنطين وحاكت ضده مؤامرة ولم تراع أنها أم لولدها ، فقررت أن تسمل عينيه حتى تمنعه من اعتلاء العرش ، وحكمت هي بعد ذلك تحت اسم الإمبراطورة أوجستا .والغريب حقًا هو أنها لم تظل طويًلا في السلطة ، فقد قامت ضدها ثورة بقيادة أحد النبلاء ويدعى نقور ، نحاها بعدها عن السلطة واستولى هو على الحكم ، ولكنه لم يكن بالحكمة التي تؤهله لقيادة بيزنطة .فقد أراد أن يتفاخر أمام شعبه ويشعرهم أنه قائد عظيم لا يرضخ لأحد ، فنقض الاتفاق الذي كان بين الإمبراطورة ايرين ، والخليفة هارون الرشيد ، وأرسل إليه برسالة وقحة يقول فيها أن من أبرمت معهم المعاهدة امرأة ضعيفة أما هو فلا ، وأن المسلمون هم من يجب أن يدفعوا الجزية للروم لا العكس .فلما قرأ الرشيد رسالته تملكه الغضب من هذه الجرأة الوقحة ، ونقض العهود ، فأرسل إليها هارون الرشيد برسالة حية قال فيها : بسم الله الرحمن الرحيم من هارون الرشيد أمير المؤمنين إلى نقور كلب الروم ، لقد قرأت كتابك ، والجواب ما تراه دون أن تسمعه والسلام ، وفي نفس اليوم أرسل له الرشيد قوة هائلة قادها بنفسه لتأديبه .وما كاد ملك الروم يسمع عن تقدم الجيوش الإسلامية واجتياحها أسيا الصغرى مقتربة للعاصمة البيزنطية ، حتى انهارت قواه وخشي من ردة فعل الرشيد ، فأرسل على الفور يخبره بأنه سيدفع الجزية حسب الاتفاق القديم بينه وبين ايرين ، فعاد هارون الرشيد ولم يدخل بيزنطة .ولكن الغريب في الأمر أن هذا الإمبراطور ألغى اتفاقه للمرة الثانية بعد انسحاب قوات الرشيد ، فعاود الرشيد الكرة ولكن هذه المرة اجتاح بقواته بلاد الروم وهزمهم هزيمة ساحقة ، فاضطر الإمبراطور لدفع الفدية وهو صاغر .وأراد الرشيد أن يذله لتعجرفه فطلب منه صك الدنانير باسم الرشيد وأولاده ، والإفراج عن من لديه من أسرى المسلمين ، وعاد دون أن يغير على العاصمة البيزنطية نفسها ، ولو كان قد فعل لغير مسار التاريخ كله .ولما لم يستطيع نقور هزيمة المسلمين أخذ يبحث عن أي نصر قريب ، فاجتاح بلاد البلغار وضمها له ، ولكن البلغار لم يستسلموا له بسهولة ، فقرروا أن يوقعوا به الهزيمة وهو في طريق بيزنطة ، حيث كان سيمر ببعض المضايق الجبلية الوعرة التي يعرفون بمسالكها .وبالفعل هاجموه أثناء عودته وأفنوا جيشه عن بكرة أبيه ، وانتهى الأمر بقتل نقور لنفسه وكان ذلك في 26 يوليو عام 811م ، والعجيب في الأمر أن ملوك البلغار أصروا على فصل رأسه عن جسده ، وأخذ جمجمته بعد طليها بالفضة ، لتصبح قدحًا يشربون به الخمر .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك