تشتاق أرواحنا لمن رحلوا عنا ، فيظلوا في وجداننا لا يفارقوننا طوال الوقت ، مما يتسبب في تبلور أحلامنا حلوهم هم فقط ، وقد يعتقد الكثيرون منا بأن الحلم أو روية الميت ، هو مجرد عقل باطن أدمن التفكير بمن رحل ، ولكن هل تعلم بأن الراحلون يمكنهم أن يرسلون إشارات وعلامات ، لذويهم أو لمن لديهم قدرات خاصة ، تجعلهم مستبصرون بعالم الموتى ، لتوصيل رسالة ما ؟ هذا هو ما حدث مع نيمفا ديجايا .نيمفا ديجايا سيدة ثلاثينية ، وأمًا لأربعة من الأبناء ، عملت على تعليمهم وتربيتهم بكل ما استطاعت من قوة ، ولكن في المقابل لم تُرزق زوجًا وأبًا جيدًا لأبنائها هؤلاء ، فكان زوجها فيمن عاطلاً عن العمل ، وسكير وشديد العنف معها ومع الأبناء الصغار .لم تكن حياة الزوجين جيدة ، وغير صالحة لتربية الأبناء خاصة أن نيمفا ، كانت تأوي شقيقتها الصغرى أيضًا ، عقب وفاة والديهما ، فما كان للصغيرة مكانًا غير بيت شقيقتها نيمفا .في أحد الأيام استيقظ الأبناء فلم يجدوا نيمفا ، هكذا بكل بساطة اختفت نيمفا ، وبسؤال زوجها عنها ، أقر بأنها تشاجرت معه وحملت حقائبها ، وانطلقت لبعض أقاربها في دولة مجاورة ، طلبًا لبعض المال وذلك لضيق اليد .بالطبع اندهش الأبناء لأمهم أن تتركهم هكذا دون أن تودعهم! وعلى مدار ستة أشهر متواصلة ظل الأبناء في سؤال دائم عن أمهم ، ولا يحصلون على إجابة فوالدهم لا يعرف طريق أقاربها ، وليس لديه أية معلومات بشأن سفرها ، هي فقط أخبرته سريعًا قبل أن تغادر البلدة .على الرغم من صدق ومنطقية الرواية التي رواها فيمن ، إلا أن الجيران والأبناء من واقع معرفتهم بنيمفا لم يصدقوه ، قد يكون ذلك لأنه سكيرًا ، ومتعاطيًا للمخدرات فلم يأخذوا على كلامه .وفي أحد الأيام حلم أحد جيران نيمفا ، حلمًا غريبًا بشأنها ، فقد رآها تقوده إلى المصرف الصحي ، القابع بالقرب من منزلها وتشير إليه ، ليستيقظ الرجل وهو يتصبب عرقًا ، ويشعر أن الأمر كله لا يتعدى حدود عقله الباطن .عقب هذا الحلم بعدة أيام ، مات ابن نيمفا الأصغر جراء حادث دهس بالسيارة ، وبعد أن تمت إجراءات دفن الصغير ، كان الجميع في غاية الدهشة ، كيف لم تعد نيمفا إلى المنزل ، عندما علمت بوفاة ابنها ! الأمر غريب وليست تلك هي شخصية الأم التي يعرفونها ، منذ سنوات طويلة .بالطبع تزايدت التساؤلات وراح كل منهم يضع فرضية ، لاختفاء تلك السيدة المفاجئ ، فجلس بينهم إلياندرو جار نيمفا ، وقصّ عليهم الحلم الذي رآه قبل بضعة أيام ، فتفاجأ إلياندرو بأن ابنة نيمفا ، قد رأت نفس الرؤيا منذ أيام أيضًا ، ولم يكونا وحدهما هم من رأوها في الحلم ، فقد شاهد شبح نيمفا في الحلم أكثر من عشرين شخصًا من جيرانها .عقب أن روى الجميع رأياهم ، اقترح أحدهم أن يذهبوا إلى المصرف جميعًا ليروا ما فيه ، وبالفعل اجتمعوا سويًا وانطلقوا نحو المصرف ، ليكتشفوا جثة نيمفا داخله ، بنفس الثياب التي كانت ترتديها قبل وفاتها بعدة أيام ! بالطبع هي جثتها .مع تحريات رجال الشرطة وتحقيقاتهم ، تم إلقاء القبض على زوجها فيمن ، ليتم توجيه بعض الأسئلة إليه ، ولكنه ولدهشة المحققين اعترف بقتل زوجته ، نتيجة الخوف الذي سيطر عليه إثر إلقاء القبض عليه ، وظن أنهم قد عرفوا الحقيقة ، فأبلغهم بأنها كانت قد اكتشفت اغتصابه لشقيقتها الصغرى ، وقامت برفع دعوى قضائية ضده ، وعندما علم بالأمر تشاجر معها وضربها بعنف مثل كل مرة ، ولكن في تلك المرة ماتت نيمفا وما كان منه سوى أن يخفي جثتها حتى ينج بنفسه .وهكذا كان لشبح نيمفا دورًا ، قويًا وملحوظًا في العثور على جثتها ، والقبض على قاتلها أيضًا ، فيالها من مفارقة حقًا .