محرقة الجثث هي قصة لشاب كان يعمل بدوام جزئي في حانوت عمه ، وكان الفتي على ما يرام حتى أتت جثة بعينها لتلك المحرقة التي يعمل بها ، فغيرت حياته 360 درجة ، وجعلته يصحو من نومه مفزوعًا كل يوم !كان جوني داب طالب فقير يحيا بحي متواضع ، وكان في حاجة إلى المال ليكمل دراسته العلمية ، حيث توفى والده منذ فترة قصيرة وكانت والدته مريضة ، لذا ذهب الشاب إلى عمه الذي كان يملك محرقة للموتى ، وطلب منه أن يمنحه عمل ليساعد به نفسه وأمه المريضة .فرحب به عمه وعرض عليه أن يعمل معه في المحرقة ، مقابل مبلغ كبير جدًا من المال ، وبالفعل وافق الشاب رغم خوفه الشديد من التعامل مع الموتى ، ولكن عمه قال له : أنه سيتعود بعد فترة على هذا العمل لذا لا داعي للقلق .وفى صباح أحد الأيام حينما كان الشاب ينظف المحرقة ، إذا بسيارة للموتى قادمة باتجاه المحرقة ، خرج منها رجل ضخم الجثة ببدله سوداء ونظارة أكثر سوادًا ، استدعى عمى فتركني وذهب ليتحدث معه .وبعد فترة ليست بطويلة استدعاني عمى ؛ لمساعدته في حمل التابوت الموجود بالعربة إلى المحرقة مباشرة ، استغربت كثيرًا في البداية ، لأنه في العادة يتم الإعداد أولًا للتابوت والجثة بالغرفة المجاورة ، وبعد ذلك تتم عملية الإحراق .ولكن لم يكن من عادتي طرح الأسئلة أبدًا ، لذا التزمت الصمت ووضعنا النعش أسفل على الأرض ، وبعدها ذهب عمى لإعداد الفرن لإحراق الجثة ، فوقفت وحدي مع الرجل الضخم والجثة ، كان الوقت يمر بطيئًا في صمت محرج ، فلم أكن اعرف ماذا أقول ، فافترضت أنه أحد أقارب المتوفي ، ولكني تعجبت حين لم أجد على وجهه أي علامات الحزن والتأثر لموت قريبه .وحينما أصبح الفرن جاهزًا حملت أنا وعمى النعش ، ورأيت أن الجثة التي بالداخل لشاب يبدو في الثلاثينيات من منتصف العمر ، والغريب أن كل الجثث التي كانت تأتي إلينا تكون شاحبة جدًا ، على عكس تلك الجثة التي كان فيها الشاب وجهه وردي .تعجبت من ذلك ولكن عمي نظر إليّ نظرة تهديد ، وقال هيا يا جوني وبعدها نقلنا التابوت بالجثة ببطء إلى الفرن المشتعل ، وأغلق عمي باب الفرن وبعدها ضغط زر البدء ، والطبيعي في هذا الأمر أن يستغرق إحراق الجثة ساعة تقريبًا ، قبل أن ينتهي كل شيء ويصبح رمادًا وبعد ذلك يتم جمع الرماد ووضعه في جرة حتى يمكن اعطائه للعائلة .وبعد أن قمنا بالعمل المطلوب ذهب عمى والرجل الغريب الضخم ذو البذلة السمراء إلى غرفة مجاورة ، وافترضت أنهم ينتهوا من الأوراق الرسمية للجثة ، وبعد حوالي 10 دقائق سمعت صوت ضوضاء غريبة تحدث داخل الفرن ، كأن هناك شخصٌ يطرق الباب .اعتقدت في البداية أنه مجرد خيال ، ولكن الصوت لم يتوقف يبدو أن الشاب الثلاثيني كان يريد الخروج من الفرن ، أصبحت في حالة رعب شديدة ، وبت على يقين أن الشاب بالداخل مازال على قيد الحياة وهو يحاول الخروج الآن .فخرجت إلى عمى مسرعًا ، وقلت له وللرجل الضخم : إن الشاب بالفرن مازال حيًا وهو يحاول الخروج ، وطلبت من عمي أن يفتح له ، ولكن الرجل الغريب نظر لي بحدة وقال : هذا مستحيل أنه متوفى تمامًا ، توقف يا فتى عن هذا الهراء لابد أنك مهووس ولا تدري ماذا تقول ، فصمت ولكني كنت متأكد أنه ما زال حيًا ولم استطيع أن افعل له شيء ، وتدريجيًا بدأ الصوت يقل والضجيج يخفت حتى تلاشى تمامًا .وبعد ساعة تقريبًا فتح عمي الفرن ، وجمع الرماد ووضعه في جرة صغيرة ، فأخذه الرجل الضخم ونظر إلى وهو يبتسم ابتسامة واسعة ، وبعدها عاد إلى سيارته وما هي إلا لحظات واختفى بعيدًا .وفى ختام اليوم أعطاني عمى مظروفًا مليء بالمال ، وقال لي : إياك أن تتحدث لأي شخص بما حدث ، وبعدها لم نتحدث أبدًا عن تلك الحادثة ، وحتى هذا اليوم مازال يطاردني صوت الشاب من داخل الفرن ، واصحوا مفزوعًا من نومي على صوت طرقاته .