القيصر الروسي نيكولاس الثاني ، هذا القيصر الذي تناولنا قصته من عدة أوجه في مرات سابقة ، إبان فترة الثورة الروسية ، حيث انتزعه البلاشفة بقيادة لينين ، وأزاحوه عن العرش واحتجزوه برفقة عائلته ، ثم قُتلوا جميعًا هو وبناته وابنه الأمير إلكسي ، الوريث الوحيد للعرش والذي كان يعاني من مرض الرعاف ، أي النزيف حتى الموت ، ومن عالجه كان راسبوتين الذي قُتل أيضًا في ظروف غامضة وغريبة .انتشرت في القرن المنصرم قصة بشأن الأميرة أنستازيا ابنة القيصر ، وابنه إلكسي بأنهما لم يقتلا مع ذويهما ، وإنما بقيا على قيد الحياة وتم تهريبهم ، وقد تنهاولنا في قصة محتالة القرن ، رواية آنا آندرسون التي ادعت بأنها الأميرة آنستازيا ، قبل أن يتم دحض هذا الادعاء ، ولكن ماذا عن الأمير إلكسي ؟ هل حقًا بقي على قيد الحياة كما ادعى البعض ؟في عام 1991م تم العثور على المقبرة الجماعية ، التي أخفيت بها جثث العائلة الملكيسة ، الذين تم غدرهم وسرقة مجوهراتهم ، ولكن المقبرة كان ينقصها جثمان أو رفات الأمير ، والوريث الرسمي لعرش روسيا ، الأمير إلكسي نيكولافيتش .ولكن بحلول عام 2007م ، تم العثور على مقبرة أخرى بالقرب من المقبرة الجماعية ، وتم التعرف على الرفات الموجودة بها ، بأنها قد تعود للأميرين الصغيرين آنستازيا وإلكسي ، ولكن عقب مرور عامين فقط تم العثور على مقبرة أخرى ، بها عظام لشخصين ، ذكرت النيابة العامة الروسية بأن المقبرة الجديدة هى التي تحوي ، رفات الأميرين ، وأغلقت القضية حينذاك .اعتبرت الكنيسة الأرثوذكسية والتي تداركت أهميتها ، عقب سقوط الاتحاد السوفيتي ، أن تلك العائلة المغدورة من القديسين ، وتم دفن ما عثر عليه من رفات ، في كنيسة القديس بطرس ، إلا أنها ترفض حتى الآن ، الاعتراف بما تم العثور عليه من رفات في المقبرتين ، المنفردتين ، وتعتبر أن الأمير إلكسي مفقودًا حتى الآن .ومنذ أربعة أعوام فقط ، كشف المؤرخ العراقي زين النقشبندي ، أن الأمير إلكسي كان على قيد الحياة ، وقد دخل إلى الأراضي العراقية ، فارًا تجاه الحدود الروسية الإيرانية ، ومنها إلى الحدود الإيرانية العراقية ، حتى وصل إلى بغداد إبان فترة حكم الملك فيصل الأول .كان أهم المصادر التي بني عليها ، المؤرخ النقشبندي روايته ، هي اعترافات ومذكرات كتبها طبيب العائلة المالكة في العراق ، بين الأعوام من 1918م إلى 1946م ، حيث ذكر فيها ، بأن بعض الأمراض المهمة التي تم اكتشافها في تلك الفترة ، بالنسبة لأمراض الدم كانت فقرة الدم والانكلستوما ، وهذا الاكتشاف قد توصل إليه الطبيب ، عندما أصيب أحد الأشخاص بنزيف دموي .وكان هذا المريض شابًا روسيًا أتى برفقة سيدة في متوسط العمر ، كانت هي مربيته منذ أن كان طفلاً ، وقد أشارت إلى أن هذا الشاب هو الأمير إلكسي وريث العرش الروسي ، وقد عمل المخلصون له على تهريبه حتى وصل إلى بغداد ، وأنه مصاب بهذا المرض وراثيًا من جدته ، وقد طلب الطبيب أن يقوم بفحصه ولكنه لم يجد ما يثبت صحة هذا الادعاء .كانت بغداد تمتليء في هذا الوقت بالعديد من الروس ، الذين وجدوا في العراق ملاذًا آمنًا لهم ، وقد عملوا على إثبات صحة هذا الادعاء ، ولكن الحكومة العراقية آنذاك ، لم تشأ أن تتدخل في أمور قد تقلب البلاشفة ضدهم ، فتم إخراج هذا الشاب ومربيته حتى وصلا إلى باريس ، ورأى النقشبندي أن طريقة تعامل الطبيب مع الأمر ، كان يبدو فيه إهمالاً واضحًا للتاريخ والسياسة ، وأنه تعامل مع المسألة من منظوره الشخصي فقط .ومن خلال مصادر أخرى حصل عليها المؤرخ ، العراقي زين النقشبندي ، قال أن الأمير الروسي قد استطاع الفرار من مصيره المحتوم ، في روسيا عقب إعدام عائلته ، وروى بالتفصيل كيف غادر بلاده ، وأكدت بعض الشخصيات من الجالية الروسية ، أن هذا الشاب بينه وبين الأمير إلكسي ، تشابهًا كبيرًا بالفعل ، عدا الفارق الزمني بالطبع ، حيث من المفترض أن الأمير قد أعدم وهو يناهز الرابعة عشر عامًا من عمره .ولكن المصادر التي عثر عليها النقشبندي ، أقرت بأن الأمير لم يغادر بغداد إلى باريس ، كما روى طبيب العائلة المالكة بالعراق ، ولكنه أقام برفقة أحد النبلاء في العراق ، ممن آمنوا بدعواه أثناء التحقيقات .وقالت نفس المصادر ، بأن الأمير إلكسي لم يكن بصحبة أحد من العراقيين ، ولكن تمت محاكمته بتهمة اجتياز الحدود ، بطريقة غير شرعية وقبع داخل السجن في بغداد ، ولكن لم يؤكد أحدهم أو ينفي المعلومة .ويعود الاهتمام بتلك القصة ، إلى أن عائلة القيصر نيكولاس الثاني ، كانت هي الأكبر في تاريخ روسيا ، وقد تم اغتيالهم بطريقة مخزية للغاية ، حرص البلاشفة على إخفائها لفترة طويلة ، ولكن تكشفت الحقائق بعد ذلك ، ليكتشف الشعب الروسي ، أن عائلة القيصر قد تم الغدر بهم وقتلهم جميعًا .