ولدت الأميرة آن أنطوانيت فرانيوا شارلوت من بوربون بارما بباريس ، فرنسا ، ومثل معظم الملوك الأوروبين كانت على قرابة بالعديد من الملوك والأمراء السابقين ، وبالتحديد كانت الطفلة الثانية للأمير رينيه من بوربون بارما والأميرة مارجريت من الدنمارك ، وقد أمضت السنوات الأولى من حياتها مع والديها وأشقائها الثلاثة في فرنسا ، ولكن مع تصاعد التوترات بين ألمانيا وفرنسا واقتراب الحرب ، رحلت الأميرة – التي كانت تبلغ من العمر آنذاك 16 عامًا – مع عائلتها إلى إسبانيا في عام 1939م ، وبعد فترة وجيزة غادرت العائلة أوروبا واتجهت إلى الولايات المتحدة الأمريكية .واستقرت
العائلة في نيويورك ، وقد ذهبت آن إلى مدرسة في نيويورك ، ثم التحقت بمدرسة بارسون
للتصميم وقد تمكنت اختصار سنوات الدراسة الثلاثة في المدرسة في عامين فقط ، وفي
الوقت نفسه ومن أجل توفير نفقات دراستها حصلت على وظيفة مساعد مبيعات في سلسلة
متاجر مايسيز بنيويورك ، وفي وقت لاحق
عملت في متجر لبيع القبعات .ولكن مع اندلاع الحرب في أوروبا شعرت آن أن عليها واجب أكثر من مجرد الجلوس ومتابعة أخبار الحرب لذلك في عام 1943 م انضمت للقوات الفرنسية وعملت كسائقة سيارة إسعاف وممرضة ، وخلال فترة الحرب خدمت آن في الجزائر والمغرب وإيطاليا ولوكسمبورغ وألمانيا نفسها .و قد تمت
ترقية آن إلى رتبة ملازمة وحصلت على وسام كروا دو غوير الفرنسي الذي يمنح للأفراد
الذين يقومون بأعمال بطولية خاصة ، ولكن الأميرة لم تظل هكذا ولكنها سوف تصبح ملكة
قريبًا ! .فخلال
فترة وجودها في المغرب التقت الأميرة بمحض الصدفة مع أحد أبنا عمومتها والذي أصبح
زوجها المستقبلي وهو الملك ميخائيل الأول ملك رومانيا والذي تمت إزاحته من حكم
رومانيا ، ولكن الأمير في الواقع لم يرى أن في المغرب ، ولكن أثناء وجوده في لندن
لحضور حفل زفاف الأميرة إليزابيث (الملكة إليزابيث الثانية) على الأمير فيليب عام
1947م ، دخل إلى السينما لمشاهدة أحد الأفلام عن الحرب .وفي
الواقع لم تكن آن تشاهد الفيلم ولكنها بصورة ما كانت أحد الممثلين ، فقد كان الفيلم
يعرض لقطات للجيش الفرنسي في المغرب وقد ظهرت آن في بعض المشاهد وقد أعجب الملك
بآن وأخبر أمه بذلك وقد تحدثت إلى والدي آن ، وعندما أخبرت آن عن ذلك لم ترفض الفكرة
، ولكنها لم ترد لقائه عبر حدث رسمي ، لذلك رفضت في البداية فكرة حضور حفل زفاف
الأميرة ، فقد كانت آن غير واثقة من قدرتها على مواكبة الآداب الاجتماعية الملكية
المتبعة في مثل تلك المناسبات .ولكن في
النهاية أقنعها ابن عمها الأمير جان من لوكسمبورج أن تذهب إلى لندن ، وعندما وصلت
للفندق الذي يقيم فيه والديها وجدت الملك ميخائيل موجود هناك في نفس وقت وصولها ،
وبدلًا من أن تنحني آن لتحية الملك، خبطت كعبها في الأرض أثناء التحية ، وربما كان
نقص اللياقة هذا لدى آن سبب جعل الملك ميخائيل يتعلق بها أكثر ، وبدأ الاثنان
يقضون وقتهم معًا أثناء وجودهم في لندن .وقد كان
ميخائل مغرمًا بالطيران فدعاها لتطير معه في رحلة إلى سويسرا حيث كان يقل عمته
الأميرة إيرين دوقة أوستا إلى منزلها ، وهناك كانت آن وميخائيل لا ينفصلان تقريبًا
، وقد طلب الملك يدها للزواج بعد ستة عشر يومًا فقط من أول لقاء لهما .في البداية رفضت آن ، ثم وافقت وتزوجا بعد أسبوع واحد ولكن الملك لم يعلن بشك رسمي حتى يتمكن من إبلاغ حكومة رومانيا أولًا ، ولكن لسوء الحظ في 30 ديسمبر 1947م حاصر الجنود الشيوعيون قصر الملك وأجبروه على مغادرة البلاد مع قليل من الأشياء الثمينة ، ولكن ذلك لم يردع آن من الاستمرار في ترتيب حفل زفافها .ولكن في
الواقع كان هناك أخرى أمام إتمام الزواج ، فقد كانت آن كاثوليكية ، أما ميخائيل
فقد كان غير كاثوليكي ، وحتى يوافق البابا على زواجهم كان عليها أن تتعهد بأن يصبح
أطفالها كاثوليك ، وهو ما رفضه الملك ، لأن ذلك يخالف الدستور الروماني وقد فكر في
أنه ربما يعود يوما ما أو أحدًا من ذريته إلى عرش رومانيا .وقد أصرت آن على إتمام الزواج برغم رفض البابا ، وفي 10 يونيو 1948م تزوجا رسميًا في القصر الملكي في أثينا باليونان ، وقد رفضت الكنيسة الاعتراف بهذا الزواج ، ولكن في 9 نوفمبر 1966م تراجعت الكنيسة عن قرارها وسمحت لهما بالزواج مرة أخرى في كنيسة كاثوليكية .وعلى
الرغم من أن آن لم تتوج كملكة وأصبح زوجها بدون عرش ، إلا أن الجميع كانوا
ينادونها جلالة الملكة آن ، وقد عاشت هي والملك حياة بسيطة وأسسوا مزرعة للدجاج ،
كما كانت آن تبيع بعض لوحاتها ، كما عمل الملك في عدد من الوظائف منها وسيط أوراق
مالية .وقضى الزوجين ما يقرب من خمسة عقود في المنفى وأنجبا خمسة بنات ، وفي أواخر التسعينيات عادوا إلى رومانيا معًا وحصل الملك على بعض ممتلكاته منها قلاع سافارسين وبيليس الرائعة ، وقد حظى الزوجين بشعبية كبيرة في رومانيا ، وقد توفت آن عام 2016م في سن الثانية والتسعين ، وتبعها زوجها في عام 2017 م وهو في السادسة والتسعين من عمره .