كانت نهاية حقبة السبعينات من القرن المنصرم ، مليئة بالمزيد من الخوف والحزن للعديد من العائلات في منطقة أتلانتا ، حيث فقدت العديد منهم أبنائهم خاصة من ذوي البشرة السوداء ، وعُثر على جثثهم واحدًا تلو الآخر في أماكن متفرقة بالمدينة ، عقب أيام قليلة من اختفائهم ، وكانوا جميعهم قد قتلوا خنقًا.اشتبه العديد بالفعل في بعض ذوي البشرة البيضاء من العنصريين المتعصبين ، ولكن الأدلة لم تفلح في إثبات تلك الإدانات فاتجهت الشرطة إلى تكثيف العمل ، والتفكير بأن من يقوم بتلك الأفعال هو أسود البشرة أيضًا ، فلم لا وقد كان هؤلاء يقبعون في مناطق خاصة بهم ، لا يدخل إليها سواهم من ذوي البشرة السوداء أيضًا.البداية :
بدأ المجرم سلسلة جرائمه التي استهدف فيها ، قتل الأطفال والمراهقين وكانت أولى جرائمه ، هو مقتل الطفل إدوارد سميث ذو الأربعة عشر عامًا ، والذي اختفى في أحد الأيام وظلت عائلته تبحث عنه دون جدوى ، إلى أن ظهرت جثته عقب الاختفاء بيومين ليجده أحد الحراس بحديقة عامة ، وكانت تبدو عليه علامات الاختناق .سلسة جرائم :
لم يكن إدوارد هو الضحية الوحيدة للسفاح ، فقد عانت أتلانتا من سلسلة جرائم متشابهة حيث اختفي العديد من الأطفال ، وكانت الجثث تتوالى الواحدة تلو الأخرى إما بحديقة عامة ، أو داخل مرآب سيارة ، أو أمام منزل الضحية نفسها ، أو هيكل عظمي فوق الجسر ، أو جثة متحللة في موقع بعيد ، وربما قد اتخذ القاتل هذا الإجراء ليضلل الشرطة بعيدًا عنه .وفي أحد الأيام أبلغ أحد الشهود ، بأن أحدهم قد ترجّل من سيارة زرقاء اللون ، ووقف يتحدث مع طفلة صغيرة من شرفة منزلها ، ثم تلقفها بين يديه ووضعها داخل السايرة ، التي كان يقودها شخص آخر أسود البشرة أيضًا ، ثم انطلقا ولم تعثر العائلة على الطفلة ، سوى بعد عدة أيام وقد تعرضت للموت شنقًا .توالت البلاغات لشهود العيان ، عن رؤيتهم لبعض الضحايا قبل الإبلاغ عن فقدانهم ، وهم يتحدثون إلى أحد الأشخاص وهو يقود سيارة زرقاء اللون ، ولكن سيدة أو شاهدة واحدة فقط هي من أبلغت عن نوع السيارة بأنها شيفروليه .كثّفت الشرطة جهودها وقاموا بالانتشار في كافة الأماكن العامة وبالقرب من المدارس ، وفكروا بأن السفاح قد يقوم بتغيير مخططاته ليلقى بالجثث في المياه ، لذا نشرت الشرطة رجالها فوق الجسور ، وأمعنوا النظر ليستطيعوا إلقاء القبض على هذا السفاح ، الذي روّع الآمنين طوال عامين .في إحدى الليالي الهادئة من المارة ، توقفت سيارة شيفروليه فوق أحد الجسور وألقى أحدهم بشيء ما في المياه ، لم ينتبه إليه الضباط إلا أن أحدهم قد سمع صوت ارتطام شيء بالمياه ، فأبلغ زملائه ولاحقوا السيارة التي استدارت عائدة من حيث أتت ، وعلى بعد ميلين تم توقيف السائق وإلقاء القبض عليه .واين ويليامز:
بتوقيف قائد السيارة تم التعرف عليه بأنه واين ويليامز الذي يعمل بالصحافة ويملك محطة إذاعية خاصة به ، ويعمل كمتهد إعلانات ، وباستجوابه أقر أنه قد كان ذاهبًا في موعد لرؤية إحدى عارضات الأزياء ، ولكن بفحص الرقم الذي أعطاه لرجال الشرطة تبين أنه خاطئ ، وأنه لا توجد عارضة أزياء بالأرقام القريبة من نفس الرقم.جدير بالذكر ، أن حالات الاختطاف والقتل قد توقفت في الفترة التي تم إلقاء القبض فيها على ويليامز ، ولكنه أصر على براءته من تلك الجرائم ، رغم فشله في إثبات أماكن تواجده في الفترات التي قتل فيها أغلب الضحايا ، وفشل في المرور من اختبار كشف الكذب ثلاث مرات متتالية.وعقب يومين من التحقيق معه ، طفت جثة لشابة في الثلاثين من عمرها على سطح المياه ، أسفل الجسر الذي كان قد توقف عنده ويليامز ، وكانت هي الضحية الأخيرة لهذا السفاح.قال واين أنه بريء وأنه لم يفعل تلك الجرائم ، وأن توقفه لم يكن سوى لتعديل وجثه ليس أكثر ، ومع فشله في إثبات براءته تمت محاكمة واين وأدين بالقتل وتم الحكم عليه بالسجن مدى الحياة ، لتنعم عائلات الضحايا بالراحة أخيرًا ، حيث قاموا باسترداد حقوق أبنائهم.وفي النهاية لابد من الإشارة إلى أن سيارة واين كانت شيفروليه بيضاء اللون ! وليست زرقاء ، كما أنه قد تم إلقاء القبض على واين وحده وليس معه أي شخص آخر ، فهل حقًا واين بريء من قتلهم ، أم أنه يفتعل ذلك نتيجة تهديد أو الحصول على المال ؟ لا أحد يعلم حتى الآن ، ولكن ملف القضية قد أغلق بإدانته .